من أنا

صورتي
ابو وائل
" إذا خانتك المبادئ ، تذكر قيم الرجولة " قولة عظيمة لرجل عظيم...لا يكون الا عربيا!
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

للاتصال بالمحرر:

whamed6@gmail.com

هل تعتز بانتمائك الى امة العرب ؟

اذا كنت تعتز بانتمائك الى امة العرب..نقترح عليك خدمة بسيطة ، تطوعية ونبيلة..وهي ان تعرّف بمدونة صدى الايام عبر نشر رابطها في مواقعك والمواقع الاخرى ولفت النظر الى منشوراتها الهامة والحيوية..وان تجعلها حاضنة لمقالات المهتمين بشأن امتنا - عبر بريد المحرر-واننا شاكرين لك هذا الجهد.

فسحة مفيدة في صفحات صدى الايام وعبر ارشيفها







نصيحة

لاتنسى عزيزي المتصفح ان تؤدي واجباتك الدينية..فمدى العمر لايعلمه الا الله..وخير الناس من اتقى..قبّل راس والدك ووالدتك واطلب منهما الرضى والدعاء..وان كانا قد رحلا او احدهما..فاطلب لهما او لاحدهما الرحمة والمغفرة وحسن المآل..واجعل منهجك في الحياة الصدق في القول والاخلاص في العمل ونصرة الحق انّى كان

ملاحظة

لاتتعجل عزيزي الزائر..خذ وقتا إضافيّا وعد الى الأرشيف..فثمة المفيد والمثير الذي تحتاج الاطلاع عليه..ملفات هامة في الاسلام السياسي..في العقائد الدينية الفاسدة والشاذة..في السياسة العربية الرسمية..في مواضيع فكرية وفلسفية متنوعة..وثمة ايضا..صدى ايام الثورة العربية الكبرى




إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

لفت نظر

المقالات والابحاث والدراسات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن وجهة نظر ادمن المدونة

سجل الزوار

 


التاريخ المتوحش للتفكير الأسطوري

نديم الوزه
لم يكن عصر الأسطورة ( من 20000 إلى 4000 ق.م )، عصر انسجام و روحانية أكثر مما هو عليه الآن. حتى أنّ إنسان ذلك العصر لم يكن يفكّر على هذا النحو بقدر ما كان يفكّر بمستوى ما توصّل إليه فكره من تطّور آنذاك، و هو مستوى متدنّ على أية حال : أولاً بتفسيره للظواهر، و ثانياً بكيفية تعامله معها. و هو في ذلك لم يكن يتعدّى ثيمة المحاكاة للطبيعة، الطبيعة الموضوعية من جهة، و طبيعته الإنسانية التي لم يكن يميّز من خلالها بين الحلم و اليقظة من جهة. و على هذا الأساس من التماهي بين الواقع الحقيقي و الواقع المتوهم نشأت الأسطورة، و كان من الطبيعي أن تكون طقسية، و ربما بشكل من الأشكال كانت أحداثها ممسرحة لتحاكي بأمانة كلّ ما كان يعيشه الإنسان الحجري في يقظته أو في حلمه. و كان من البديهي أن ينشأ من هذا الوعي الأسطوري ما يسمّى بالآلهة الشريرة أو الخيرة بحسب ما كان يعاني منه أو يخافه.. و ربما لم تكن هذه الآلهة في جوهرها سوى صور مشوّهة أو متخيّلة عن قوى الطبيعة مما كان يراه الإنسان في أحلامه.
طبعاً مع مرور الأيام تبيّن أنّ الآلهة لا تسعف البشر في كثير من الأحيان، بل ربما هي غالباً ما كانت تدأب على معاقبتهم و ذلك لضعفهم على الأرجح. لذلك أخذوا في عصر الحضارات الأولى ( من حوالي 4000 إلى 800 ق.م ) يطوّرون من أدواتهم، و يبنون منازلهم و يتجمعون أكثر فأكثر في قرى ومدن تمكنهم من التمايز عن الطبيعة و مجابهتها،مما اضطرهم إلى إعادة التفكير في آلهتها،و ربما مجاراتها من خلال الكتابة.. و ربما أهم ما توصّل إليه الإنسان في هذا العصر هو تحدّي هذه الآلهة و محاربتها بعد شخصنتها على مثاله، و لما كانت هذه المجابهة وهمية و لا تصبّ في مصلحته أخذ بالابتعاد عنها شيئاً فشيئاً، و لاسيما بعد أن فشل بالوصول إلى دلمون ليشاركها حياة الخلود كما تروي أسطورة جلجامش.
تطوُّر الفكر الأسطوري كان مرتبطاً دائماً بتفسير الوجود و مصير الإنسان بعد الموت لذلك لا غرابة أن يستمر هذا الفكر في العصر المحوري ( من حوالي 800 إلى 200 ق.م ) على شكل تصورات للنشوء و الخلق لم يستطع العقل تفسيرها أو البرهنة عليها، فبقيت في حيز الارتياب و الشكّ. بهذا الاحتكام إلى العقل انقلب الفكر الأسطوري رأساً على عقب فبدل أن كان الإنسان يبحث عن أصله في الآلهة صارت الآلهة تبحث عن الإنسان و لكن من خلال الثغرات التي يتركها تفكيره من غير تفسير محدد، لينتصر العقل في النهاية مشككاً بطبيعة الآلهة، بل منهياً وجودها، لصالح إله واحد. بهذا الإله الواحد خاضت اليهودية صراعها المرير ضدّ الآلهة الأسطورية في بلاد النيل، ومن ثمّ في سوريا و بلاد الرافدين كفكر جديد كان من الصعب تقبّله. بينما حافظ الفلاسفة اليونانيون على مسافة سلمية مع آلهتهم و إن كانوا شديدي الريبة و الشكوى منها. و عزّز الفكر الديني الآسيوي من محورية الإنسان في الوجود ليس باعتباره خليفة الإله في الأرض وإنما بطريقة توصله إلى الحقيقة المطلقة من خلال تأمله الذاتي.
سجّل العصر ما بعد المحوري ( من حوالي 200 ق. م إلى 1500 ب.م ) ارتكاس اليهودية من خلال إعادة تمثلها للفكر الأسطوري الذي نشأت فيه.و لم تفعل المسيحية سوى إعادة التذكير بالإله الواحد حتى عاودت خلق أساطيرها.و كذلك الإسلام الذي لم يكد ينهي تدوين القرآن حتى بدأت القوى المتصارعة على الخلافة و الملك تحاول صياغته من خلال تأويلات أسطورية لزعمائها. و بذلك تحوَّل الفكر الأسطوري - على الرغم من محاولة تطويره من قبل الأنبياء و الفلاسفة- من رؤية متدنّية للوجود إلى إيديولوجيا مزيفة لخداع أتباعها.
لكن كي تستوفي الأديان حقها باعتبارها ثورات فكرية و أخلاقية ينبغي التنويه أن الإسلام لم يختم عصر النبوات إلا ليبشّر بطريقة جديدة للتفكير، و ربما كان القرآن من أكثر الكتب المقدسة اعتناء بالوجود توصيفاً و تصوراً علمياً أكثر من اعتنائه بكيفية خلقه حتى يمكن للقارئ أن يتأمل هذه الآية بشيء من التبصّر "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء" سورة فاطر{28}. ما ينبغي قوله اعتماداً على ذلك إنّ أمل البشرية في الخلاص لم يعد الأنبياء و إنما العلماء. و ربما هذا ما يفسر ازدهار العلوم في الحضارة الإسلامية، و لكن لتنتعش الأسطورة في الحيز الفاسد منها و هي السياسة... و ربما هذا ما يتكرّر في العصر الحديث ( من 1500 إلى 2000 ) مع اختلاف جوهري يتعلق بمرجعية الفكر الأساسية و هي العلم.
بيّن العلم و بشكل نهائي زيف التفكير الأسطوري باعتباره وهماً لا يمكن إثباته، بل أثبت علم النفس أنّ الأساطير ما هي سوى ارتكاسات مرضية يختزنها الوعي الجمعي، و يتوجب معالجتها و الشفاء منها: عقدة أوديب... ميديا... جلجامش... تموز و عشتار... هاملت... و غيرها... إلى آخره، و هي نتاج مجتمعات بدائية أو مستبدة، عزّز استمرارَ وجودها في الذاكرة شعور الإنسان بالإثم من تاريخه المتوحش و رغبته الدائمة بالتطهّر. لكنّ العلم لم يستطع، للأسف، أن يوقف هذا التاريخ الدموي،لسبب بسيط هو تمكّن الإيديولوجيا الأسطورية من القوى المستبدة في العالم، و لكن من غير مسوّغ إنطولوجي يُروحِن جرائمها ضدّ الإنسانية: استعباد الزنوج، التطهير العرقي للهنود الحمر، نهب ثروات الشرق، المحارق النازية... و هذا ما انعكس سلباً على المعنى الوجودي للإنسان الغربي، فصاغ ألبير كامو في مستعمرته الجزائر أسطورة العبث، و تمثّل ت.س.إليوت خراب الأساطير القديمة بمعادلاتها الحديثة في أرض الهنود الحمر، و وجد بابلو بيكاسو أن ما تقوم به قوى الشرّ الحديثة أكثر وحشية من الأساطير ذاتها فرسم لوحته "غيرنيكا"، و ربما لتبرير كلّ ذلك كتب جميس جويس روايته "عوليس" ذلك أنّ ما قام به الغرب الاستعماري لا يمكن تقبله بالفعل إلا من خلال تاريخ أسطوري لشدّة دمويته و وحشيته التي لم تزل مستمرة في فلسطين و لبنان والعراق.. و ربما هذا ما تحاول كارين آرمستترونغ أن تراوغ نفسها به،من خلال كتابها" موجز تاريخ الأسطورة". فعلى الرغم من مادته التأريخية القيمة لسيرورة الأسطورة و صيرورتها و التي تمّ احترامها في هذا المقال ، بدت و كأنها تدسّ السمّ في العسل بذكرها للحقائق و تجاهلها، محاولة بقصد أو بغيره أن تتناسى أو تتجاهل بأنّ رواية مثل "أولاد حارتنا" لنجيب محفوظ أعادت كتابة هذا التاريخ الأسطوري في أرضه الخصبة للشرق الأوسط و لكن بما ينقضه، لكي تبشّر هذه الرواية بمستقبل علميّ للبشرية، قد يخلو من الأمراض الوهمية للأسطورة، لكنه لن يخلو من الخيال أو الحدس أو حتى الأخلاق!
كتب هذا القال اعتماداَ على كتاب: موحز تاريخ الأسطورة. تأليف: كارين آرمستترونغ. ترجمة: أسامة إسبر. الناشر: دار بدايات، جبلة، سوريا، الطبعة

0 التعليقات:

إرسال تعليق




الارشيف

المتواجدون الآن