من أنا

صورتي
ابو وائل
" إذا خانتك المبادئ ، تذكر قيم الرجولة " قولة عظيمة لرجل عظيم...لا يكون الا عربيا!
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

للاتصال بالمحرر:

whamed6@gmail.com

هل تعتز بانتمائك الى امة العرب ؟

اذا كنت تعتز بانتمائك الى امة العرب..نقترح عليك خدمة بسيطة ، تطوعية ونبيلة..وهي ان تعرّف بمدونة صدى الايام عبر نشر رابطها في مواقعك والمواقع الاخرى ولفت النظر الى منشوراتها الهامة والحيوية..وان تجعلها حاضنة لمقالات المهتمين بشأن امتنا - عبر بريد المحرر-واننا شاكرين لك هذا الجهد.

فسحة مفيدة في صفحات صدى الايام وعبر ارشيفها







نصيحة

لاتنسى عزيزي المتصفح ان تؤدي واجباتك الدينية..فمدى العمر لايعلمه الا الله..وخير الناس من اتقى..قبّل راس والدك ووالدتك واطلب منهما الرضى والدعاء..وان كانا قد رحلا او احدهما..فاطلب لهما او لاحدهما الرحمة والمغفرة وحسن المآل..واجعل منهجك في الحياة الصدق في القول والاخلاص في العمل ونصرة الحق انّى كان

ملاحظة

لاتتعجل عزيزي الزائر..خذ وقتا إضافيّا وعد الى الأرشيف..فثمة المفيد والمثير الذي تحتاج الاطلاع عليه..ملفات هامة في الاسلام السياسي..في العقائد الدينية الفاسدة والشاذة..في السياسة العربية الرسمية..في مواضيع فكرية وفلسفية متنوعة..وثمة ايضا..صدى ايام الثورة العربية الكبرى




إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

لفت نظر

المقالات والابحاث والدراسات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن وجهة نظر ادمن المدونة

سجل الزوار

 

من ثمار غزو العراق/د.عماد محمد ذياب الحفيظ



الاستبداد الديمقراطي من ثمار غزو العراق

د. عماد محمد ذياب الحفيظ(*)
المقدمة:






الطرق في العراق أصبحت أقل اعتدالاً واتساعاً للذهاب والإياب بين المدن، وقد ازدانت أرضيّاتها بالحفر والتصدّعات والكتل والجدران الكونكريتية، والتي تفصل بينها ساحات وسطية جرداء. وكانت توجد أسيجة معدنية ذات مواصفات تقارب في مواصفاتها شوارع أوروبا السريعة، وعند كل مسافة محددة كانت هناك ساحات لوقوف الشاحنات والحافلات والسيارات الصغيرة، إلا أنها غير موجودة الآن؛ فقد نُهِبت صناديقها وحُطِّمت فما عادت تنفع حتى لرمي القمامة، واختفى الجزء الأكبر من الأسيجة المعدنية لتباع أو تُشترى، وتكسّرت مقاعد الساحات ومظلاتها أو دمّرت بفعل المفخّخات والعبوات الناسفة، وقد تكون بفعل قصف قوات الاحتلال الكبير القادم من الغرب، أو ميليشيات الاحتلال الطائفي الصغير القادم من الشرق.






عند مداخل كل مدينة من مدن العراق تشاهد بقايا حدائق وساحات، فيها بقع من الزرع المتهالك المُصْفَرِّ بسبب شح المياه التي لم تعد متاحة للمواطنين، وبخاصة بعد أن فاضت مجاريها وتحطّمت شبكاتها، فاختلطت مع مياه شبكات مياه الشرب، وأصبحت تلك الساحات لرمي القمامة والأزبال بعد أن كانت حدائق غنّاء تذهب إليها العوائل العراقية للراحة وليلعب فيها الأطفال. واليوم هي مرتع للفئران والحشرات والحيوانات والأطفال والعوائل السائبة (هذا هو الواقع)!






أما عن أسواق المدينة، فقد غاب الكثير من معالمها وهندستها، فأصبحت تحل بين زواياها ومداخلها المهملة البسطاتُ أمام المحلات والدكاكين التي أنهكتها حرارة الشمس، وظروف القتل والخطف والمداهمات، والاعتقالات العشوائية والإجرامية، والقصف الجوي والمدفعي، والمفخّخات والعبوات الناسفة، لتحيل المدن والبلدات والقرى قاعاً صفصفاً؛ طبعاً وفق مقاييس طائفية وعرقية؛ لتبدأ رحلةٌ كلَّ يوم مع انقطاع التـيار الكـهربـائي وشح مياه الشرب وانعدامه، فتختلط على القادم قطرات عَرَق العمل - إن تمكن من البحث عن العمل - وعرق القيظ مع قطرات الدموع؛ حيث تتكفل ظلمة الليل بحجب الواقع المريـر والرهيـب والمرعـب الذي يعيـشه أهالي كل مدينـة أو بلدة أو قرية عراقية في ظل أقذر احتلالٍ كبير واحتلالٍ صغير عرفتهما البشرية جمعاء وأحقرِهما.






مدن الديمقراطية:






نجد بين رواد الأسواق وباعتها في المدن وجوه السيدات العراقيات قد ذبلت وهزلت، وجدائلهن التي قد تلوح من أطراف الحجاب قد اشتعلت شيباً قبل أوانها؛ لا بفعل السنين فحسب؛ بل لغياب أعزّ ما لديهن من أبناء وإخوة وآباء ولفقدهن معظم مقومات الحياة وارتفاع أسعارها. وعندما يحاولن البسمة؛ تتكشف لك أسنان غاب بعضها وعزّ استبدال المتنخر منها؛ فطبيب الأسنان أصبح أثراً بعد عين، فقد هاجر معظمهم. وإن وجدت طبيباً حديثَ التخرّج؛ فالذهاب إلى عيادته أصبح حالة من حالات الترف؛ لارتفاع أسعار علاج أمراض اللثة والأسنان، بينما غيرها من علاج العلل أصبح حلماً يراود (السندباد) في قصص (ألف ليلة وليلة) التي لم تَرْوِها شهرزاد؛ لأن (علي بابا والأربعين ألف حرامي!) لم يُبقوا في بغداد اليوم على شيء.






أما اللون المفضل فهو اللون الأسود الذي أصبح اللون السائد في كل مدينة وقرية، فحتى الميليشيات الطائفية ترتديه في جنح الظلام. إن ارتداء اللون الأسود ليس بسبب استمرار حالات الوفيات بين أفراد العائلة الواحدة أو أقاربها وجيرانها وأصدقائها، بل لقتل أعزائهم بأيدٍ آثمة لأسباب طائفية أو عرقية، أو بسبب الجريمة المنظمة التي تقف وراءها ميليشيات وشركات أمنية من المرتزقة الأجنبية التي تقبض الثمن، وبحماية جهات من السلطة الحاكمة؛ لحمايتها في تحقيق مآربها أو مآرب الاحتلالين الكبير والصغير. وهذا ما ترك بصمته على عدم رغبة العراقيات في ارتداء ثياب ذات ألوان مختلفة؛ نتيجةَ حالة العتمة النفسية التي يعيشونها على مَضضٍ مع أطفالهم الذين حُرِموا من كل شيء.






ومـع إشـراقـة صبـاح يــوم جـديــد، تـخـرج - إن استطعت - لتتجول في شوارع المدينة العراقية وأزقتها فتستوقفك أوضاع الباعة القاعدين والمتجولين، والزاحفين والعاجزين؛ فمنهم الصغير دون السنوات العشر، ومنهم الشيخ الذي تجاوز الستين، وعلى شاكلتهم المتسولون الأطفال أولاداً وبنات؛ ورجالاً مسنين ونساء مسنات. وأحياناً تجد أسرة قد افترشت الرصيف لتتسول، ومن هذه الأسر مَنْ جَعَل أنفاقَ السابلة في شوارع مراكز المدن مساكن لهم أو أماكن عامة للتبوّل والتبرّز. ثم تشاهد المعوقين، ولا تدري من أي معوقي حرب هم، وكذلك ذوي الحاجات الخاصّة؛ ولماذا يتسوّلون أو يعملون باعة متجولين؟ فالقمامة يفترشون، وعلى الأرصفة يركضون، ويلهثون بحثاً عن لقمة خبز كي يأكلوها.






وإن رغبت أن تبحث عن جريدة لتقرأها وتتابع ما كتبت صحافتهم، أو قراءة بعض خطوطها العريضة؛ فستجدها ومعظمَ وسائل إعلامهم التي تقبض ثمن ما تقوله؛ تنطق بالطائفية المتطرفة أو العرقية المتعصّبة، وقد شُريت ذمم معظم أقلام هذه الصحف ووسائل الإعلام المحلية والفضائية من قِبَل المحتل الكبير والمحتل الصغير، وذلك لنشر تفاهات الديمقراطيات التي يصوّرونها الأملَ المنشود في المستقبل المزعوم. وعليك ألا تعترض؛ فهذا حق مشروع في الممارسات الديمقراطية الغربية القادمة من بلاد ممارسات الغرائب والعجائب، التي أحالت المدن المحرّرة إلى خرائب ودمار، وشعبها إلى مهجّرين ونازحين ومعدمين؛ ومن هم مع الاحتلالين الكبير والصغير قردة يلهثون يسلبون وينهبون.






حرية الديمقراطية:






أصبح الأطفال والرجال والنساء والشيوخ يكتشفون ويبتكرون أعمالاً لا تخطر على بال أحد؛ لكي يعيلوا عوائلهم، أو يلهثون ليجدوا قوت يومهم بما لا يتناسب ومتطلباتِ الحياة اليومية بوسائل أفضل من السرقة والانحراف، وأحفظ للشرف والكرامة، وأفضل من بيع طفـلـه أو أحد أعضاء جسده؛ فالبطالة مكّنت الاحتلالَين من القضـاء على فـرص العمـل حـتى أصبحت البطالة - اليوم - نسبتها 85 %. والعمل متاح لمن يؤيد الاحتلالين ويروّج لمشروعاته المختلفة من فساد وفجور وانحراف وشذوذ، لبسط نفوذه ومخالبه بجسد الضحية؛ حيث أصبح المجرم عادلاً، والسارق مانحاً، والخائن مخلصاً، والكاذب صادقاً، والذي يقاوم الاحتلالين سلباً أو إيجاباً جاحداً... وحدّث ولا حرج؛ فكل شيء مخالف للدين والقيم فهو بزعمهم فكر متجدد.






نعم! إن كلاً يشتكي من واقع معـاشي وصحّي وتعليـمي صـعب، في الوقت الذي يجني فيـه كبار موظفي الدولة المصـونون غـير المسؤولين بل والمنتفعون، مليـارات الدنانير العراقية أو الدولارات دون رقيب أو حسيب، فأصبح أصحاب المهن الحـرة والباعة وصغار الموظفين والمتقاعدون جميعاً يعانون من ضيق العيش، مما اضطر معظمهم إلى بيع أثاثه وأجهزته المنزلية، ومنهم من باع أبواب بيته ونوافذه، بل منهم من باع دار سكنه لكي يستطـيع أن يعيل أسرته! فالأجور والمرتبات لا تكفي إلا جزءاً يسيراً من أيام الشهر لكي يعيل عائلته.






ونجد أيضاً أن ما يسمى بـ (الإكرامية والبقشيش) أصبح حقاً ينبغي دفعه للمِهني والعامل والضابط والموظف والمسـؤول، وإن اختلفـت مستوياتهم ومسؤولياتهم؛ فهي حق مشروع لإنجاز عملك أو أي معاملة تأخر إنجـازها، أو للحصول على عـمل تتقـدم لتـتعيّن فيه، أو على حصّـة تمويـنية تقزّمت وقُصّــرت وغشّــشت حــتـى ما عـاد هناك من رغبة لجـلبها أو الحصول عليها؛ لأنها أصبحت كعدمها؛ ففي كل يوم علـيك أن تدفـع لتسيير أمورك ابتداءً من عامل التتنـظيف، ومـروراً بسائق النقل العام وموظف الحكومة، وغيـرهم مـن الذين يعملون على حمـاية الممـتلكات الشخصية والعامة وقوى الأمـن والحرس، وآخريـن؛ فكلٌّ يطالب بحق معلـوم كالسـائـل والمـحروم؛ وإلاّ فحـقّهم سيأخذونه منك، رضيت أم لم ترضَ؛ سَلْباً أو نهباً، خطفاً أو تهجيراً أو قتلاً.






ما أصعب الواقع إن أردت أن تحيا حياة كريمة ودخلُك الشهري لا يتجاوز 100 دولار أمريكي، إن لم يكن أقل. وحتى إن زاد فلن يكفي ما دامت احتياجاتك الشهرية تفرض عليك أن لا يقل دخلك عن 900 دولار (حوالي مليون و200 ألف دينار عراقي أو يزيد) فالدولار الواحد لا يعني سوى 1300 دينار، وقد يقل أو يزيد يومياً. ماذا تشتري بعُشر الراتب المطلوب؟ وإذا وجدت الحصة التموينية المتقزّمة والمغشوشة لك ولأفراد أسرتك؛ فبكم تشتري المأكل الذي لا توفره لك الحصة التموينية؟ وما أطول قائمة المأكل والملبس والعلاج والتعليم! وبكم تشتري لأطفالك عند ذهابهم إلى المدرسة؟ فثوب الطفل لا يقل ثمنه عن 35 ألف دينار، وحذاؤه لا يقل عن 15 ألف دينار، والقائمة تطول. وهل تشتري القرطاسية للابن والبنت؟ فالجهات التعليمية لا توفرها بما فيها قلم الرصاص، الذي أضحى سعره يتراوح ما بين 200 - 400 دينار، وكراسة المدرسة التي يتراوح سعرها ما بين 400 - 1000 دينار. وكم تستطيع أن تشتري منها خلال العام الدراسي؟ هذا إن توفّر الأمن والأمان، وغير ذلك الكثير.






وكيف تراجع عيادة الطبيب - هذا إن عثرت عليه - لعلاج أحد أفراد أسرتك إن أصيب بمرض، أو زوجتك الحامل؟ أجرة الطبيب في كل مرّة تتراوح بين 15000 - 30000 دينار أو تزيد. وكم أجرة سيارة التاكسي إن توفر البنزين ولو في السوق السوداء؟ فأدنى أجرة أصبحت لا تقل عن 5000 دينار لأي مشوار قصير. كما أن حال المستشفيات حدّث عنها ولا حرج؛ فإن لم يخطفوك أو يقتلوك لأسباب طائفية وعرقية؛ فالدواء لا توفره لك المستشفيات دون أن تدفع الحق المعلوم، ابتداء من الاستعلامات ووصولاً إلى أعلى مسؤول فيها. وإن أردت أن تعالج أسنانك؛ فإنك ستحتاج لما يتراوح ما بين 250000 إلى 500000 دينار لعلاج أبسط أنواع مشكلات الأسنان. والدواء الذي كانت الدولة توفر جزءاً منه لك؛ وخاصة لأصحاب الأمراض المزمنة كمرضى السكر، ومرضى القلب، وضغط الدم، وغير ذلك من الأمراض، ولو بكمية متواضعة؛ هذا العلاج أصبح اليوم في أزمة مريرة، بينما باقي أنواع الدواء غالباً ما تكون مفقودة أو رديئة أو مغشوشة أو مما يستخدم عادة لأمراض الحيوانات. والدواء المطلوب قد يجد طريقاً يخرج به من المستشفيات الحكومية أو مخازنها إلى الصيدليات الخاصة وباعة السوق السوداء، ومنهم من يفترش الأرصفة لبيع تلك الأدوية. وقد تجد أدوية بيطرية تباع لبني البشر، في ظل ديمقراطية لم تجلب غير الخراب والهلاك والجوع والمرض والجهل.






ديمقراطية بلا شعب، أم شعب بلا ديمقراطية؟






هل عليك أن تحكم على نفسك وأسرتك بالإعدام كي تنـقذوا أنفـسكم مـن طـول المـعاناة في ظل الديمقراطية، أم تحاول جاهداً بمختلف السبل المشروعة أو غير المشروعة لتوفير ولو جزء يسير من احتياجاتك اليومية، أم تهاجر - وهـذا ما تسـعد به الدولة الديمقراطية المنتخَبَة - فكل ما تتركه وراءك يصبح حقاً مشروعاً لرجالها وحقاً لميليشيات القتل والجريمة؟!






قد نجد - مثلاً - طفلة بعمر تسع سنوات تبيع الماء الملوّث في الشوارع والساحات المزدحمة منذ شروق الشمس وحتى غروبها، أو طفلاً بعمر عشر سنوات يبيع السجائر المغشوشة عند مواقف الحافلات والساحات العامة، ويروّج المخدرات المهرّبة من إيران إلى العراق، ولا سيما في المناسبات، وما أدراك ما المناسبات التي فيها على حياة الشعب المراهنات وكل الموبقـات؟! فيلجأ رب الأسرة في البحث عـن مختـلف الأساليب التي قد يلجأ إليها وزوجته وأطـفاله كي يقاوموا الاحتلالين الكبير والصغير، وليصمدوا أمام الزمـان وفي المكان، من قسوة ما يسمى الإنسان، وقد احتقره حتى الحيوان، في ظروف وساعات لا يعلم بها إلا الله. فما أدراك ما طبـيعة هـذه الظـروف والساعات؟ وكيف دفعت بعضهم لترك الوطن أو المسكن هجرة أو نزوحاً؟ وإن أردت أن تـذهب للأسواق للتبضّع وشراء بعض حاجـاتك أو لأسرتك؛ فستجدها أسواقاً سوداء لآخر حجَرٍ فيها، معتِمة حتى في تفاصيلها. هذا فضلاً عن الحشيش والمخدرات التي دخلت من الشرق في ظل الديمقراطية ليشتريها جندي الغرب واللصوص - مَنْ ليسوا من أبناء هذا الشعب - دون رقيب، إن لم يكن بحمايتهم.






كما توجد في كل مدينة عراقية شريحة حديثة التكوين، وهي شريحة الميليشيات والدلالات، والطفيليين والطفيليات، والسارقين والسارقات، والقاتلين والقاتلات، والخاطفين والخاطفات، والمتزلّفين والمتزلّفات؛ بدأت بالظهور بشكل كبير بعد الاحتلالين الكبير والصغير؛ حيث بداية الانفتاح على المستورد الإيراني مع زيادة دخل العراق بفعل ارتفاع عائدات النفط، والتي بلغت 40 مليار دولار سنوياً؛ غير أن شعب العراق ظل يلهث ويتدافع في طوابير من أجل الحصول على لقمة العيش التي زاحمه عليها القاصي والداني من الأغراب والمغتربين، والمحتلّين الجاحدين الذين جاؤوا لتطبيق ديمقراطية سرِقة النفط وديمقراطية الطائفيّات والعرقيّات.






الحضارة تطوّرت في كل أرجاء العالم خلال مدة ما بعد حرب عام 2003م؛ فأصبح لهذه الشرائح حدود مفتوحة ومعالم مسموحة خلال القرن الواحد والعشرين، بسبب أحداث ما بعد الحرب في عام 2003م، أي: غزو أمريكا للعراق. ومجال نشاطات هذه الشرائح المجرمة قد قويت شكيمتها على الأرصفة والطرقات قرب الأحياء التي يسكنها الأفضل دخلاً والأكثر حباً للاحتلالين في المنطقة الخضراء وما جاورها، حتى أصبحت مساحتها نصف مساحة بغداد بعد التهجير والاستيلاء على أملاك الشعب. أما في الأحياء الشعبية والفقيرة في بغداد كأحياء مدينة العامل، والبياع، والعامية، والشعب، والحرية، وحيفا، والعدل، والغزالية، والأعظمية، والقاهرة، والإسكندرية، والمحمودية، والدورة؛ فمعظم هذه الأحياء والمناطق أصبحت مغلقة بجدران كونكريتية صمّاء جرداء عتماء، في ظل ديمقراطية جيوش الاحتلال الكبير وميليشيات الاحتلال الصغير.






ديمقراطية القادة:






إن معـظم بضائع المجتمع الديمقراطي في العراق ليست ذات علامات تجارية مسموعة أو معلومة من الملابس والمكـياج والعطور والمواد الغذائية المخـتلفة، بل تُحدّد وفق أسعار يفرضونها على المستهلك المضطر، وليس له بديل. وهـناك أيضاً من هم متخصصون في إنتاج المشروبات الغازية، ومساحيق الغسيل، وزيوت الطبخ ودهونه، والسجائر، والدقيق، وعلب حليب الأطفال دون المواصفات المقبولة وكذلك متخـصصون في تسويقها، وفي الحقيقة هي مغشـوشة كمسؤوليهم، وغير ذلك من المواد الغذائية المغشـوشة. وفـي ظل حماية رقيب المحتلين الكبير والصغير؛ فإن حضر أحدهم فله حق معلوم من أفواه شعب السائلين والمحرومين.






وقـد ظـهرت شـريـحة أخرى في العراق هي شريحة مقاولي أو متعهدي تجارة الأزبال والقـمامة، ومسوّقي منتجات من علب الشامبـو وقناني العطور والمشروبات الغازية المستوردة، وجميعها فارغة بعد استخدامها، والتي تُعبّأ ثانية لتباع على أنها سلعة مستوردة، وغيرها من مخلّفات المواد البلاستيكية والصفائح المعدنية، والمنتجات التي يعملون على بيعها إلى وسطاء آخرين لتسويقها بعد تعبئتها بالمواد المغشوشة، لتباع بصفة أنها بضاعة أصلية؛ بما في ذلك علب الدواء.






ووجدت هناك من يتاجر بالمواد البلاستيكية المستهلكة، وبقايا عظام الحيوان والإنسان، والخبز ومخلفات المطاعم، وغير ذلك من أنواع البضائع التي أصبحت لها أسواق رائجة في العراق، كلٌّ منها حسب استخداماتها وحاجة السوق لها، ولقد أصبحت تلال الأزبـال والقمامة في المدن العراقية مَعْلَماً معروفاً من معـالم أزقـتها وأحيـائها، بعد أن سُرِقت آثار الحضارات؛ فالآثار أُخذت هي الأخرى لِتسرق إلى خارج العراق وتـهرّب من قِبَـل ذوي الاحـتلالين الكبير والصغير، أو ممّن يتبعـهم من الغـاوين الذين لا شعور لهم بالمسؤولية تجاه شعب العراق سوى الابتكار والإبداع بفن السلب والنهب.






الشعب الديمقراطي والواقع:






أصبح للجريمة سطوتها وهيبتها، ابتداء من سرقة الأطفال، وقتل العلماء وأساتذة الجامعات والأطباء، وتصدير أعضائهم البشرية إلى السوق العالمية والإقليمية، التي أصبحت التجارة بها رائجة في مفهوم التجارة العالمية والعولمة، فضلاً عن سرقة السيارات، وسرقة منتجات النفط وقناني غاز الطبخ ومنظماتها، مروراً بملابس الغسيل والغسّالات والأثاث المنزلي، وكل ما غلا ثمنه وخفَّ وزنه، وصولاً إلى جرائم خطف الأطفال والنساء والرجال من أجل مبلغ من المال، وجرائم احتيال الشركات والمكاتب الوهمية، وجرائم القتل العمد والاعتداء على المحارم، وغير ذلك من الجرائم التي لم يسمع بها شعب العراق من قبل؛ فهي من إفرازات وثقافة ميليشيات ديمقراطية الاحتلالين ومرتزقتهم بعد عام 2003م، وما جرّت من ممارسات شائنة لا يعلم خفاياها إلا الله، سبحانه وتعالى.






أضف إلى ذلك جرائم التزوير، ابتداء من تزوير العملة المحلية والأجنبية (الصعبة)، ووصولاً إلى تزوير مستندات الملكيـة والوثـائـق الرسمية، والاستيلاء على أراضي المقابر لأغـراض شخصية، وشراء العقارات والأراضي بحجج ما أنزل الله بـها مـن سلـطان في المدن التي يقولون عنها (مقدّسة) أو غير مقـدّسة. وحقيقة الأمر أن كلّ أراضي العراق مقـدّسة، وسيعـلم الذين ظلـموا أيّ منـقـلب سيـنقـلبون. وقد أصبح لهـذه المهن أسواق، مثل: سوق (الحرامية) في مدينة الصـدر، وسوق (مريدي) المتخصّص بـتزوير ما تريـد وما لا تريد، وغيره الكثير الكثير. فهذا زمان (شهرزاد) لتـروي لـنا قصـصاً جـديـدة من ليالي بغداد عمن غادر وما عاد، إلى ما ضاع من ثروات البلاد.






أَجَلْ! هكذا تغيرت دولة العراق التي ما عدنا نعرفها؛ فمعـظم أهـلها هجَـروهـا، وسيطر عليـها قـوم آخـرون مـن الهوام ليـس لهم صلة بأهل مدينة السلام، كما سمّاها أبو جعفر المنصور - رحمه الله - فما عاد فيها سلام ووئام، بل ميليشيات من اللئام.














(*) عضو اتحاد المؤرخين العرب.






ــــــــــــــــــــــــ








0 التعليقات:

إرسال تعليق




الارشيف

المتواجدون الآن