من أنا

صورتي
ابو وائل
" إذا خانتك المبادئ ، تذكر قيم الرجولة " قولة عظيمة لرجل عظيم...لا يكون الا عربيا!
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

للاتصال بالمحرر:

whamed6@gmail.com

هل تعتز بانتمائك الى امة العرب ؟

اذا كنت تعتز بانتمائك الى امة العرب..نقترح عليك خدمة بسيطة ، تطوعية ونبيلة..وهي ان تعرّف بمدونة صدى الايام عبر نشر رابطها في مواقعك والمواقع الاخرى ولفت النظر الى منشوراتها الهامة والحيوية..وان تجعلها حاضنة لمقالات المهتمين بشأن امتنا - عبر بريد المحرر-واننا شاكرين لك هذا الجهد.

فسحة مفيدة في صفحات صدى الايام وعبر ارشيفها







نصيحة

لاتنسى عزيزي المتصفح ان تؤدي واجباتك الدينية..فمدى العمر لايعلمه الا الله..وخير الناس من اتقى..قبّل راس والدك ووالدتك واطلب منهما الرضى والدعاء..وان كانا قد رحلا او احدهما..فاطلب لهما او لاحدهما الرحمة والمغفرة وحسن المآل..واجعل منهجك في الحياة الصدق في القول والاخلاص في العمل ونصرة الحق انّى كان

ملاحظة

لاتتعجل عزيزي الزائر..خذ وقتا إضافيّا وعد الى الأرشيف..فثمة المفيد والمثير الذي تحتاج الاطلاع عليه..ملفات هامة في الاسلام السياسي..في العقائد الدينية الفاسدة والشاذة..في السياسة العربية الرسمية..في مواضيع فكرية وفلسفية متنوعة..وثمة ايضا..صدى ايام الثورة العربية الكبرى




إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

لفت نظر

المقالات والابحاث والدراسات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن وجهة نظر ادمن المدونة

سجل الزوار

 

يوميات الجنود الامريكان في بلاد الرافدين /فاروق يوسف



هذا كتاب لا يقرأ لكن لا يمكن تفاديه. عفوا لا أقصد أنني لا أنصح بقراءته (لو استطعت لفعلت) ذلك لأنه يجب أن يقرأ، مثلما يجب أن يتناول الأطفال المرضى الدواء المر. لو استطاع المرء تفادي قراءته لكان ذلك أفضل له، يكون الجهل أحيانا نعمة. من يحتاج إلى ألم مضاف عليه أن يقرأ عددا من صفحاته، أما من يقرأ الكتاب كله فسيجد العالم من حوله مظلما وضيقا ووحشيا والحياة كذبة لا تستحق أن نثق بها. ما أود قوله أن قراءة كتاب (يوميات الجنود الأمريكان في بلاد الرافدين) المترجم بلغة بثينة الناصري ليست يسيرة. كتاب سيئ بسبب سوء أخلاق أبطاله، وصعب بسبب قسوة ما يجري فيه. هل يمكن أن تكون قراءة كتاب عن جريمة قتل لا تستثني أحدا من شعب كامل، فيما القتلة مطلقو السراح مسلية؟ وإذا ما عرفت عزيزي القارئ أن القتلى هم أهلي وأهلك، فان معرفة حقيقة ذلك القتل وتفحص وقائعه عن قرب تكون أشد قسوة. ود المرء لو تفقأ عيناه، لو تصم أذناه، لو توقف قلبه عن النبض قبل أن يرى ويسمع ويشعر بما جرى هناك. لقد حدث في العراق شيء هو أشبه بالمحو لتاريخ عظيم، كانت كفاحات الإنسان مادته منذ فجر الوعي. دفنت هناك سيرة العدالة والمساواة والإخاء، وسواها من حقوق الإنسان تحت بساطيل الغزاة. كل سطر في هذا الكتاب يجعلني أشعر أن ما جرى في العراق بعد احتلاله ليس درسا ولا خطأ، بل مؤامرة مبيتة ومخططاً لها لإهانة الإنسان (بمعناه المطلق)، وتدنيس كل فكرة نبيلة، واحتقار القيم التي نادت بها الشرائع السماوية واحتضنتها الثورات البشرية الحالمة، بدءاً من الثورة الفرنسية وليس انتهاء بالديمقراطيات الرومانسية في أمريكا اللاتينية. ما يكتبه الجنود الغزاة يجعلنا نشعر أن البشرية لم تتعلم شيئا من المجزرة النازية، ومن مذابح رواندا والخمير الحمر. هناك غاليغولا لا يزال يتحرك خفية، وهو في انتظار الفرصة المناسبة لكي يبدأ فصلا جديدا من فصول جريمته. وما (بوش) إلا نوع من غاليغولا الذي عرف كيف يختار أشباهه ليرسلهم إلى العراق من أجل تنفيذ جريمته. الموت قتلا لا يمكن اختزاله من أجل التعبير عنه. (لقد قتلنا الجميع قلت لقائدي: انه يوم سيء، فرد قائلا: لا انه يوم جيد). جملة تدفع بنا إلى أعماق الجحيم. لقد جاؤوا من أجل القتل. ما الذي يمكن أن ننتظره من (إنسان) قرر أن تكون مهنته القتل؟ لم يزيف القتلة أفعالهم. لم يتكلم أحد منهم عن الحرية ولم يذكروا العراقيين إلا في صفتهم أعداء. (وبدأت أطلق النار على المباني كلما رأيت أحدا. في تلك اللحظة كان الجميع أعدائي، ما عدا أبناء بلدي). وحوش يثيرها مشهد الدم والجثث والأعضاء البشرية المتفحمة والمقطوعة والأشلاء المتناثرة. مرضى نفسيون جمعهم بوش ليترك من خلالهم بصمته على التاريخ: عدوا لكل ما أنتجته العقول والكتب والجامعات والمختبرات ومواقع البحث العلمي ومعامل الأدوية والمكتبات والشعراء والمسارح والأسفار والكتب المقدسة ومغامرو الفضاء الحالمون بكواكب أخرى، والأنبياء من رؤى تحث على الإعلاء من كرامة الإنسان، كونه وريث هذه الأرض. لقد ظهر (بوش) في صفته زعيما لعصابة من المجرمين عدوا لفكرة الخلق الإلهي. لو عرفت البشرية بما جرى في العراق بشكل تفصيلي لبكت الدهر كله شعورا منها بالعار والخزي. أيمكن أن يحدث كل هذا للناس في عصر ما بعد الحداثة؟ سؤال يدمر الرأس حقا. بلاد كلها صارت عبارة عن سجن (أبو غريب). ذلك المكان المرعب الذي ما هو إلا عينة صغيرة من الخراب الإنساني الذي حدث في العراق. هناك ملايين من البشر كلهم سجناء مهانون معرضون للإذلال الذي اهتز الضمير العالمي إزاءه، بل وللقتل من قبل فرق الموت المأجورة من مختلف أنحاء العالم. حفلة واسعة للقتل، كان العراق ولا يزال ملعبها. ما حدث في العراق هو إهانة للبشرية في كل ما فعلته من أجل أن ترتقي وتبدأ مسيرتها بعيدا عن نقطة الصفر الحيوانية. ومن المفارقة المؤلمة أن تلك الخطوة المؤسسة ما كان لها أن تلقى لولا العراق، فهو مخترع الكتابة والعجلة والقوانين. فصول من العنف متلاحقة كان العراقيون مادتها. سكان البلاد الأصليون، الذين وهب أجدادهم الحضارة الإنسانية أسباب التقدم صاروا هدفا للقتل. الآن لا ينفع الندم. لا يزال الدم المسفوح ساخنا. لا أحد من العراقيين يجد أهمية في سؤال من نوع : لماذا تقتلني؟ لقد حضر الأمريكان إلى العراق ليقتلوا :(إن العراقيين رأونا ونحن نهين أمواتهم طوال الوقت، كنا نتحلق حول جثثهم المتفحمة نمثّل بهم، نركلهم خارج السيارات، ونضع سجائر في أفواهم. كما رأيت مركبات تدوسهم. وكان عملنا تفتيش جيوب العراقيين القتلى لنجمع معلومات، وكنت أشاهد أيضا المارينز وهم يسرقون السلاسل الذهبية والساعات والمحافظ المليئة بالنقود). يمكنني أن أرى قتلي، جثتي لو كنت هناك.. لم لا، فأنا عراقي يحق للغزاة أن يقتلوه في أية نقطة تفتيش. (ما أسهل أن تقتل عراقيا). يقول آخر: (كان يوما جيدا قتلنا الكثير من الأبرياء). الذي لا أفهمه ولا يزال يصدمني هو موقف بعض المثقفين العراقيين، وبالأخص من ادعى الانتماء إلى اليسار السياسي منهم في أوقات سابقة (البعض منهم لا يزال مصرا على شيوعيته الزائفة). أتذكر أن عددا منهم أرسلوا برقية شكر إلى (بوش) لأنه احتل بلادهم. فيما بعد أصدر مئة منهم بيانا ليبينوا من خلاله موقفهم مما تشهده بلادهم من خراب. لم يتطرق ذلك البيان ولو بكلمة واحدة إلى الاحتلال. كتب الكثيرون منهم مقالات عن عودتهم الخائبة إلى بلد لم يجدوه لكن ما من كلمة في مقالاتهم تلك تشير إلى المحتل ولو مجازا. الأقسى من كل ذلك أن بعضهم أصدر كتبا كانت هي الأخرى خالية من ذكر المحتل. لا أريد التعليق لكن بربكم أيها القراء ما معنى كل هذا؟ أعينوني على الفهم. الأخوة (الذين هم في حقيقتهم أعداء) لا يستسيغون أن توجه إليهم كلمات من نوع (خيانة) و(عمالة) ولكن بماذا يوصف كل هذا العمى الأخلاقي؟ كتاب بثينة الناصري يجيب على مثل هذا السؤال وأسئلة مجاورة أخرى. موظفو البنتاغون العراقيون كانوا أسوأ من الكتاب الأمريكيين المتحمسين للغزو. حتى بوش نفسه يبدو أفضل حالا من أولئك العراقيين الذين قرروا أن ينتقموا من أهلهم. ففي الوقت الذي لا يجد بوش فيه حرجا في ذكر كلمة الاحتلال فإن أحد المثقفين العراقيين وهو مترجم مشهود له بالبراعة قد ابتكر تسمية أخرى للاحتلال حين كتب: الحضور الأمريكي في العراق. وهو بذلك إنما يعبر عن تهذيبه الأخلاقي بعكس ما فعله منتظر الزيدي حين رشق بوش بحذائه. (لماذا تفعلون بنا هذا؟) تقول الطفلة العراقية للجندي الأمريكي بلغة انكليزية واضحة. فيما يكتب جندي آخر: (نظرت أمامي على مسافة على الجسر فرأيت طفلين على بعد مئة إلى مئة وخمسين مترا مني، كان الاثنان يحملان كلاشنكوف، أحدهم كان في سن العاشرة والثاني في حوالي السابعة. كانا يطلقان النار علي). تلك النار التي أطلقها الطفلان لن تصيب الجندي الأمريكي وحده، بل إنها تصيب في طريقها إليه الغبار الذي يتطاير من بسطاليه. أجد أن من الضروري أن يقرأ كل مثقف عراقي ضللته الدعاية الأمريكية كتاب بثينة الناصري، أما الخونة فانه لا ينفعهم. ذلك لأن ما فعلوه كان أقسى مما فعله أكثر الجنود الأمريكان قذارة.

0 التعليقات:

إرسال تعليق




الارشيف

المتواجدون الآن