من أنا

صورتي
ابو وائل
" إذا خانتك المبادئ ، تذكر قيم الرجولة " قولة عظيمة لرجل عظيم...لا يكون الا عربيا!
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

للاتصال بالمحرر:

whamed6@gmail.com

هل تعتز بانتمائك الى امة العرب ؟

اذا كنت تعتز بانتمائك الى امة العرب..نقترح عليك خدمة بسيطة ، تطوعية ونبيلة..وهي ان تعرّف بمدونة صدى الايام عبر نشر رابطها في مواقعك والمواقع الاخرى ولفت النظر الى منشوراتها الهامة والحيوية..وان تجعلها حاضنة لمقالات المهتمين بشأن امتنا - عبر بريد المحرر-واننا شاكرين لك هذا الجهد.

فسحة مفيدة في صفحات صدى الايام وعبر ارشيفها







نصيحة

لاتنسى عزيزي المتصفح ان تؤدي واجباتك الدينية..فمدى العمر لايعلمه الا الله..وخير الناس من اتقى..قبّل راس والدك ووالدتك واطلب منهما الرضى والدعاء..وان كانا قد رحلا او احدهما..فاطلب لهما او لاحدهما الرحمة والمغفرة وحسن المآل..واجعل منهجك في الحياة الصدق في القول والاخلاص في العمل ونصرة الحق انّى كان

ملاحظة

لاتتعجل عزيزي الزائر..خذ وقتا إضافيّا وعد الى الأرشيف..فثمة المفيد والمثير الذي تحتاج الاطلاع عليه..ملفات هامة في الاسلام السياسي..في العقائد الدينية الفاسدة والشاذة..في السياسة العربية الرسمية..في مواضيع فكرية وفلسفية متنوعة..وثمة ايضا..صدى ايام الثورة العربية الكبرى




إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

لفت نظر

المقالات والابحاث والدراسات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن وجهة نظر ادمن المدونة

سجل الزوار

 

احتمالات استقرار الوضع الامني بعد انسحاب امريكا من العراق/المعهد العربي للبحوث...





دراسة احتمالات استقرار الوضع الأمني بعد الانسحاب الأمريكي من العراق -
قضايا عالقة ومعالجات أنية تنبئ عن تفجر الوضع من جديد
إعداد: المعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية، قسم البحوث والدراسات
بقلم: رائد فوزي احمود
يونيو – 2009م

جميع الحقوق محفوظة للمعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية
لا يجوز نشر أي جزء من هذه الدراسة أو اختزان مادته بطريقة الاسترجاع أو نقله على أي وجه أو بأية طريقة إلكترونية أو ميكانيكية أو بالتصوير أو بالتسجيل أو بترجمته إلى أي لغة كانت أو بخلاف ذلك، إلا بموافقة خطية من المعهد العربي للبحوث والدراسات الإستراتيجية.
ص.ب: 3769 - 11821
عمان – المملكة الأردنية الهاشمية
هاتف: 9626 5829601
فاكس: 9626 5829603
Web sites: http://www.airss.net, http://www.iam-human.com, http://www.airss-forum.com, http://www.syasi.net, http://www.airssnews.com , http://jazeera.airss.net, http://allsaudis.com , http://www.alliraqis.com, http://www.alllebanese.com , http://www.allsyrians.com , www.nuoh.com, http://www.aptkey.com, http://www.typicaldesign.com , http://www.byti.net ,
E-mail: amman@airss.net , info@airss.net
دراسة احتمالات استقرار الوضع الأمني بعد الانسحاب الأمريكي من العراق -
قضايا عالقة ومعالجات أنية تنبئ عن تفجر الوضع من جديد

بقلم: رائد فوزي احمود،
باحث ونائب مدير عام المعهد العربي للبحوث والدراسات الاستراتيجية

مقدمة
تحاول هذه الورقة تقديم تصور للوضع الأمني في العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية منه؛ إذ تعكق قيادة الاحتلال للانسحاب من القصبات والمدن في نهاية شهر يونيو، تمهيداً للانسحاب في نهاية 2011؛ وتفترض الورقة تدهور الوضع الأمني إزاء ذلك استنادا لدور الحكومة العراقية في تعاملها مع مختلف الملفات بصورة انتقائية، وضعف قدرتها في الحفاظ على شبكة التحالفات الهشة والدقيقة التي إقامتها مع مختلف الأطراف الطائفية والتوازن بينها من جهة، ومع شبكة التحالفات الداخلية لدى هذه الطوائف سواء العشائرية أو الحزبية من جهة أخرى. وعليه ونظراً لدواع البحث اقتضى الأمر تقديم تصور طائفي لدراسة الوضع الأمني؛ ولا تأتي هذه المعالجات من النظرة للعراق في إطاره الفدرالي بقدر ما جاء تشخيصاً للواقع وما هو ماثل للعيان من تقسيم فعلي، خرج من إطار التقسيم على الأرض إلى إطار التقسيم على مستوى الشعب الواحد. هذه حقيقة لا يجدر بالدول أو المتابعين للوضع العراقي تجاهلها بدعوة التزامه بعراق موحد على أرضه وشعبه.
وعليه ستقتصر الدراسة هنا على بحث احتمالات الوضع الأمني في المناطق الشيعية والسنية والكردية؛ بحيث يجرى على دراسة كل منطقة على حدا نظراً لاختلاف الوضع الأمني في هذه المناطق خلال السنوات الست السابقة؛ إذ انه من الخطأ اعتبار الحالة الأمنية واحدة في عموم العراق؛ فالتاريخ القريب لا يشهد على هذه الفرضية، ولا ينبأ المستقبل القريب على ذلك أيضاً.
أتسم سلوك الحكومة العراقية خلال العامين الماضيين في ادارة الملفات المختلفة ومن ضمنها الأمني بنوع من الحرفية والاقتدار([1])؛ وأتضح ذلك في العمليات العسكرية التي قادها الجيش العراقي في مناطق مختلفة من البلاد وخصوصا في البصرة وديالا والموصل، والتي نظرت لها الأطراف السنية (السياسية) على وجه التحديد نظرة قبول؛ بحيث لم يعد الجيش العراقي المتهم بالطائفية يتصدى لمجموعة طائفية على حساب أخرى، بل أخذ يوسع دائرة استهدافه لتشمل مختلف المليشيات ومصادر التوتر أياً كان إطارها أو غطاءها الطائفي. هذه النظرة ساعدت على تحقيق نجاحات مهمة وكبيرة على الصعيد الأمني بل ساعدته على الحصول على دعم بعض القوى والتيارات السنية - بالإضافة إلى أسباب أخرى- في تأمين فوز ساحق بالانتخابات التي جرت في شباط 2009.
لا يمكن إيعاز التحسن الأمني في العراق خلال الفترة الماضية إلى هذا الآمر بل يرتبط بعدد من العوامل نجمل بعضها في النقاط التالية، أو بالأحرى تستند تقارير وزارة الداخلية العراقية وإحصاءات القوات الأمريكية على هذه النقاط التي تقدمها للرأي العام لبيان التحسن الأمني، لكن في نظرة متفحصة لهذه النقاط نجد التالي:
1- التحسن النسبي الذي طرأ على القدرات القتالية للجيش والشرطة العراقية باعتراف مختلف التقارير العراقية والأمريكية؛ وأتضح ذلك جلياً بتولي الحكومة العراقية مزيداً من المسؤولية الأمنية على المحافظات من القوات الأمريكية في فترة قياسية نوعاً ما؛ بحيث بلغت أربع عشر محافظة.
لكن على الرغم من هذا التحسن الذي طرأ إلا انه غير كافي للتعبير عن التحسن الأمني أو استمراره في الفترة القادمة خصوصاً بعد الانسحاب الأمريكي؛ فالقدرات القتالية للجيش العراقي ينقصها التدريب والمعدات القتالية القادرة على حماية الأمن الخارجي؛ فالمعروف ان الجيش في الدول تتحدد مهمته في الحفاظ على سيادة البلاد من الأطماع الخارجية، إلا ان الجيش العراقي الحالي تم تدريبه ضمن عقيدة لا تختلف عن توجهات الشرطة أو قوات الأمن الداخلي في اي دولة، بل ان المعدات القتالية المستخدمة افتقد فيها السلاح الثقيل أو سلاح الطيران؛ كون ان مسائلة تسليح الجيش العراقي التي تثار بين الفينة والأخرى تعد من المشاكل القائمة بين القوى السياسية؛ بحيث ترفض بعض القوى الداخلية (الأكراد) والخارجية (الكويت وإيران) تسليح الجيش العراقي بأسلحة متطورة وحديثه تناسب حجم المخاطر الداخلية أو الخارجية التي قد يتعرض لها العراق.
يفتقد الجيش العراقي الحالي القدرة القتالية على الأسلحة المتطورة أو التقليدية المستخدمة كون الجيش تم تدريبه في إطار الحفاظ على الآمن الداخلي فقط([2])؛ وعليه وفي ظل عدم السعي الجاد للوصول إلى مصالحة سياسية فانه من المتوقع ان يعاني الجيش من مهمة صعبة في مواجهة التنظيمات المسلحة والمقاومة التي ينخرط بها عدد كبير من أعضاء الجيش العراقي السابق المدرب تدريباً قتالياً يفوق ما تلقاه الجيش الحالي من تدريب.
2- انخفاض العمليات العسكرية للتنظيمات المسلحة وتنظيم القاعدة الذي انحسر نفوذه في اغلب مناطق الوسط أمام صعود وقوة مجالس الصحوة. بالإضافة إلى انخفاض أعداد الضحايا سواء العراقيون أو الأمريكان وانحسار موجة ظاهرة الجثث المجهولة. على الرغم من صواب هذه النظرة عبر قراءة الإحصاءات الشهرية التي كانت تصدرها قوات الاحتلال أو وزارة الداخلية العراقية، إلا ان الآمر يجدر قراءته من زاوية أخرى تأخذ بنظر الاعتبار طبيعة الصراع في العراق، بين كونه حرب أهليه عصفت بأبناء البلد الواحد أو كونه صراعاً بين قوى ترى بالقوات الأمريكية قوات احتلال، والقوات العراقية كونها قوات شريكة للاحتلال يجدر محاربتهما. فهذه النظرة لا زالت تسيطر على الحالة القتالية للتنظيمات المسلحة والمقاومة العراقية؛ بحيث لا يبدو ان الحكومة العراقية ترى في الصراع مع التنظيمات المسلحة من هذه الزاوية، ما يبقي حالة التوتر والصراع قائمة أسفل رماد التحسن الأمني ينتظر الوقت حتى تنفث نارها من جديد.
كما ان ظاهرة الجثث المجهولة أخذت تطل برأسها من جديد على مسرح الحياة السياسية في العراق، ناهيك إلى ازدياد حدة التوتر الأمني في الآونة الأخيرة التي اتسم قسم كبير منها بالنوعية أكثر من الكم. كما ان القارئ للبيانات المختلفة الصادرة عن قوى المقاومة المختلفة يجد التزاماً واضحاً وموقفاً أكثر وضوحاً عن ما سبق بالنسبة لشرعية استهداف المدنيين أو أعضاء الشرطة؛ فعلى خلاف بعض التنظيمات السلفية الجهادية تجمع اغلب التنظيمات المقاومة على عدم شرعية استهداف الشرطة أو المدنيين المندمجين بالحكومة العراقية ومؤسساتها، وهذا تطور كبير في عقيدتها القتالية، بل ان بعض التنظيمات السلفية الجهادية المتطرفة أخذت هي الأخرى بمراجعة عقيدتها القتالية نظراً للصورة السيئة التي ربطت هذه التنظيمات خلال الفترة الماضية؛ بحيث كلفتها الكثير من النفوذ وانكفاء الأطراف عنها؛ فقد أعلن مؤخراً أحد ابرز مروجي الفكر الجهادي السلفي الذي تنضوي تحته أبرز التيارات السلفية القتالية في العراق، الشيخ "أبو محمد المقدسي" دعا إلى مراجعة الأفكار الخاصة باستهداف الشيعة لكونهم من طائفة أخرى أو المدنيين العراقيين؛ بكلمة أخرى ان الصراع في العراق أصبح أكثر نضجاً سواء على المستوى الفكري أو النوعي وهو ما سيربك بالتأكيد الوضع الأمني في العراق بعد الانسحاب الأمريكي من العراق. وعليه تصبح التقييمات التي تربط التحسن الأمني بانخفاض أعداد الضحايا أمر غير ذي جدوى في ظل ترسخ مفهوم الصراع لدى القوى المتنافسة والتي تنبأ بتفجر صراع من نوع جديد بأدوات جديدة.
3- عودة اللاجئين العراقيين المقيمين بالخارج كمؤشر على التحسن الذي يشهده العراق؛ بالفعل عادت عدد من العوائل العراقية بعد سنين قضتها بالخارج نتيجة التدهور الأمني. وقد صرح رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن استعداد بلاده لتنظيم العودة الجماعية للمقيمين العراقيين في الخارج؛ وبالفعل قام بتنظيم عدد من الرحلات البرية والجوية على نفقة الحكومة العراقية لإعادة هذه العوائل من الأردن وسوريه ومصر؛ لقد رافقت هذه العودة حملة إعلامية كبيرة قادها مسؤولي الاعلام في الحكومة لتشجيع مختلف الأطراف سواء الادارة الأمريكية ودول الجوار والمستثمرين على ما يشهده العراق من تحسن أمني، ما يضاعف من فرص نجاحه بالانتخابات من جهة، ويعزز من شعبيته لدى العراقيين بالعموم والإدارة الأمريكية على وجه الخصوص، التي بدأت في العامين الماضيين تشكك بقدرة الحكومة على إصلاح الوضع العراقي في ظل اتهامات متبادلة بتواطؤ الحكومة العراقية لتنفيذ سياسات إيرانية ([3])؛ إذ تعالت الأصوات آنذاك عن احتمال قيام الادارة الأمريكية بدعم خيارات بديلة أخرى أخذت بالنفاذ لأجل تحسين الوضع الأمني مثل تأييدها لدعم انقلاب عسكري تقوده بعض القوى المعارضة إذا لم يستطع رئيس الوزراء ضبط الأمن.
على الرغم من عودة عدد من العوائل العراقية من المهجر إلا ان نسبة هؤلاء لا يشكلون رقما حقيقيا يمكن التعويل عليه في الإشارة للتحسن الأمني من عدمه؛ وبحسب شهادات عدد من العراقيين المقيمين في سوريه الذين التقينا بهم؛ يشير البعض منهم ان العوائل العائدة يمكن تصنيفها إلى ثلاث مجموعات: قسم اختار العودة لنفاذ الأموال الكفيلة بإعالتهم في بلاد يصعب فيها تأمين لقمة العيش وانعدام العمل فيها، ومجموعة اختارت العودة بعد ان علمت ان مناطقها في العراق تم تطهيرها طائفياً أي لا يوجد اقتتال طائفي نظراً لتحولها إلى مناطق تقطنها مجموعة سكانية ذات انتماء طائفي معين محاطة باسوار مانعة، والمجموعة الثالثة تلك التي رجعت لكن سرعان ما عادت مرة أخرى لعدم استطاعتها تأمين حياة أبنائها في ظل انفلات امني واضح وسيطرة مجاميع خاصة امتهنت "حماية المناطق السكنية مقابل اجر مادي".
وعليه ان التعويل على هذا العامل في تقدير التحسن الأمني هو أمر مضلل كون أنه لا توجد إحصائية حقيقة بعدد الذين عادوا، خصوصا ان الأردن على سبيل المثال لم يشهد حالة واحدة قدم فيها عراقي لوزارة الداخلية يطلب عودته إلى العراق والاستفادة من التسهيلات التي قدمت للمقيمين العراقيين للتخفيف من أعباء الغرامات المالية على المتجاوزين منهم، وذلك بعد الاتفاق الذي تم التوصل إليه مع المالكي في زيارته الأخيرة إلى الأردن، والإجراءات التي اتخذتها الحكومة الاردنية مع وزير المالية العراقي السيد باقر جبر صولاغ. وأخيراً ان الحكومة العراقية مثقلة بالكثير من الملفات التي تمنعها أو تبعدها عن معالجة ملف اللاجئين في الوقت الحاضر، كونه ملف قد يضاعف من مشاكل المالكي وحكومته سواء بتوفير الوظائف لهم أو الأهم خشيته من ان إعادتهم إلى العراق قد يزيد من حدة التنظيم المسلح ضده، كون ان القسم الأكبر من اللاجئين في الخارج هم من الطائفة السنية. تلك الطائفة التي سبب –بحسب وجهة نظره- أبنائها له ولازالت كبرى المشاكل الأمنية.
4- زيادة عدد القوات الأمريكية في العراق ساعد على التحسن الأمني خصوصا في المناطق التي كانت تشهد توتراً امنياً مثل ما اصطلح على تسميته "المثلث السني". هذا العامل ساهم بالتأكيد في التحسن الأمني في العراق خلال الفترة الماضية؛ لكن انسحاباً أمريكيا لأغلب الفرق القتالية؛ إذ من المتوقع أن ينخفض عدد الجنود إلى خمسين ألف مقاتل فقط؛ بحيث توكل لهم مهمة حماية المنشآت وأفراد السفارة الأمريكية، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي والفني للقوات العراقية. هذا الانسحاب في ظل التوتر السياسي بين الفرقاء، وفي ظل عدم جاهزية القوات العراقية على تحمل مسؤولية الملف الأمني –كما مر بنا- تسهم جميعها على عودة فاعلة وقوية للتنظيمات المسلحة، التي ترى ان معركتها مع الولايات المتحدة في الوقت الحاضر معركة خاسرة، بل ان السياسة الرشيدة تقتضي التخلص من الخطر الماثل للعيان (اي قوات الاحتلال الأمريكي) قبل بدء معركة يمكن بحسب التقديرات العسكرية للمقاومة العراقية تحقيق نوع من النصر فيها أو على اقل تقدير تكون متكافئة (إزاء القوات العراقية). ناهيك ان انسحاب الولايات المتحدة يعد مطلب لبعض الأطراف وخصوصا إيران، التي ترى حدودها الغربية عرضة للتهديد المستمر طالما بقت القوات الأمريكية موجودة بالعراق، وعليه يصبح التخلص منه أمر مهم ويصب بالمصلحة العليا لإيران في هذه المرحلة، الآمر الذي يدفعها إلى عدم افتعال اي معركة في الوقت الحاضر تعيق الانسحاب أو تؤجله. بكلمة أخرى أن مصالح هذه القوى سواء الايرانية أو التنظيمات المسلحة لا بد وان تربك الوضع الأمني في العراق في مرحلة بعد الانسحاب الأمريكي.
5- لعل ابرز النقاط التي ساهمت في التحسن الأمني في العراق هو دور مجالس الصحوة أو ما أصطلح على تسميتها بأبناء العراق. وسنعكف على دراسة هذا العامل لاحقاً في معرض مناقشة الوضع الأمني في المناطق السنية.

بعد هذا العرض لأبرز العوامل التي ساعدت على التحسن الأمني مؤخراً، نجد انه كان تحسناً أنياً قابل للانفجار بأي وقت، بل انه يمكن تنبأ انفجاره مع رحيل أخر فوج من القوات الأمريكية؛ هذا التحسن كان طارئاً دون ان يكون هناك معالجة حقيقية من جانب الحكومة العراقية للأسباب المفضية للتوتر الأمني؛ إذ كان يجب على الحكومة العراقية في إطار معالجتها مزج الحل العسكري مع السياسي لأجل الوصول إلى معالجة حقيقية تجعل من الوضع الأمني حالة حتمية قابلة للاستمرار دون ان تعكر صفوها رياح مؤقتة، كما يحدث الآن على سبيل المثال مع تصاعد التوتر في مناطق شمال وغرب بغداد نتيجة سوء إدارة الحكومة لملف الصحوات.
احتمالات الوضع الأمني في المناطق الشيعية بعد الانسحاب الأمريكي من العراق
لعل من نافلة القول الإشارة إلى ان ما يميز الوضع في مناطق الجنوب والمحافظات الشيعية كون الآمن فيه مؤجل، نظراً لاتفاق الأطراف الشيعية على عدم الخروج عن المعادلات السياسية المتفق عليها منذ دخولها في ائتلاف سياسي موحد في العام 2005؛ لقد حكمت مجموعة من الاتفاقات بين الأطراف السياسية الشيعية الوضع الأمني في الجنوب؛ بحيث حافظت هذه الاتفاقات التي رسمها الأطراف (وخصوصا المرجعية الدينية) بالإضافة إلى الحكومة العراقية الآمن في الجنوب للفترة التي أعقبت مرحلة الاحتلال؛ لكن مع تراجع مكانة المرجعية نظير فشل الأطراف السياسية ([4]) والحكومة بتقديم ابسط الخدمات المعيشية للمواطن الذي دعم قائمة "المرجعية" السياسية، تراجع على أثره الوضع الأمني، وأخذت تزداد الاستحقاقات بين مختلف الأطراف المكونة للائتلاف، في الوقت الذي لازالت الحكومة تتخبط في سياساتها؛ وهو الآمر الذي انعكس في تصادم الحكومة مع التيار الصدري، ثم تنافس حزب الدعوة مع المجلس الأعلى، الذي وصل إلى التصادم المسلح في بعض المحافظات (الناصرية)، حتى أتضح جلياً عدم مصداقية المواقف المعلنة من قبل هذه الأطراف بحلها لمليشياتها من جهة، كما اتضح أيضا -من جهة أخرى- ازدياد الفجوة بين الأطراف بحيث تصبح المساعي التي يقودها رؤساء الأحزاب في الوقت الحاضر لإعادة توحيد و"لملمة" الائتلاف لخوض الانتخابات العامة القادمة في منتصف كانون ثاني 2009 في قائمة واحدة أمراً مستحيلاً؛ إذ ان الأسباب ألدافعه لتوحيد الائتلاف الشيعي في العام 2005 أصبحت غير موجودة الآن.
على الرغم من ازدياد شعبية رئيس الوزراء العراقي وازدياد انجازاته على الصعيد الوطني([5])، يدرك الرئيس ان تثبيت الوضع الأمني في العراق أمر ضروري ومهم على صعيد استمرار هذه الشعبية من جهة خصوصا انه يواجه انتخابات عامة، ومن جهة أخرى يدرك ان انسحاباً أمريكياً متوقعاً من العراق قد يفاقم من الوضع الأمني. وعليه كان على رئيس الوزراء اتخاذ عدد من الإجراءات سواء لتمتين جبهته الداخلية بالائتلاف (حتى لو اقتضى تقديم تنازلات بخصوص مسئلة مجالس الإسناد التي تثير استياء الأطراف الشيعية الأخرى)، بالإضافة إلى المضي في اتخاذ خطوات جادة وفعلية لتحقيق المصالحة الوطنية؛ كونها الكفيلة دون تراجع الأمن، ويضمن عدم عودة التنظيمات المسلحة للعمل.
أتخذ رئيس الوزراء في نيسان الماضي قراراً أعلن فيه عن اعتزامه التفاوض مع أعضاء حزب البعث السابق ضمن رؤيته لتحقيق مصالحة حقيقية يمكن على أثرها استمرار الحالة الأمنية الراهنة؛ لكنه سرعان ما تراجع عن هذه الدعوة، بعد ان أدرك ان التحالفات الداخلية للائتلاف الشيعي حيث ينضوي ترفض تحقيق هذه المصالحة لأسباب مختلفة. هذا التراجع يظهر مدى التوازنات الداخلية الهشة التي عقدتها الحكومة؛ بحيث أن أي تجاوز أو خروج عنها كفيلة بتهديد المشروع السياسي القائم، بل وتهديد الائتلافات والتفاهمات المتشابكة والمعقدة بين المكونات السياسية والحزبية والطائفية.
ان موضوع عودة البعث إلى الحياة العامة كونه مطلب رئيس على أجندة المصالحة الوطنية، تختلف فيه النظرة بالنسبة للأحزاب السياسية؛ إلا إنها تكتسب لدى الشيعة -بالعموم- نظرة إقصائية ترفض عودة هؤلاء؛ فبين اعتقاد راسخ لدى السياسيين الشيعة أنهم الأغلبية؛ بحيث يرفضون تغيير الاستحقاق العددي إلى ما يطلبه المكون الآخر بفرض معادلة الاستحقاق الوطني على العملية السياسية، وبين رأي أخر يرى بإقصاء البعث كونه كفيل بعدم عودة البعثيين إلى الحكم، وخصوصا أولئك السياسيين الشيعة الذين يتمتعون بخبرات كبيرة تؤهلهم لإدارة البلاد والمناطق الجنوبية التي تشهد تراجعاً كبيراً في الخدمات([6])، لأسباب تتعلق بصورة رئيسة بعدم قدرات مجالس المحافظات وأعضائها من إدارة تنمية حقيقة بهذه المناطق، لخبرات لا يملكونها. وعليه لم تعد سياسة اجتثاث البعث (قانون المسائلة والمحاسبة) مجرد ذريعة لإقصاء السنة بل أصبحت أيضا تستغل لإقصاء المنافسين الشيعة.
وعليه في ضوء استمرار هذه التحالفات الطائفية بين المكونات العراقية على حساب المصلحة الوطنية في ظل استمرار تأثير التفاهمات السابقة بين الأطراف الشيعية فانه من الصعب القول ان المناطق الجنوبية ستشهد وضعاً امنياً مستقرا بعد الانسحاب الأمريكي منها؛ إذ يصعب ان تتجاوز هذه التفاهمات الهشة الرياح المتغيرة سواء على صعيد توجهات الأحزاب ذاتها أو على صعيد التجاذبات الإقليمية غير المتوقفة، ولا يعتقد انها ستتوقف بعد الانسحاب.
احتمالات الوضع الأمني في المناطق الكردية بعد الانسحاب الأمريكي من العراق
الوضع الأمني في كردستان يتهدده عدد من النقاط التي تعيق أو تهدد الانجازات المتحققة خلال السنوات الماضية؛ خصوصا إنها تحققت نتيجة الدعم الأمريكي الذي تتضاءل فرص الأكراد في الحصول عليه في ظل انسحاب متوقع؛ وهذه النقاط التالية:
1- تنامي الخلافات الكردية العربية سواء إزاء الحكومة العراقية أو مع المحيط العربي ولأثني؛ فقد تنامت في الآونة الأخيرة الخلافات حول عقود النفط التي وقعتها حكومة اقليم كردستان بعيداً عن السلطة المركزية؛ بالإضافة إلى الخلافات حول النقاط الخلافية بالدستور وتقوية سلطة المركز، ناهيك حول الخلاف حول مصير محافظة كركوك والمناطق المتنازع عليها.
2- تنامي الخلافات الداخلية داخل اقليم كردستان المتمثل بتنامي استياء شعب الإقليم لحكومته واحتكار الحزبين الرئيسيين للحياة العامة والسياسية في البلاد.
3- تنامي الدور التركي في العراق وإقليم كردستان على وجه الخصوص؛ حيث ازداد التدخل التركي غير المعلوم مدياته في شؤون الإقليم مع ذريعة محاربة حزب العمال التركي المعارض.
لقد تعاملت الحكومة الأمريكية مع حكومة اقليم كردستان من خشيت قيام القيادة الكردية بتهديد الأمن الداخلي المتحقق في العراق والقول بأنها ستنسحب من العراق لتشكل إقليماً خاصا بها بعيدا عن سيطرة الحكومة العراقية ([7])، ما قد يربك التوازنات الداخلية والإقليمية المتحققة خلال الأعوام الست الماضية والتي جعلت هذه المنطقة تشهد حالة من الاستقرار النسبي. على الأمريكان إعادة التعامل مع القيادة الكردية من هذه الزاوية في إطار التوقف عن التهديدات الكلامية التي لن تخرج إلى حيز العمل؛ إذ تسعى القيادة الكردية وقبل انسحاب القوات الأمريكية استغلال هذا التواجد لتحقيق مزيد من المكاسب من جهة، ولتثبيت ما تحقق من مكاسب سابقة من جهة أخرى؛ فالوضع الخاص بكركوك ومشكلة المناطق المتنازع عليها من المشاكل العالقة التي لم يصل إلى حل نهائي بخصوصها، بالإضافة إلى النفوذ التركي الذي لا يبدو ان الأطراف المختلفة قد وصلت إلى درجة ترتيب معادلة خاصة بها بعد انسحاب أمريكي وشيك من العراق.
وعليه تتردد في الآونة الأخيرة محاولات كردية حثيثة تعمل على ترتيب معادلة تشمل المصالح التركية في المنطقة والاعتراف بدور تركي في شمال العراق؛ إذ تتردد بعض التقارير القادمة من شمال العراق عن سعي تغيير في تفكير القيادة الكردية لإحداث تغير في الموقف إزاء تركيا يدفع بالأخيرة إلى توطيد علاقة مصالح مشتركة مع أكراد العراق ([8])، في ذات الوقت تكون مقدمة لإنهاء القضية الكردية في هذه المنطقة المضطربة وخصوصا مع أكراد تركيا.
تتزايد هذه التوجهات في الفكر الاستراتيجي لأكراد العراق مع تزايد احتمالات الانسحاب الأمريكي من العراق، الذي أجهض كل الاحتمالات السابقة التي حاولت توجيه الادارة الأمريكية لتبني أكراد العراق ومناطقهم الشمالية بديلاً لسياسة أمريكا وتحالفها مع تركيا؛ إذ حاول اللوبي الكردي في واشنطن إقناع عدد من أعضاء الكونجرس الأمريكي بضرورة إيجاد خيار بديل عن تركيا التي بدأت في السنوات الماضية تتبع سياسة إزاء العراق تتعارض والتوجهات الأمريكية؛ وأتضح ذلك برفض تركيا للقوات الأمريكية استخدام أراضيها في غزو العراق في العام 2003.
فالملفات الشائكة التي سبق ذكرها لم يتم الى الان حلها، ما يفاقم الوضع الامني. في ظل تنامي استياء شعبي يرفض سيطرة الحزبين الرئيسيين الكرديان على الشؤون السياسة وجميع مفاصل الحياة، بالإضافة إلى تنامي الاتجاهات الرافضة لهذه السيطرة بحيث انضوت في تنظيمات حزبية منافسة؛ وعليه يرى بعض المراقبين ان المفاجئات التي تركتها انتخابات المحافظات العراقية السابقة قد تنتقل عدواها إلى انتخابات المحافظات في شمال العراق.
احتمالات الوضع الأمني في المناطق السنية بعد الانسحاب الأمريكي من العراق
ان ابرز ما يهدد الأمن في العراق والعملية السياسية وخصوصا في المناطق السنية هو الوضع المتوتر بين الحكومة العراقية والصحوات؛ إذ تتهم الحكومة قوات الصحوة بتورط قسم منها في أعمال إرهابية ضد القوات العراقية ما يدفعها إلى الرجوع عن وعودها بشمول قسم منها –لا يتعدا 20%- في قوات الجيش والشرطة العراقية؛ وعلى الرغم من الانتقادات الكبيرة التي وجهت للحكومة بهذا الإطار إلا إنها لا تنفي تورط هؤلاء بأعمال "إرهابية" على حد التقييم الحكومي العراقي لكن لا يمكن أيضا تحميل الصحوات اللوم كون ان الحكومة العراقية لم تقطع خطوات مهمة وحقيقية على الأرض في الجانب المتعلق بالمصالحة الوطنية؛ وهو ما أشار له الرئيس جلال طالباني مؤخراً بإلقاء اللوم على الحكومة العراقية بعدم اتخاذ خطوات مهمة لتحقيق المصالحة الوطنية. ونظراً لعدم وجود معالجات حقيقة للوضع، ناهيك ان تعامل الحكومة العراقية مع الصحوات الذي اتخذ أسلوبا اقصائيا وصل حد التصادم مع قيادات هذه الصحوات في عدد من المناطق مثل الفضيل وبعقوبة وغيرها، وذلك فور تسلمها مسؤوليتها من القوات الأمريكية دفع ذلك تدهور امني ملحوظ جداً يمكن تلمسه من العمليات القتالية وأعداد القتلي التي حدثت خلال الشهرين الأخيرين منذ نيسان. لكن تبقى الأوضاع هادئة نسبية لكن تفشي الأوضاع الأخيرة عن احتمال تفجر الوضع الأمني من جديد إذا لم تكن هناك معالجة حقيقية للمشاكل التي يعاني منها السنة ومناطقهم على العموم.
سوء ادارة الحكومة العراقية لملف الصحوة أدى إلى انتكاسة في الوضع الأمني؛ على الرغم من محدودية هذه التداعيات الآن. ان الأحداث الأخيرة تعكس حجم المشكلة فيما لو لم يتم التعامل مع السنة ضمن إطار مصالحة وطنية حقيقية؛ ان التعامل مع الصحوة لتحقيق أجندة مرحلية تصب في مصلحة طرف معين (قوات الاحتلال) ثم تحويل الملف إلى الحكومة العراقية التي كان لها تحفظاتها إزاء تشكيل هذه القوات منذ البداية يضاعف من التوتر الأمني؛ إذ تعاملت الحكومة مع الصحوات بعد توليها هذا الملف في الثاني من ابريل من زاوية تورط بعض الأشخاص بعمليات قتل ضد مواطنين عراقيين، اي التعامل مع أعضاء الصحوات من زاوية تاريخهم الذي سبق انخراطهم في الصحوات؛ إذ أشار المالكي إلى أمر اعتقال رئيس صحوة الفضيل السيد عادل المشهداني ومساعده كونهم متورطين بعمليات قتل للشيعة، وكونه احد قادة تنظيم القاعدة آنذاك؛ بحيث لم تشفع له جهوده في طرد القاعدة بعد ذلك من المناطق السنية وإسهاماته في هذا الإطار؛ وهو ما سبق ويعزز وجهتنا نظرنا التي رأت بالصحوة خطر على سيطرة الشيعة على الحكم وبروزها كقوة ثالثة، غير مرغوب بها من قبل البشمركة وقوات الجيش والشرطة العراقية التي يسيطر عليها الشيعة.
وتزداد صعوبة التعامل مع ملف الصحوات بازدياد حالة الاستقطاب لدى التنظيمات المسلحة الأخرى وتنظيم القاعدة على وجه الخصوص لهذه المجموعات التي تمردت على وضعها منذ تولي الحكومة لملفها وتأخر دفع رواتبها لأربعة اشهر متوالية. إذ يسعى تنظيم القاعدة إلى استقطاب بعض أعضاء هذه التنظيمات المتمردة لكنه يخشى من ان تشكل مرة أخرى حصان طرواده الذي سينفذ منه المالكي وجنوده لإضعاف التنظيمات المسلحة وإقصاء القاعدة من العراق؛ وعليه أعلن تنظيم القاعدة عن إستراتيجية جديدة لمعالجة هذا الوضع من خلال إعلان هذه المجالس لتوبتها، على ان تقوم القاعدة فيما بعد بتقييم وضعها وتدقيق توجهاتها وقابلية انخراطها بالتنظيمات المقاومة والقاعدة. لقد أشار رئيس تنظيم القاعدة ابو حمزة المهاجر (أو ابو أيوب المصري) في 22 نيسان 2009 الى ان مجالس الصحوات قد أجرمت بحق دينها وشعبها، وأضاف (لقد أجرموا في حق دينهم وأجرموا في حق أهلهم، وأجرموا في حق أنفسهم، فهم مجرمون مجرمون، ومع ذلك إن عادوا إلى بيوتهم وتركوا ما هم فيه وعليه اليوم تائبين إلى الله، فلهم منا الأمان من أيّ ملاحقةٍ شرط صدق توبتهم، ونخصُّ منهم من كان في جماعةٍ تدّعي الجهاد فلهم منّا كل الأمان شرطَ صدق التوبة وعدم حمل السلاح مرة أخرى تحت أيّ ذريعةٍ كانت إلى أن يتبيّن صدق توبتهم). لم يشر المهاجر إلى الآلية التي سيعمل بها للتحقق من التزامهم من صدق "توبتهم"، خصوصا أنه سبق أن قدم ذات الدعوة في العام 2006 إلى أعضاء هذه المجالس آنذاك، ووعد بملاحقتها إن لم ترجع لصوابها وترفض الانخراط بهذه المجالس المدعومة أمريكياً وحكومياً؛ بل انه شكل كتائب الصديق لملاحقتها، فهل ستلقى دعوته هذه المرة الاستجابة؟.
ربما الإجابة على هذا السؤال يرتبط بما تقوم به الحكومة العراقية من سياسات خصوصا بعد ان تخلى الجانب الأمريكي عنها، في الوقت الذي يستعد فيه أيضاً إلى الانسحاب من العراق. فمجالس الصحوات على العموم باستثناء المنقطة الغربية (الانبار) تحولت إلى أحزاب سياسية، ونافست بالانتخابات الأخيرة (مجالس المحافظات) إلا إنها فشلت بإيصال أياً من ممثليها إلى مجالس المحافظات، ما فاقم من وضعها الداخلي وعزز من دور التنظيمات المسلحة بالمناطق السنية من جديد والتأثير عليها؛ وهو مؤشر على احتمال توتر الوضع الأمني من جديد بعد انسحاب الولايات المتحدة من العراق.
وعليه تتفاقم أوضاع هذه المجالس وتتناقص الفرص أمامهم وخصوصا في تفاوضهم مع الحكومة العراقية؛ وعليه إذا استمرت الحكومة بتعاملها معهم على هذا الإطار وضمن معادلة الربح والخسارة فإن الوضع قابل للتفجر على المدى القريب، وأن أي اتفاق يخرج إلى العلن بينهما لن يكون إلا معالجة أنية مشوه تمهد لمزيد من الاحتقان والانفجار من جديد.
ليس ملف الصحوات هو الملف الوحيد الذي يؤرق الوضع الأمني في العراق بل ان هناك عدد كبير من القضايا الخلافية التي لم تحسم إلى الوقت الحاضر، بل ان هناك تراجع لبعض الأطراف المهيمنة على العملية السياسية عن التزاماتها التي قطعتها للطرف الأخر (الأحزاب السنية التي شاركت في العملية السياسية وعولت على هذه التغييرات في سياق كسب تمثيل الناخب السني)؛ فالي الآن ورغم مناقشة الجمعية الوطنية للقضايا الخلافية في الدستور التي بلغت ما يقارب تعديل أكثر من خمس وخمسين فقرة بالدستور لم تلتزم الأطراف الشيعية والكردية إزاء تعديل الدستور؛ كما ان قانون النفط والغاز الذي اعتبر ثروة يمتلكها العراقيون جميعا، فلم يتم إلى الآن مناقشة هذا القانون الذي من المفترض ان يقوم بتوزيع عادل لهذه الثروات على مختلف مناطق العراق بغض النظر عن انتماءها الطائفي والعرقي.
الخلاصة:
العراق جزء من دول العالم الثالث؛ ولعل ابرز ما يميز السياسة في هذه الدول هو الدور الكبير الذي يعطيه السياسيون للعسكر في الحياة السياسية والعامة في أي بلد؛ إذ يلعب العسكر دوراً كبيراً في تحديد مصير نظام الحكم دون ادني اعتبار للقيم الحديثة من قبيل الديمقراطية ومفاهيم الليبرالية وحرية التعبير وحقوق الانسان؛ فلا زال أغلب السياسيين في هذه الدول يعتبرون ان هذا الدور للعسكر يساهم كثيراً في الاستقرار السياسي في هذه الدول، بل ان اغلب الأنظمة في هذه الدول امتازت بالاستقرار نتيجة إسهامات العسكر بهذا المجال؛ والعراق لا يختلف سياسيوه عن ذلك لكن ما يجعل هذا البلد متخبطاً ويصعب فيه ضبط الآمن هو عدم وجود هذا الدور للعسكر في ظل بناء متراخي وهزيل للجيش الذي نشأ بعد مرحلة الاحتلال. ورغم ذلك لازال السياسيون الموجودين الآن بالحكم يصرون على منح العسكر دوراً يفوق قدرته على توليه، إلا وهو الأمن.
[1] يرجع السبب في ذلك إلى هامش الحركة والحيز الذي أعطي للحكومة العراقية من الجانب الأمريكي في العمل بحرية دون تأثير خارجي.
[2] يشار إلى ان أحد الانتقادات التي تعرض لها مهمة تدريب الجيش العراقي هو الانتقائية والطائفية وقلة المدة المستخدمة في تدريب القوات، ناهيك عن عدم وجود قانون ينظم الخدمة العسكرية الإلزامية في العراق. كما ان المنظومة التشريعية في العراق عملت على ترسيخ القدرة الكفائية للجيش إلى ادني مستوياتها. وتجدر الإشارة هنا إلى أن الولايات المتحدة شرعت مؤخراً على نقل عدد كبير من معداتها إلى أفغانستان ضمن سياستها للانسحاب من العراق قبل نهاية 2011 ؛ وقد واجهتها مشكلة التكلفة المالية الكبيرة لنقل بعض المعدات القتالية؛ بحيث اقترح بعض القادة العسكريين على تخزين قسم منها في الكويت والتبرع بالقسم الأخر للحكومة العراقية ضمن برنامج مساعداتها للحكومة العراقية ألا ان هذا الآمر سرعان ما اصطدم برفض بعض الدول المجاورة والأكراد لفكرة تسليح الجيش العراقي بأسلحة قتالية قد تشكل مصدر تهديد لهما بالمستقبل، ناهيك لاعتقاد البعض عدم جدوى تقديم هذه الأسلحة للجيش العراقي الجديد لعدم قدرته على استعمالها كونه لم يتلقى التدريبات الملائمة لاستخدامها.
[3] وفي ظل توجهات جديدة قادتها المعارضة في أمريكا وخصوصاً الديمقراطيين الذين وصلوا إلى الحكم أخيراً بتحميل الحكومة العراقية وحدها مسؤولية التدهور الأمني والأخطاء التي رافقت تطبيق القانون؛ اي إبعاد اي لوم أو مسؤولية على الجانب المحتل؛ وهي الصيغة التي يتعامل معها الرئيس الأمريكي الحالي باراك اوباما مع الحكومة العراقية.
[4] كان ذلك واضحاً باتجاهات التصويت للناخب الشيعي في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة التي فازت فيها قائمة رئيس الوزراء المعروفة باسم دولة القانون؛ على الرغم من كون الحزب ذو طبيعة دينية إلا ان البرنامج الانتخابي الذي قدمته القائمة اعتمد بالدرجة الأساس على الخطاب الوطني ما ساهم في جذب الناخب الشيعي الذي استاء من تلاعب المرجعية أو بالأحرى استغلال رجال السياسة للخطاب الديني، وهو الآمر الذي لم يسهم في نجاح التيارات والأحزاب الدينية الأخرى التي عولت كثيراً على لغة هذا الخطاب المتهم بالأساس في الحالة التي وصل لها الوضع المعيشي للشيعة من تردي بل وصل الآمر إلى اتهام المرجعية الدينية بتواطئها مع الساسة لدفعهم للانتخابات.
[5] تشير بعض المعلومات الواردة من المفاوضات التي تجري بين الأطراف الشيعية لإعادة توحيد الائتلاف من جديد إلى اقتراح البعض لإعادة تسمية الائتلاف باسم ائتلاف دولة القانون وهو مؤشر على حجم شعبية رئيس الوزراء العراقي.
[6] لعل انتخاب "يوسف الحبوبي" مؤخراً في أكثر مناطق نفوذ الأحزاب الشيعية الحاكمة اي كربلاء، مؤشر على أهمية دور الشيعة الذين سبقوا وانضووا بحزب البعث السابق لما يتمتعون به من خبرات عملية يفتقد لها الحاكمين الجدد.
[7] Lydia Khalil: Stability in Iraq Kurdistan: reality or mirage?, working paper, Number2, June 2009, the Saban center for Middle east policy, Brookings institute.
[8] يتضح ذلك من كون تركيا الشريك الاقتصادي الأول لأكراد العراق؛ فالعقود المبرمة سنوياً مع الشركات التركية تبلغ ما مقداره 70% من تخصيصات حكومة إقليم كردستان، ما يفوق بذلك نفوذ اي طرف أخر.

0 التعليقات:

إرسال تعليق




الارشيف

المتواجدون الآن