من أنا

صورتي
ابو وائل
" إذا خانتك المبادئ ، تذكر قيم الرجولة " قولة عظيمة لرجل عظيم...لا يكون الا عربيا!
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

للاتصال بالمحرر:

whamed6@gmail.com

هل تعتز بانتمائك الى امة العرب ؟

اذا كنت تعتز بانتمائك الى امة العرب..نقترح عليك خدمة بسيطة ، تطوعية ونبيلة..وهي ان تعرّف بمدونة صدى الايام عبر نشر رابطها في مواقعك والمواقع الاخرى ولفت النظر الى منشوراتها الهامة والحيوية..وان تجعلها حاضنة لمقالات المهتمين بشأن امتنا - عبر بريد المحرر-واننا شاكرين لك هذا الجهد.

فسحة مفيدة في صفحات صدى الايام وعبر ارشيفها







نصيحة

لاتنسى عزيزي المتصفح ان تؤدي واجباتك الدينية..فمدى العمر لايعلمه الا الله..وخير الناس من اتقى..قبّل راس والدك ووالدتك واطلب منهما الرضى والدعاء..وان كانا قد رحلا او احدهما..فاطلب لهما او لاحدهما الرحمة والمغفرة وحسن المآل..واجعل منهجك في الحياة الصدق في القول والاخلاص في العمل ونصرة الحق انّى كان

ملاحظة

لاتتعجل عزيزي الزائر..خذ وقتا إضافيّا وعد الى الأرشيف..فثمة المفيد والمثير الذي تحتاج الاطلاع عليه..ملفات هامة في الاسلام السياسي..في العقائد الدينية الفاسدة والشاذة..في السياسة العربية الرسمية..في مواضيع فكرية وفلسفية متنوعة..وثمة ايضا..صدى ايام الثورة العربية الكبرى




إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

لفت نظر

المقالات والابحاث والدراسات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن وجهة نظر ادمن المدونة

سجل الزوار

 

سلسلة اعرف عدوك/الجظء الثالث/فاضل الربيعي


المهدي وبدر: حروب آيات الله الجدد في العراق

الجزء الثالث

فاضل الربيعي


رجال الدين يتبادلون الشتائم المقذعةإلي جانب هذين المتنافسين اللذين زاحما السبزواري علي المركز، كان هناك عدد من المراجع الكبار أمثال الفياض والنجفي والشيخ علي الغروي ومرتضي البروجردي ممن أبدوا معارضة قوية منذ عام 1992 لفكرة صعود محمد صادق الصدر إلي موقع المرجع الأعلي. ولكن هؤلاء اكتفوا باستمرار بمراقبة تطورات الأزمة حيث بلغت ذروتها مع وفاة الخوئي.علي أنهم ومع استمرار الصدر في تقديم نفسه كمطالب بالمركز، سرعان ما كشفوا عن مواقفهم الحقيقية إزاءه وراحوا يعارضونه علناً. وما انفك النزاع يتواصل بين المراجع العظام حتي مع صعود السبزواري لتُسمع أصداؤه في كل مكان من قم والنجف وكربلاء والكاظمية ببغداد. بعد ثمانية أشهر توفي السبزواري الطاعن في السن. وبذلك أصبح الطريق ممهداً بصورة مفاجئة أمام الخوئي الذي كان أقوي المرشحين.مصرع الغروي.. اتهامات وشكوكولكن ومع حلول خريف عام 1998 وقعت حادثة قتل مرّوعة ذهب ضحيتها الشيخ الغروي في طريق عودته من كربلاء، كان من شأنها أن أعادت المتنافسين إلي دائرة الصراع من جديد، وليجري تبادل الاتهامات والشتائم والإهانات الشخصية. لقد بلغت الإهانات المتبادلة بين المراجع العظام في بعض الأحيان مستوي مريعاً، فعلي سبيل المثال، اتهم محمد صادق الصدر خصمه الشيخ الغروي وفي خطبة حماسية في مسجد الكوفة اتسمت بالغضب، وقبيل مصرعه بأشهر قليلة بأنه لوطي (حسب شهادة أبو مصطفي. رجل دين 65 عاماً، شهادة بتاريخ 3/1/2007). كان الشيخ الغروي رجلاً مسالماً وعلي درجة كبيرة من غزارة العلم، وبدا أثناء احتدام الصراع زاهداً بموقع المرجع الأعلي ولم يطالب به علناً. ولكن الصدر لم يتورع عن شتمه واتهامه بأقذع التهم.في وقتٍ تال وبعد أن تأججت المشاعر، سرت شائعات في النجف أن الصدر (الأب) هو من كان وراء تحريض الأجهزة الأمنية المحلية لمنع الشيخ الغروي من الصلاة جماعة في الصحن الحيدري (قرب باب الطوسي). وبالفعل تم منع الشيخ من الوصول إلي المكان الذي اعتاد علي الصلاة فيه. لكن الأجهزة الأمنية المركزية في بغداد سارعت إلي تطويق هذا القرار، والاعتذار من الشيخ مبدية تعاطفها معه. كانت هذه المناسبة واحدة من المناسبات النادرة التي تبادر فيها الدولة إلي التعبير عن موقفها المحايد من الصراعات الشخصية والتنافسات الفقهية بين آيات الله. وفي الواقع ثمة الكثير من المبالغات والأوهام بشأن قدرة الدولة العراقية (سواء في عهد الرئيس السابق أو في أي عهد آخر) علي التدخل لفض النزاعات المركّبة والمعقدة بين المراجع العظام. ويتضح من سلسلة مترابطة من الوقائع أن الدولة العراقية كانت حائرة وحتي مرتبكة حيال معالجة هذا القدر من التوتر بين رجال الدين. إن عجزها الناجم عن الحساسية المفرطة لمسألة التدخل في شؤون الحوزة الداخلية، هو الذي أوحي لبعض خصوم النظام، بأنها كانت طرفاً متآمراً (من خلال هذا العجز). ومن المؤكد أن سلوك محمد صادق الصدر العنيف والساخط والذي يوصف ـ من جانب خصومه ـ بالرعونة وخصوصاً بسبب تورطه في ممارسات ذات طابع إجرامي، هو من النوع الذي يتسبب في الحرج لأي حكومة، بينما تبدو فوائده قليلة للغاية.وعلي الأرجح بدت محاولات الصدر لإيذاء الشيخ الغروي بمناسبة أو دونها، أبعد ما تكون عن كونها توجيهاً حكومياً أو تفاهماً مع جهة رسمية أو حزبية. كان الشيخ الغروي في الثمانين من عمره، واعتاد علي القيام مساء كل يوم خميس بزيارة مرقدي الإمامين الحسين والعباس (ع). أثار مصرع الشيخ الغروي شكوكاً قوية بشأن مسار النزاع الذي اتخذ منذ الآن طابعاً جديداً. وطبقاً لشهادة شاهد عيان (شهادة خاصة توجد نسخة منها مودعة لدي المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية ـ عمان) حضر تمثيل الجريمة بعد إلقاء القبض علي المجرمين؛ فإن الشكوك حامت بالفعل، حول آية الله محمد صادق الصدر دون غيره من المراجع. يقول شاهد العيان (ص. م): بعد وقوع الجريمة مباشرة وبعد الإعلان عن إلقاء القبض علي الفاعلين جري الاتصال بي من قبل بعض المسؤولين الرسميين، مع عدد من وجهاء مدينتي كربلاء والنجف. هناك شاهدت الفاعلين وهم يعيدون تمثيل الجريمة في مسرحها (خان الربع علي الطريق المؤدي إلي النجف). عندما وصلنا إلي المكان كانت هناك ثلاث سيارات، واحدة خاصة بنقل السجناء واثنتان من نوع بيك آب بيضاء اللون وسوبر سيدان موديل 1990 بيضاء اللون أيضاً، ولكن بدت عليها أثار أعيرة نارية ودماء. كان عدد المنفذين خمسة معظمهم من آل بو غانم من سكان منطقة الحسينية في محافظة كربلاء. لقد سمعت بنفسي اعترافات القتلة الذين قالوا صراحة وبوضوح أنهم تلقوا أوامر بتنفيذ القتل من آية الله محمد (محمد) صادق الصدر، وأنهم امتثلوا لأمره (لأنه فرض عين) أي أمراً واجب التنفيذ وغير قابل للمراجعة.المال .. والغضب المكبوت يتركز جزء من الجدل الشعبي الدائر حول الحوزة واملاكها، وكل ما يتصل بالاموال وطرق استثمارها وتوزيعها واشكال الرقابة عليها، وبصورة صريحة لا تنقصها الوقاحة في بعض الاحيان، حول وجود تلاعب وفساد مالي، جري فيه تفريط بثروة الطائفة من جانب بعض المراجع الكبار او ابنائهم ووكلائهم، كما هو الحال مع قضية اموال الحوزة التي اتهم بها الابن البكر للمرجع الراحل آية الله ابو القاسم الخوئي صريع الضريح. كما يتركز علي نحو ما، حول مسألة حرمان قطاعات واسعة من ابناء الطائفة المهمشين والمحرومين الذين كانوا يشعرون باستمرار، انهم حرموا من اموال كانت تتدفق لصالح رعايتهم في الاصل، ومن اجل تحسين شروط حياتهم اليومية.ولا يزال بوسع المرء سماع مثل هذه الشكاوي في اوساط الشبان الشيعة الفقراء الذين ما انفكوا يتساءلون: لماذا تذهب الاموال الي جيوب الاثرياء من المجتهدين، بينما المقصود من اموال الزكاة والخمس ان تعمل علي تعديل الشروط الانسانية للفقراء من الشيعة؟ ومع ذلك، فمن المؤكد ان المال الديني لعب دوراً شبه مباشر في بلورة شكل الصراع وحدوده مع الدولة الوطنية. وفي هذا النطاق تعزو شخصية روحية بارزة الي المال، دوراً لم يكن في الحسبان بالنسبة للباحثين؛ اذ ارتأت ان الحرص علي بقاء نوع من الخصومة مع الدولة، حتي ولو كان ذلك ظاهرياً له علاقة وثيقة بخوف المراجع الدينية، وشعور رجال الدين الكبار بالذعر من اي تصالح او اقتراب من المؤسسات الرسمية، ذلك ان مصالحة الدولة مع المؤسسة الدينية قد تؤدي الي توقف تدفق المال الديني (نظام الخمس)، وبالتالي حرمان المرجع من الحصول علي ما يدعي سهم الامام (اي حصته) وهي ُخمس الخُمس (ثلاثة ارباع المال المقدم من الفرد للحوزة).كما ان التقارب مع الدولة في اي حال، كان يعني بالنسبة لدافعي اموال الخُمس والزكاة، نوعاً من الاسباب الموجبة للابتعاد عن المرجع الديني، او تغيير التقليد والانتقال الي مراجع اخري. وفي هذه الحالة سوف يخسر المرجع الديني شرعاً، الحق في الحصول علي المال او المطالبة بسهم الامام، اي ُخمس الخُمس من اموال الزكاة. هذه العوامل الثلاثة (الاستبداد الديني والفساد المالي والتدخل الخارجي) هي العناصر الحقيقية التي يشكل اي فهم مستقل ونزيه وموضوعي لها، مفتاحاً ذهبياً لفهم دور الحوزة واقطابها وآياتها العظام في ميدان السياسة.المراجع العظام صراعات رجال الحوزة ومخاوف الحكومةبمصرع الشيخ الغروي، بدأت حقبة مثيرة من التنافس المرير حول مركز المرجع الاعلي، وبدا ان الصدر تخلص من احد اخطر معارضي صعوده. بيد ان حادث القتل اثار فزع المراجع العظام الذين راحوا يراقبون بذعر تطور التنافس واتخاذه منحي جديداً. ولذا انزوي معظمهم في منزله، وبصعوبة بالغة كان يمكن رؤيتهم وجهاً لوجه حتي من اخلص اتباعهم. قبل هذا الوقت بقليل وقع حادث خطير؛ اذ توفي بصورة غامضة معارض آخر للصدر هو الشيخ مرتضي البروجردي، وذلك ما ضاعف من المخاوف والشكوك بشأن دور ما للدولة العراقية في تطور النزاع بين المراجع العظام. لكن مسارعة الدولة للكشف عن قتلة الغروي، وتشديد الحراسة الشخصية لتأمين حماية خاصة لرجال الدين، بدد تلك المزاعم والتقوّلات، واعاد وضع المسألة برمتها في الاطار الذي جرت فيه، اي التنافس الشخصي المحموم.علي ان تدابير الدولة العراقية برغم ذلك، لم تساهم الا بشكل محدود في تبديد هذه المخاوف؛ وعلي العكس ثارت اسئلة حائرة حول السبب الذي دفع الحكومة الي الاحجام عن اتخاذ اجراء قانوني ضد آية الله محمد صادق الصدر. وفي الواقع وطبقاً لشهادة خاصة من ضابط امن كبير سابق (حصل عليها المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية في عمان) فان الدولة كانت تشعر بالحرج الشديد من الدخول في قلب صراع ضارٍ ومحتدم من هذا النوع، ربما لخشيتها من استغلاله من جانب خصومها، ومن جانب ايران التي ما برحت تكيل لها التهم بالتدخل في شؤون الحوزة . كما ان خشيتها المفرطة ـ في حال تدخلها ضد الصدر ـ من فقدان السيطرة علي مجري الاحداث، او حتي من تعقد الامور خصوصاً وان الصدر كان مستعداً للدفع بالمواجهة مع الدولة شوطاً ابعد، ساهمت الي حد ما في تفاقم هذه المخاوف.والرسم البياني التالي يوضح سنوات صعود آيات الله الي مركز المرجع الاعلي خلال قرن كامل:آية الله العظمي محمد كاظم اليزدي (ايراني).1903 ـ 1919 (توفي في 30 حزيران/يونيو).آية الله العظمي الميرزا محمد تقي الشيرازي (ايراني). من نهاية ايار/ مايو 1919 ـ حتي 17 آب/اغسطس 1920.آية الله فتح الله الاصفهاني ـ شيخ الشريعة ـ (ايراني).من آب/اغسطس 1920 ـ الي 18 كانون الاول/ ديسمبر 1920.آية الله العظمي سيد ابو الحسن الاصفهاني (ايراني).1921 ـ 1945آية الله محسن الحكيم (عراقي) ـ الانشقاق ـ آية الله حسين البروجردي (ايراني).(النجف) 1945 ـ 1960 (قم).آية الله محسن الحكيم1960.ـ 1970 آية الله الخوئي (اذربيجان ايران).1970.ـ 1980آية الله السيد عبد الاعلي السبزواري (ايراني).1992 ـ 1993آية الله السيد علي السيستاني (ايراني).1994 ـ وحتي اليوم والجدول التالي يوضح الطريقة التي تطور فيها عدد التلاميذ خلال ثلاث سنوات من الاحتلال الامريكي 2003 ـ 2006 قياساً علي ما كان عليه الحال في عهد النظام السابق. فحتي وقت قريب قبيل احتلال بغداد كان الخمسة الكبار يشرفون علي عدد محدود للغاية من التلاميذ، قد لا يتجاوز بضع مئات من طلاب العلوم الدينية في النجف، وهؤلاء ُيعدّون من التلاميذ الرسميين الذين تتم تهيئتهم ليصبحوا في المستقبل آيات الله، اما اليوم فانهم يشرفون علي عدد اكبر من التلاميذ والموارد المالية.جدول رقم 1المرجع عدد الطلاب /قبل الاحتلال الامريكيالمنحة المالية سابقاً / (ما يعادل بالدولار ـ للطالب الواحد)اقل من عدد الطلاب / بعد الاحتلال الامريكياكثر منً المنحة المالية حالياً/ بالدولارعلي السيستاني500801000150محمد سعيد الحكيم200100300150بشير النجفي80100300150اسحق الفيّاض70 100300150(الجدول تمّ اعداده استناداً الي معلومات حصل عليها المركز).يكشف هذا الجدول عن التطور اللافت في اعداد التلاميذ (الذين تدفقوا علي مدارس الحوزة في النجف خلال وقت قصير لا يتعدي ثلاث سنوات). كما انه يشير الي نمط جديد من التدفق شبه الجماعي ومن جانب شرائح اجتماعية فقيرة ومحـــلية في الغالب؛ اذ من النادر ان يلاحظ الباحث ـ في التـــاريخ التعــليمي للمؤسسة الدينية ـ مثل هذه الاعداد من طلاب العلم الذين يتدفقون من مدن الجنوب (الديوانية والناصرية والبصرة). ان التفسير المنطقي الذي يمكن ان ينصرف اليه ذهن الباحث او المحلل، يقول بوجود ترابط بين تحلل وتلاشي الدولة وبين هذا النمط من التدفق.بيد ان محو الدولة في نيسان (ابريل) 2003 وتلاشي كل شكل من اشكال الرقابة التي كانت تضبط الانتساب الي المدارس الدينية وتقوم بتنظيمه، قد يكون سبباً وحسب من بين اسباب اخري، لعل في مقدمتها صعود دور الحوزة السياسي، وحرص الجماعات السياسية الدينية علي الزج باعداد اكبر من انصارها في هذه المدارس، وذلك من اجل اعداد جيل جديد من رجال الدين الشباب. ان تحليل هذا النمط من التدفق شبه الجماعي، يلزمنا برؤيته في سياق صعود موجة جماهيرية كبري يحركها رجال الدين.الانساب واشكال القرابة بين المراجعباستثناء المراجع العظام في الحوزة (مجمع الخمسة الكبار) الذين يتحدّرون ـ باستثناء واحد فقط ـ من اصول غير عربية؛ فان الكثير من المراجع الكبار (العرب) خارج الحوزة في النجف وكربلاء والكاظمية، يرتبطون مع بعضهم البعض بروابط نسب وقرابات دموية مباشرة. مثلاً تجمع روابط قرابة دموية كلاً من باقر الصدر ومحمد صادق الصدر وحسين اسماعيل الصدر (الكاظمية) ومقتدي الصدر. النموذج التالي يوضح طبيعة هذه القرابات:عبد الهادي الصدر محمد صادق اسماعيل محمد باقر (الصدر)محمد حيدر ـ حسين جعفرمصطفي مقتدي مؤمل مهيمنولتوضيح طبيعة هذه القرابات ونمط تشابكها مع التنافس الروحي والصراع الدامي علي المرجعية، تسوق شخصية روحية بارزة الحادثة التالية وهي ذات دلالة خاصة لانها تلقي الضوء علي الطبيعة المتراكبة للتنافس بين ابناء العمومة من رجال الدين الكبار: عندما فجرّ محمد محمد صادق الصدر صراعه ضد المرجعية في النجف، وقدم نفسه كصاحب افضلية في بلوغ مرتبة المرجع الاعلي للطائفة، طلب من حسين اسماعيل الصدر (ابن عمه) ان يقلده، اي ان يصبح من مريديه واتباعه علي جري عادة التقليد عند المراجع. لكن حسين رفض الطلب لانه كان يقلد آية الله السيستاني، فارسل محمد صادق الصدر من يطلق النار علي حسين الذي نجا من الموت. فيما بعد اعترف المتهم باطلاق النار انه ُارسل من قبل محمد صادق الصدر. بعد ذلك تصاعدت تهديدات محمد صادق لابن عمه حسين حتي ارغمه علي القبول بعودة جعفر (بن محمد باقر الصدر) الي كنف اخته، زوجة مصطفي بن محمد صادق الصدر. ولكن ما ان بلغ جعفر العشرين من عمره عام 1998 حتي قام بتهريبه سرّاً الي ايران. وهكذا تراكمت الاتهامات وتنوعت من حول آية الله المُطالب ـ دون جدوي ـ بحق الاعـــتراف بأعلـــميته وجدارته في تولي موقع المرجع الاعلي. وهذا ما سنقوم بتوضيحه تفصيلاً.الصراع مع آل الحكيم ومصرع صادق الصدر (والد مقتدي)المنظور الجديد الذي يقترحه الباحث لحادث مصرع محمد (محمد) صادق الصدر والد مقتدي، يُلاحظ ما يلي: ان القرابات الدموية المباشرة دخلت في نسيج الصراع حول المرجعية، وان الاغتيال الذي تعرض له محمد محمد صادق الصدر نفسه، يقع في قلب مجموعة من العوامل الثقافية والفقهية والسياسية. في هذا الاطار تزعم شهادة شخصية من رجل دين بارز ان الدولة في عهد الرئيس صدام حسين لا علاقة لها بحادث الاغتيال و ان المعلومات المؤكدة تؤيد حقيقة ان جهة ايرانية كانت لها مصلحة مباشرة في التخلص من الصدر المنافس العنيد للمرجعية التقليدية في النجف . وتقول (في مقابلة خاصة) ان مقتدي الصدر استقبل بعد مصرع والده، احد مدراء الاجهزة الامنية في الفرات الاوسط، وكان يحمل مبلغاً كبيراً من المال من القيادة العراقية (فقال مقتدي وهو يتسلم المبلغ: ابلغ سلامي للقيادة واشكر لهم موقفهم وانا علي ما كان عليه والدي معكم ولكن وين يروحون مني اولاد الحكيم ـ اي انهم لن يفلتوا من القصاص).والي هذا فان واقعة حضور محمد باقر الحكيم في مجلس عزاء مسجد اعظم في قم بايران، والذي اقيم علي روح الصدر، تدل علي مصداقية الرأي القائل بوجود خلافات كبيرة بين الرجلين، لان الشبهات حامت في النجف الاشرف حول الحكيم. كما دارت شائعات خارج العراق عن صلته بموضوع اغتيال الصدر مدعوماً من الايرانيين. والدليل الذي ُيعرض في هذا النطاق، كما تزعم شهادة الشخصية الروحية البارزة ان (القاتل اعترف بفعلته مع المجموعة التي قامت بالتنفيذ، وهو مواطن ايراني يدعي احمد اردبيلي وان هذا تلقي تعليماته من مهدي هاشمي المسؤول عن حركات التحرر وان السلطات العراقية قامت باعدام القتلة بحضور مقتدي نفسه). وتدعم رواية هامة لشخصية امنية عاشت في قلب هذه الاحداث (محضر 20/6/2006) فكرة وجود علاقة للحكيم والايرانيين باغتيال الصدر، وان (مقتدي يعلم جيداً ان والده كان ضحية مؤامرة اشترك فيها الحكيم). وبوجه الاجمال اتسمت العلاقة بين اسرة الحكيم واسرة الصدر بالتوتر الذي بلغ في بعض المراحل، حدود تبادل الكراهية العلنية والاتهامات. وفي التسعينات من القرن الماضي اتهم آل الحكيم، آية الله محمد صادق الصدر بالاستيلاء عنوة علي كل المدارس الدينية والمكتبات التابعة لهم، وهي مدارس ومكتبات ظل يديرها المرجع الشيعي محمد سعيد الحكيم لسنوات. لكن الدولة العراقية سارعت الي انتزاعها من يده واعادتها الي آل الحكيم وارسل رئيس ديوان الرئاسة احمد خضير السامرائي (في عهد الرئيس صدام حسين) كتاباً رسمياً يطلب فيه من الصدر ودون لبس، اعادة المدارس والمكتبات لآل الحكيم . ويبدو ان حادث مصرعه كان بمثابة المادة المفجرة والصاعقة في هذا التوتر. وثمة معلومات مؤكدة ان المعارك التي نشبت في النجف بين مقتدي الصدر واتباع السيستاني (صيف 2004) دارت بعد انباء عن تجريف قبر الصدر (الاب) من قبل فيلق بدر الذي يتبع المجلس الاعلي (بقيادة عبد العزيز الحكيم). ولئن جري التغاضي عن هذه الواقعة، وبدلاً عنها جري التركيز علي تصوير الصراع ضد آل الحكيم كما لو انه صراع ضد الاحتلال الذي مكنهم من فرض سطوتهم علي النجف؛ فان تاريخ التنافس والمماحكات بين الاسرتين ظل يرمي بثقله علي اي حادث جديد بما في ذلك تدمير قبر محمد صادق الصدر.كراهية متبادلة بين آل الحكيم وآل الصدرلقد امتزجت صور الكراهية والعداء الاسري بين الفريقين، بصور التنافس السياسي وحتي المزايدات والمناورات. وعلي الارجح؛ فان ارتباط اسم آل الحكيم بالغزو الامريكي للعراق، تبدي كفرصة ذهبية بالنسبة لمقتدي الصدر للانتقام من خصومه. ولذا تداخل عامل القرابة التي حطمتها التنافسات، مع عامل الموقف الوطني من الاحتلال الامريكي، وهذا الاخير بالرغبة في لعب دور واسع يقطع الطريق علي آل الحكيم داخل الجمهور الشيعي؛ لتصبح ـ هذه العوامل جميعاً ـ مادة متفجرة جديدة تغـــذي العداء المستعر. ومع ذلك، فان الاحداث والظـــروف ســرعان ما دفعت الاسرتين المتصارعتين الي التعاون باشكال وصور مختلفة، جسدتها اخيراً قصة التنسيق بين جيش المهدي وفيلق بدر. كما ان الاحداث والظروف هي التي دفعت الصدريين الي تناسي ما كانوا يعتبرونه دوراً قذراً لآل الحكيم في مساعدة الامريكيين. ان قصة الاصابع الخارجية التي لطالما اُثيرت في الجدال حول الحوزة، تبدو اكثر وضوحاً حين يجري سرد منظم ودقيق لتاريخ الاتصالات الشيعية ـ الامريكية المبكرة برعاية ايرانية غير مباشرة، وبموافقة مرجعية الخوئي.اقامة دولة عربية اسلامية ديمقراطية: الحوار الشيعي/ الامريكييمثّل غزو العراق في واحدة من اهم دلالاته الداخلية، اول شكل من اشكال التنسيق العملي بين قوي دينية عراقية وقوة دولية عظمي، وهو امر نادر الحدوث في التاريخ السياسي والاجتماعي العراقي؛ اذ لم يحدث ان دخل رجال دين في ما يشبه تحالفاً سياسياً مكشوفاً مع قوة عظمى، ومن اجل هدف وحيد هو الاطاحة بالنظام بواسطة الغزو العسكري. واذا كان العراقيون استردّوا في لا وعيهم الجمعي، القصة الشعبية (الاسطورية) الملتبسة، عن دورٍ من نوع ما قام به في الماضي البعيد احد رجال الدين في تسهيل غزو هولاكو للعراق؛ فانهم ما انفكوا يبحثون عن المبررات والاسباب التي دفعت بعض رجال الدين الشيعة الي التنسيق مع الامريكيين منذ عام 1991. ان الوثيقة الخطيرة التالية التي نعيد نشرها لغرض الاطلاع عليها من جانب جمهور اوسع من القراء والمهتمين بدور رجال الدين الشيعة، تسلط الضوء علي هذا الجانب الخفي والمعقد من العوامل والاسباب التي وقفت خلف هذا التطور المثير.وثيقة الحوار مع الادارة الامريكية: مجموعة شيعية عراقية تدير حواراً مع واشنطن لاسقاط صدام حسينفي آذار (مارس) 1991 وبعد ايام قليلة فقط من خطاب الرئيس الامريكي جورج بوش (الاب) الذي دعا فيه العراقيين الي الاطاحة بالرئيس العراقي، وفي اعقاب حرب عاصفة الصحراء التي اخرجت الجيش العراقي من الكويت، تفجرت في معظم المحافظات العراقية (الجنوبية والفرات الاوسط ذات الغالبية الشيعية) اعمال شغب وفوضي عُرفت في الادبيات الشيعية السياسية بـ (الانتفاضة الشعبانية) انتهت الي سقوط نحو 14 محافظة في قبضة المتمردين. كان التمرد واسعاً ومخيفاً، فاعمال القتل والحرق والنهب عمت سائر المدن في هذه المحافظات، ينما انكفأت الحكومة المركزية علي نفسها في بغداد. داخل العراق بدا ان الربط بين دعوة الرئيس بوش للثورة وبين وقوع اعمال التمرد هذه، وكأنه يعيد الي الاذهان الصورة المرّوعة والخيالية لامكانية وقوع البلاد في فوضي عارمة.اما خارج العراق، فبدأت في هذا الوقت سلسلة من الاتصالات المحمومة بين المعارضين. ثم تعالت في اوساط الاحزاب والجماعات الشيعية المنفية المقيمة في طهران ودمشق ولندن، الدعوات الي فتح قنوات اتصال مباشرة بين الشيعة والامريكيين . مثل هذه الدعوات كانت صادمة للوجدان، وابدي كثير من السياسيين المعارضين استغرابه من هذا التحول في استراتيجيات الصراع ضد نظام الرئيس صدام حسين؛ فحتي وقت قريب من هذه الاحداث، كان الصراع محكوماً جزئياً علي الاقل، بقواعد عمل تؤكد علي استبعاد العامل الخارجي.في سياق هذا التطور، تبلور تيار شيعي من داخل وخارج الاحزاب الدينية، بات يجاهر علناً بوضع استراتيجية بديلة تقوم علي اساس التحالف مع الامريكيين. وبين آذار (مارس) وحزيران (يونيو) من العام نفسه تشكلت لجنة مؤلفة من شخصيات شيعية مستقلة كما اسمت نفسها. وبعد ايام من الاتصالات السرية تلقت اللجنة دعوة رسمية للقاء وزير الخارجية جيمس بيكر والسفير ادوارد دجرجيان وجون كيلي. في واشنطن تم الترتيب للقاء قصير مع بيكر اعتبر لقاء بروتوكولياً قيل فيه للضيوف انه لن يستغرق سوي بضع دقائق. اما اللقاء مع كيلي فسيكون، كما قيل لهذه المجموعة، مطولاً من اجل وضع اللمسات الضرورية لانشاء قنوات اتصال فعالة. كان كيلي مسؤولاً عن الملف العراقي، وكان علي رأس الوفد الشيعي الذي توجه الي واشنطن رجل الدين الشاعر مصطفي جمال الدين المقيم في دمشق، ورجل الدين محمد بحر العلوم المقيم في بريطانيا ومجيد الخوئي ابن المرجع الشيعي الاعلي(في هذا الوقت كان ابو القاسم الخوئي هو المرجع الاعلي وكان يستعد لتقديم السيستاني كخليفة له. وكان مع هذا الفريق السياسي الشيعي عزت الشابندر (عضو مجلس النواب الحالي).خلال اللقاء جري تسليم الامريكيين الوثيقة التالية التي تشرح، باسم المرجعية الشيعية وباسم الخوئي شخصياً، موقف الطائفة ورؤيتها السياسية ورغبتها في التحالف مع الامريكيين. وتشير معلومات اضافية الي دور محوري لعبه موفق الربيعي (المدعي ان اسمه الحقيقي كريم شاهبور والذي يشغل اليوم منصب مستشار الامن الوطني).وهنا نص الوثيقة (التي نشرت في صحيفة النهار البيروتية يوم الاربعاء 23/10/2002 بعد بضع سنوات من الحوار) نشير هنا ، فقط الي ان الجانب الامريكي الذي شعر بسعادة غامرة باستعداد رجال الدين الشيعة لعقد تحالف علني مع واشنطن، رتب فيما بعد لقاء مطولاً بين بيكر وجمال الدين. في ختام اللقاء قال بيكر للوفد الشيعي معبراً عن اسفه: لو سمعنا مثل هذا الكلام قبل اربعة اشهر لكان

0 التعليقات:

إرسال تعليق




الارشيف

المتواجدون الآن