من أنا

صورتي
ابو وائل
" إذا خانتك المبادئ ، تذكر قيم الرجولة " قولة عظيمة لرجل عظيم...لا يكون الا عربيا!
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

للاتصال بالمحرر:

whamed6@gmail.com

هل تعتز بانتمائك الى امة العرب ؟

اذا كنت تعتز بانتمائك الى امة العرب..نقترح عليك خدمة بسيطة ، تطوعية ونبيلة..وهي ان تعرّف بمدونة صدى الايام عبر نشر رابطها في مواقعك والمواقع الاخرى ولفت النظر الى منشوراتها الهامة والحيوية..وان تجعلها حاضنة لمقالات المهتمين بشأن امتنا - عبر بريد المحرر-واننا شاكرين لك هذا الجهد.

فسحة مفيدة في صفحات صدى الايام وعبر ارشيفها







نصيحة

لاتنسى عزيزي المتصفح ان تؤدي واجباتك الدينية..فمدى العمر لايعلمه الا الله..وخير الناس من اتقى..قبّل راس والدك ووالدتك واطلب منهما الرضى والدعاء..وان كانا قد رحلا او احدهما..فاطلب لهما او لاحدهما الرحمة والمغفرة وحسن المآل..واجعل منهجك في الحياة الصدق في القول والاخلاص في العمل ونصرة الحق انّى كان

ملاحظة

لاتتعجل عزيزي الزائر..خذ وقتا إضافيّا وعد الى الأرشيف..فثمة المفيد والمثير الذي تحتاج الاطلاع عليه..ملفات هامة في الاسلام السياسي..في العقائد الدينية الفاسدة والشاذة..في السياسة العربية الرسمية..في مواضيع فكرية وفلسفية متنوعة..وثمة ايضا..صدى ايام الثورة العربية الكبرى




إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

لفت نظر

المقالات والابحاث والدراسات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن وجهة نظر ادمن المدونة

سجل الزوار

 

ضد المكان / نحو خطاب فلسفي مقاوم

                                                  

لم يترك لي دق طبول الحرب على الحرية في فصلها الأخير مجالا للهو. فوجدتني ضمنها ومن موقع المتفرج الحائر و المشدوه إزاء ما يمكن أن يفعله الغباء بالتاريخ. وبعد أن قتلت الكثير من أعداء الإنسان في نومي الملتهب و يقضتي الهائمة، وقتلت مرات لا تحصى، أنسحب بحثا عن مكان أنسى فيه المكان..
المكان يجثم على الكيان.يخنق أنفاسه. يلتف حوله و ضمنه و ينتصب أمامه دائما رافعا شوكة الموت. ينتجه أشكالا متتالية منبسطة و معبأة باللحم. الانسان يظل دائما شبيه ذاته مطابقا لصورته وماضيه مستقبله. رحلته هروب بطيئ يائس من المكان و اليه. يتراكم في الموقع نفسه دون أمل في هوية جديدة خارجه و اللحظة. الفلسفة تتحسس هذا الضيق و تستكشف ميتا-المكان/جغرافيا لامكان. إنها لا تتحرك في فضاء الممكن و المرئي و المتوقع كما ايديولوجيا حب البقاء الغبية ، بل تلقي بنفسها في المجهول، وهذا أمكان إبداعي في حد ذاته. حينما تحاصر المكان تغوص في جذور ثورة الانسان المعاصر/ الضحية و تضيئ مساحات الفعل الضدي المقاوم.
حين لاحظ سقراط سوء فهم الإغريق للالهة و الحياة و المعرفة وسوء فهمهم لأنفسهم و قدر التدافع المحموم داخل الكهف الضيق و المظلم، أنكر نفسه و تطلع الى الخارج ومارس عقيدته بتصميم نموذجي أضحى مرجعا و عبرة. إنه أول من مارس طقوس التقرب من لامكان ( غبر معرف لانه غير معروف ) بعد النبي نوح على ظهر سفينته. ما يميزه أنه تطلع الى مكان غير تقليدي ودون مستطاع مداركنا حينما لا نعيش الحالة ولا يتوافر لدينا الحافز نفسه. سقراط لعن الإغريق ومكانهم خصوصا حينما اصبح على مسافة منهم- وهو ضمنهم- ولم تعد تنفع معه أذاياهم بحيث ان مفعول الأذية العقابي يختلف بقدر اختلاف الرؤية بين الضحية و الجلاد. المكان ليس بيت سقراط، والدته، صحبه، شوارع أثينا. وإنما الملء الاسود الذي يطفح به هذا الاطار و يرتبط بهذه الرموز. إنه كيفية وجود غير عادلة وفقا لمقاييس الفيلسوف أو أنها إختمرت بالخطأ و الزيف و الوهم و الانحراف بحيث لا تحيل الا الى افق استفحالها بينما اللامكان مشروع او عقيدة و رؤية غير ذات تظاريس واضحة يكتسب مشروعيته من الحاجة الى محاربة المكان و التحرر منه. إغرائيته تنبع من حجم الأذى الذي يلحقنا من المكان و قبحه. علينا أن نخرج اليه ونخالف القطيع في اتجاه سيره علنا نفوز بعبق الحيرة و الإرباك و تنطع الخيال بدل غبار الحوافر وما تفرزه البطون.
انه حيثما حملتنا الاسئلة و ايما كان قدر القلق الذي ينتابنا و الافكار التي نتحسس تدافعها في كل لحظة من لحظات وجودنا، لاشك ان المكان بمضامينه ورموزه المتنوعة و المعقدة وفي ضوء قدريته المزعومة يشدنا اليه فنعود غافلين او يائسين طمعا في هداياه. يسوقنا الى اهداف استهلاكية وخلالها او بعدها يقذفنا بالجمرات. الناس في لحظة وجودية قاتمة لا يكفون عن طلب امتلاك سيارة او بيت او وظيفة او لباس انيق..وهنا ينعم الشيطان الفولاذي المتوحش باتساع مجاله و فرض مشهد القتل الذي يتلذذ به و يرغمنا على المشاركة الفاعلة وفق الية الصمت.إن عالمنا ، مملكة هذا الشيطان ، المكان الذي يطبق على الأنفاس ، مؤسسة و بنية. الاطراف ( المخالب) متصلة بالمركز عقيديا و تعمم عالميا خدعه ، شعاراته الزائفة ، استراتيجياته الإفنائية ، فينال كل انسان نصيبه من الموت.ماذا نفعل بحياة كحياتنا و بعالم كعالمنا ؟؟ ما مبرر تصالحنا مع المكان وهو يضيق بنا و يتجاهل فطرة الحرية التي لدينا ؟ الا تبدو الالهة قد حكمت علينا مسبقا باستحقاق العقاب و سارعت الى تنفيذه مخالفة الوعد بالعدل ؟.هل يعد تحسس السبيل الىاللامكان تمردا عليها و افتكاك المبادرة منها؟..أيها الناس : هل ترون فحلا في الإستبداد يذرف دموعه على العدالة الضائعة ؟هل ترون جلادا يسعىلان يكون رحيما شفوقا؟ هل ترون مستعمرا يكف عن توجيه حرابه الى البطون حيثما صادفها وان جثت الأجساد تقبل حديده؟ هل ترون إعلاما يسمي الأشياء بأسمائها او يفسح المجال للاسماء وان اختلفت لتلاقي أشياءها؟ الاترون كل شعوب العالم علوجا و نعاجا تساق على دفعات ةفي أوقات متزامنة الى مسالخ المستبد و الجلاد والمستعمر و الاعلامي اللقيط؟؟..لايبدو السلاح النووي الإمكان الوحيد لإنهاء الحياة. الحيات تنتهي حينما يطرد منها الروح. حينما تكف عن ان تكون قيمة مقدسة في حد ذاتها ، ويكف الإنسان عن ان يكون قيمة مقدسة في حد ذاته. إني ألعن الحضارة التي خولت للجندي الامريكي ثقب جمجمة شيخ برصاصة حاقدة في احد مساجد الفلوجة العراقية ،والامر بالنسبة اليه كمن يرمي علبة فارغة على قارعة الطريق.أي حرية وأي تحرير واي عدالة؟..أي رسالة يمكن أن يشكر عليها هذا الغازي؟هذا القاتل ينتسب اليكم ايها البشر..له بكم صلة قرابة وتجمع بينكم الكثير من المشتركات..الانسان أفسد العالم بغبائه و تجرده من القيم، أفقد الوجود عطره وحوله الى كومة من الفضلات تنساب منها قوافل الحشرات وأسراب البعوض.
المكان حافل بالخطأو الخطيئة ، يفتقر الى الروح ، منفتح للطابع الإنسكابي للموت الرخيص و المذل ولانكسار الارادة. الشر في مركزه ويتدفق نحو الاطراف التي تعيد إنتاجه عبر المركز. ولما كانت الفلسفة تتابع هذه الحركية المدمرة وهذه الصفحة المؤلمة من تاريخ الانسانية ، فانه لا يمكنها التافف عن بذاءة الرد، لايمكن لخطاب ينتسب الى سقراط ان يتحول الى رافد من روافد السائد. هذا النص رسالة الى انصار الفلسفة كي يقطعوا مع الصمت و يحسنوا التصويب نحو الوحوش الفولاذية المنتشرة هنا وهناك، ويكفوا عن اللهاث خلف الالقاب و الامجاد المزيفة و الزائفة.ان تجاهل ما يحصل للانسان ولقيم الحياة مشاركة في الجريمة.انه شذوذ و تواطؤ لايمكن تبريرهما. تجاهل الفلسفة للسياسي قفز عن الواقع وهو خيار لافلسفي، فالعصر هو الذي ينتخب لها قضاياها و يحدد مجالها وحقل فاعليتها وهي تواجه ازماته و ظواهره الأكثر بروزا على قاعدة ما تعرف به من نزعة الفضح و التعرية وما تحتكم اليه من مبادئ الاختلاف، الحرية و الكرامة الانسانية.قدر الفلسفة اليوم ان تكون في قلب المعركة ضد رموز المكان وما يطفح به من سياسات.من لا يستجيب لقدرها يحرم من شرف صحبتها.
نحن امام معركة مصيرية او في خضمها مع المكان الذي يعادينا و يلغينا و يؤثث بنا مسرحه، بل ويقتلنا مشهديا وبشكل احتفالي بوسائل فيها الكثير من الفن و السحر،مع سياساته و استراتيجياته التي يحملها حيث امتداداته وينفذها على حساب انسانيتنا وضدها، ومع ما يبرر ذلك او يصاحبه من اخفاء و تمويه، من تجميل للقبيح و تقبيح للجميل.معركة مع عدو غير مرئي وغير مشخص يكون خلالها اقوى على الحضور من قوى المقاومة واكثر جاهزية منها، لذلك فهي صعبة وقد تأخذ من الزمن أحقابا. لكن التحولات التاريخية الحاسمة و الكبرى لاتأخذ شكل الوثبة الا في فصلها الاخير الذي يحجب عنا حجم الجهد الانساني الذي بذل لاجلها. ان تحسس السبيل الى اللامكان الذي يقترن و يتزامن مع الثورة على المكان إعلان عن مولد تاريخ جديد او هو تشبيب لصورة الحياة التي تهرمت. ما يبرر هذا الامكان الفلسفي الوجودي هو نفاذ المعين الايتيقي للمكان: قوافل المعوقين واليتامى والمتسولين حيثما نظرت في خارطة العالم،المعتقلات، التعذيب بالمثقب الكهربائي، جثث الناس المكدسة في المزابل و اطراف المدن..ألا يبيح هذا المشهد تحول الكلمة الى رصاصة و المفكر " الأنيق " الى " ارهابي " ؟؟يجب على الفلسفة ان تجمع بين حكمة التعقل و حكمة الغضب، وان تغوص في عقول الاصدقاء و أحشاء الأعداء.

 ان الجغرافيا او سياسة الاحلاف لم تعد تحول بيننا و الاذى، فكل من يدوس الكرامة الانسانية وان كان في الاقاصي انما يدوس كرامتي وهو عدو للحياة. هذا الوازع الانساني الرفيع واللاايديولوجي هو الذي حفز البشر في كل دول العالم على التظاهر ضد غزو العراق ولا زالوا ينتظمون في اطر حركية- في حمى الاحتفال باوباما-منددين بفساد العالم وسقوط القيم رغم ما يبديه العرب من صمت وما يرمز اليه صمتهم من حياد وان كان قهريا. الثقافة بمختلف اشكالها يجب ان تشارك في صنع هذا المنعطف التاريخي الحاسم. المعركة الثقافية يجب ان تتسع لخطابات الضد. يجب اختبار قدرة الكلمة على تطهير العالم..لانعتقد ان الادب بمختلف اشكاله في حجم هذا الرهان، فهو بطيئ الخطى، غير ناري، خطابه خاضع للظوابط الجمالية ومدى فاعليته لا يبلغ حدود المكان مهما كان حالما. انه اقل اقتدارا من الاسطورة التي يعود اليها شرف اول مغازلة لللامكان رغم كون قضيتها ضعيفة انسانيا وان كانت رمزيتها المعرفية قوية. ان قيد الادب هو الجمالية وهي اشتراطات تهمش في كثير من الاحيان جدة الموضوع. لا يمكنه التاهل للعب دور ايجابي في هذا الصراع الا اذا فاض المضمون على الشكل وهيمن البعد الانساني و الوجودي على البعد الجمالي. حينما يكون الاديب محاربا تاسر حالته الابداعية كيانه وتخرج عن حدود النص فيعيش القضية خارج الكتابة ابداعيا ايضا. ان التعاطف مع قضية الانسان المعاصر خلفية واطار ورافد من روافد ابداعية النص، لكن هذا النص يلامسها في مستواها الجزئي او المحلي او القطاعي فيظل ضمن مستوى الواقع وهنا لايرقى الابداع الادبي الى كونيتها. ان تجنب الجمالية كغرض هو ما يمكن الادب من ولوج ميدان الفلسفة وهو مانجح فيه الاديب والفيلسوف البير كامو. ان الفنون على اختلاف اشكالها مطالبة بالكف عن الترويج للمصالحة مع المكان من خلال شعار " القفز على الجروح والالام " ،الكف عن اعادة صياغته جماليا حتى لاتقع في تبرير شروره المتصلة به بنيويا. ان تقنية السخرية التي يمارسها الفن باسلوبه الخاص دافع الى احباط تدافع المكان نحو المزيد من العداء و الالغاء لنا وطاقة تسند اندفاع قوى المقاومة، وهي ضمن اليات الالتزام الفني بقضية الانسان، اليات الجمع بين الجمال و القضية.هذه الظاهرة تذكرنا برسام عربي واجه الوحش منفردا فابتلعه المكان وهو ناجي العلي.هذا الفنان المقاومالذي لا تحتفل به ثقافة المقاومة الا ماندر قادته القضية الى الفن.ان الاعتراض المركزي المفترض على مضمون مانكتب واتجاهه هو ان اهتمامنا يتعلق بالشان السياسي وهو موضوع السياسة وليس اي خطاب اخر. ونرد وفق الترتيب التالي:
** اولا: ان الفيلسوف لا يفارق المدينةوان ربض على تخومها وبالتالي يصيبه مايصيب الناس او يصيبه مضاعفا فيخترق وعيه وهنا يتشكل " الحدث " السياسي ضمن رؤية فلسفية لاتتوفر على البناء الهندسي المميز للايديولوجيات، باحثة عن المعنى وليس عن الحقيقة ومحكومة بارادة فهم وتاويل انسانوي.
**ثانيا: ان الفلسفة ليست خطابا تخصصيا من حيث موضوعها وان كانت كذلك من حيث الياتها واسلوبها وزاوية نظرها،ونذكر هنا مراجع فلسفية ذات ثقل مثل افلاطون، ارسطو،الفارابي، فلاسفة الانوار وغيرهم كثير.فقد فكروا في الشان السياسي خارج السياسي وكانت لاطروحاتهم علاقة جد وطيدة بمعطيات اللحظة ماكان في مستطاعهم تجاهلها.
**ثالثا: ان الفلسفة خطابا حكما وليس تابعا، لاترتدي غير ثوبها.من منظورها يبدو خطاب السياسة غير ايتيقي، محض تقني وهو لايدرك السياق التاريخي والابعاد الكونية لظواهره وبالتالي لرهاناته، فيقع في صنمية الحقيقة ويهمش المعنى.هذا الخطاب لايلتزم بقضايا الانسان وبكليته، انما بمصالح فئة، وهي مصالح " عقلية " ، " ثابتة " و "مقدسة " كما العقائد. رهانه على الانسان ينطوي على مفارقة اذ يهمش في مستوى الواقع ارادته، ينمط افعاله وردود افعاله ويدمجها ماقبليا ضمن شبكة من التعليمات او التوجيهات فتفرغه من اختلافه الخاص. يحوله الى الة تنفيذية بدل ذات فاعلة ومسؤولة. ان هذا الخطاب احد عناوين المشهد الذي نحاربه.
**رابعا :قضيتنا الانسان ونحن نعنى في هذا النص كما في نصوص سابقة بازمته الراهنة وهذا حقل فلسفي بامتياز. الازمة مركبة ومعقدة، ذات ابعاد وتتمظهر في اشكال متعددة: انها ازمة روح حيث افرغت الحياة من مضمونها الجماليوغادرت قيمها عالمنا. ازمة فكر حيث بلغ الاتحاد ذروته بين لوغوس المعرفة ولوغوس السلطة،فاصبحت اليات الرقابة ذاتها انتاجا معرفيا.ازمة وجودية تتمثل في تقطع الكيان ومظاهر القطائع خارجه فاصبح الاحساس بالضيق و اللامعنى مشتركا انسانيا راهنا. ازمة سياسية تتمثل في اعادة صياغة العلاقات الدولية وفق مبدأ القوة وشرعنة نزوة الهيمنة. نشير هنا الى التاسيس الديني لاطروحة " الفوضى الخلاقة " حيث تزعم الجهة التي تتبناها تنظيرا وممارسة انها تتلقى الوحي من السماء..هذه العناصر، مضافة اليها ازمة التاريخ وازمة البدائل مترابطة ويحيل بعضها الى بعض، لذلك فان اي طرق لازمة الانسان المعاصر لاشك يضعنا في مواجهة مازق سياسي بماهو مظهر من مظاهرها.
ان ما دعانا الى محاورة هذا الاعتراض الافتراضي هو ادراكنا لحجم التشويه الذي لحق ويلحق بالتفكير السياسي غير المؤسسي، غير الرسمي وغير الولائي. تشويه يهدف الى تعميتنا عن كارثية واقعنا وخلق جيل يستهلك السياسات و الايديولوجيات التي تنتج له في مخابر تعود ملكيتها الى الالهة..كل شيئ مسموح به عدا ان تفكر. وفي المحصلة: لاشيئ مسموحا به على الاطلاق.
ان مقاومة العدو الشبحي ( المكان ومفرداته ) يجب ان تكون اطارا للرفض الفلسفي الشامل وتمردا صريحا وعنيدا على المؤسسة ، انفلاتا واعيا من شباكها،خطابا اعتراضيا وخصاميا. المقاومة ان تحافظ على براءة الفكر وحرارة الاحساس بالاخر/الضحية.ان ننسى انفسنا في لحظة يستثنى فيها الانسان قيم الاستهلاك وان نتحلى بحكمة الغضب. ان نتحصن ضد كل احتواء و استقطاب. ان يكون الانسان مقياسا ومرجعا وغاية في تقييم مفاصل المكان ومجرياته. المقاومة فلسفة وجود معاصرة يبررها واقع الهيمنة المعممة بماهي عقيدة افناء للنماء و الاخصاب و البقاء.الفلسفة، كما في كل مرحلة من التاريخ، تلبي نداء الانسان التائه و التائق الى الخلاص وقد بنت امجادها على هذه الروحية وهذا الالتزام. انها اليوم امام امتحان تاريخي صعب: مواجهة مايفعله " الغباء الخلاق " بالحياة والدفع نحو انكشاف حجم عدائه للحرية و العذالة والديمقراطيةن حجم عدائه للانسان. سيسجل التاريخ صمت الصامتين وثورة الرافضين والقوى التي تتصارع على اتجاهه. ان الغباء المفسد للعالم مصيره الفشل وهو يتجه برموزه ومؤسساته الى قبورهم. لم يلق التاييد الا من الجبناء، الطامعين، المستبدين والمتاجرين باوطانهم. ان بضاعة من يمتدح الاله الفولاذي الغبي هي وطن، والثمن هو منصب كرتوني وربطة عنق وزجاجة عطر.لقد حصل في منتصف القرن الماضي ان نصبت القوى الاستعمارية زمر عميلة لها في مؤسسات الحكم، لكن حركات التحرر الوطني قامت بكنسها. المشهد نفسه وربما باكثر كاريكاتورية وفداحة يتكرر اليوم في العراق، فادوات الاحتلال المنصبة تكيل بلا ملل او كلل المديح للمحتللقاء تحريره للبلد. ويناشدونه متوسلين الاستبسال في اسنادهم.ايعقل ان تنسكب حمم جهنم على رؤوس العراقيين حقدا على صدام حسين ؟؟..الم يعلم الرجل في لحظة رحيله كل التجار و السماسرة الذين يعج بهم العراق، المنطقة والعالم درسا في الايمان بعدالة قضيته و الانسان ؟؟..ان كل جرائمه المفترضة كانت ستكون حقيقية لو انكسرت روحه، لان التاريخ علمنا حجم جبن المستبدين.من يفقد الملك والولد و الاحبة و الحرية ولا تنكسر روحه يمثل في حد ذاته ظاهرة سيكولوجية جديرة بالبحث و التامل ولا شك سياتي زمن تحتفل فيه الثقافة بشموخ روحه على طريقتها باعتبارها روح مقاومة من المولد الى حبل المشنقة...ان الامة التي ينحر قائدها في ديارها يوم عيد اعيادها لاشك امة ساقطة ولقيطة، والشعب الذي يتفرج على رئيسه يذبحه الغازي لكونه قاومه بالولد والروح هو شعب لا يستحق الحياة. وهو بالتاكيد لا يقدر حجم العار الذي لحق به. اما صدام حسين فسيتحول الى اسطورة في الضمائر الحية، ضمائر الاعراب العراة تحديدا، بعيدا عن مواخير شعبه وامته الذين شربوا على نخب انكسار رقبته صمتا وخذلانا.لن يسجله التاريخ ضمن ابطال حركات التحرر بل ضمن الانبياءن معلمي الانسانية العظام ان لم يكن ضمن ملائكة الرحمان الذين ترجلوا ورحلوا.
اني ارفض مكاني ( لغتي ، عباءتي وعصاي و الحشرجة من حولي) واود الرحيل على طريقة الذين رحلوا. راحلتي هي الفلسة وافاقها افاقي.فهي الانثى التي تسكنني وتنطق باوجاعي ولا يستطيع الفولاذ كبت همساتها الليلية الساحرة.ان الترحل الفلسفي عنوان كل رحلة/حرية تائقة الى الخلاص ايما كان مرجعها المعلن لان الفلسفة هذا الفعل في حد ذاته. الفلسفة التزام مبدئي بالحرية خلافا للدين او السياسة بماهما تجارة ومساومة على الانسان مع المكان. فلسفة المقاومة ضد المكان من اجل السلام.ولا يتحقق السلام العالمي الا بعودة دار السلام.
الهادي حامد /تونس


نشر كاملا بمجلة " كتابات معاصرة " البيروتية العدد67 شباط-اذار 2008 ./

0 التعليقات:

إرسال تعليق




الارشيف

المتواجدون الآن