من أنا

صورتي
ابو وائل
" إذا خانتك المبادئ ، تذكر قيم الرجولة " قولة عظيمة لرجل عظيم...لا يكون الا عربيا!
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

للاتصال بالمحرر:

whamed6@gmail.com

هل تعتز بانتمائك الى امة العرب ؟

اذا كنت تعتز بانتمائك الى امة العرب..نقترح عليك خدمة بسيطة ، تطوعية ونبيلة..وهي ان تعرّف بمدونة صدى الايام عبر نشر رابطها في مواقعك والمواقع الاخرى ولفت النظر الى منشوراتها الهامة والحيوية..وان تجعلها حاضنة لمقالات المهتمين بشأن امتنا - عبر بريد المحرر-واننا شاكرين لك هذا الجهد.

فسحة مفيدة في صفحات صدى الايام وعبر ارشيفها







نصيحة

لاتنسى عزيزي المتصفح ان تؤدي واجباتك الدينية..فمدى العمر لايعلمه الا الله..وخير الناس من اتقى..قبّل راس والدك ووالدتك واطلب منهما الرضى والدعاء..وان كانا قد رحلا او احدهما..فاطلب لهما او لاحدهما الرحمة والمغفرة وحسن المآل..واجعل منهجك في الحياة الصدق في القول والاخلاص في العمل ونصرة الحق انّى كان

ملاحظة

لاتتعجل عزيزي الزائر..خذ وقتا إضافيّا وعد الى الأرشيف..فثمة المفيد والمثير الذي تحتاج الاطلاع عليه..ملفات هامة في الاسلام السياسي..في العقائد الدينية الفاسدة والشاذة..في السياسة العربية الرسمية..في مواضيع فكرية وفلسفية متنوعة..وثمة ايضا..صدى ايام الثورة العربية الكبرى




إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

لفت نظر

المقالات والابحاث والدراسات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن وجهة نظر ادمن المدونة

سجل الزوار

 

في الذكرى الرابعة عشرة للرحيل: عصمت سيف الدولة..وحديث متجدد عن المستقبل العربي/حبيب عيسى

في الذكرى الرابعة عشرة للرحيل :
عصمت سيف الدولة ...
وحديث متجدد عن المستقبل العربي ..

" نعترف أننا قد تعمّدنا ، ونتعمّد أن يبقى الباب مشرعاً للدخول إلى بساط الثلاثاء هذه الأيام من بوابة الجمهورية العربية المتحدة المستقبلية ، وأن نتجاوز انفصال النحلاوي ، بالإقليم الشمالي 1961 ، ثم انفصال السادات بإقليمها الجنوبي 1971 ، وبالتالي ، فنحن نتحدث عن جمهورية عربية متحدة ، إفتراضية ، يعّد العدة لها جيل عربي جديد ، وبما أننا اليوم في الثلاثين من آذار – مارس – فإننا في يوم الأرض العربية التي احتضنت في مثل هذا اليوم عصمت سيف الدولة من الإقليم الجنوبي ، وجمال الأتاسي من الإقليم الشمالي ، وهما رمزان للحلم الوحدوي العربي المتجدّد ، الذي لم ينال منه الانفصال ، شمالاً ، وجنوباً ، سنفرش بساط هذا الثلاثاء بحديث عن عصمت سيف الدولة ، والمستقبل العربي ، حيث كانت قد أقيمت ندوة في "معهد العالم العربي في باريس" تحت العنوان ذاته ، بتاريخ :28/تشرين الثاني – نوفمبر –/ 1997 ، وكان لي شرف المساهمة فيها بالكلمة التالية ، أضعها بين يدي الشباب العربي ، لاستكمال ملف التوثيق . "
( 1 )
(( السيد الرئيس .....
السادة الحضور ..
إنني أشكر لكم هذه المشاركة الممتازة في تكريم شيخ القوميين العرب عصمت سيف الدولة في إطار الحديث عن المستقبل العربي ، فإنني قد اعتقدت دائماً أن الحديث عن عصمت سيف الدولة ، وعن المستقبل العربي ، هو حديث واحد عن مفردتين متداخلتين ، وذلك استناداً إلى اعتقاد راسخ ، بأن منهج " جدل الإنسان " هو منهج القوميين العرب التقدميين لانتزاع المستقبل العربي من الأيدي الآثمة التي تضع يدها الغاصبة على الحاضر العربي استبداداً ، وطغياناً ، وهيمنة ، وقرصنة ، واحتلالاً ، وبالتالي ، فنحن نتطلع اليوم إلى مستقبل الأمة العربية ، وإلى مستقبل الإنسانية جمعاء من منظور إنساني كما رسمه الراحل العظيم ، حيث الإنسان في كل مكان من هذا العالم ، متحرر من العبودية ، والاستبداد ، والاستغلال ، والاستلاب ، وحيث تحيا الشعوب بما تملك ، وتجهد ، وتعمل ، فتحيا الأمة العربية بما تملك ، وتنتج ، وتجهد ، وحيث يختفي من العالم التمييز العنصري ، والمناطقي ، والطائفي ، والمذهبي ، والطبقي ، والأثني ، والاجتماعي ، وحيث يختفي هذا النظام العالمي القديم ، الجديد الذي استمد قوانينه من أعراف القراصنة ، وتجار العبيد ، ورعاة البقر ، وحيث تسود الإنسانية عدالة اجتماعية يستحقها الإنسان ، الإنسان في كل مكان ، وعلى امتداد الزمان ...
( 2 )
وإذا كنت حقيقة ، لا أعرف من أين أبدأ حديثي إليكم ، ولا أعرف أين أضع نقطة ، وأقول انتهى ، ذلك أن الحديث إليكم ، ومعكم ذو شجون ، لا حدود لها ، فأنتم هنا في غربة عن وطنكم ، ونحن هناك غرباء في وطننا ، إنه إذن حديث بين غربتين ، لكن الغربة هنا ، وهناك لا تنتقص من وجود الوطن ، ولا تنال من عظمة الأمة ، وإنما تؤكد أن هناك ، وهنا معركة لم تنته بعد ، هم ، في وطنكم ، وهنا في المغتربات ، وفي كل أرجاء هذا العالم يعتقدون أنهم حسموا المعركة ، فنحن ، كما يرددّون ، لم نعد إلا كائنات شرق أوسطية ، وشمال إفريقية ، لا هوية لها ، لكن ، في المقابل ، مازال في هذه الأمة من يرفع الصوت ، ويقول ببساطة شديدة ، نحن امة العرب ، امة مزروعة في وطن العرب لا ينال من وجودها ، وعظمتها العدوان الخارجي ، ولا تلك السلطات الواقعية العابثة بوجود الأمة ، وتاريخها ، والمنتشرة بين المحيط ، والخليج ، تحت حماية أساطيل العدوان ، ومستعمرات الصهاينة ، والذين تصهّينوا ... بل لعلي أقول ، أن ما يجري الآن ، هو شاهد هذا العصر ، يضاف إلى شواهد التاريخ ، بأن كل الذين تطلعّوا للسيطرة على هذا العالم ، قرصنة ، واستعباداً ، كانوا ، ومازالوا يقيسون مدى انتصاراتهم ، وهزائمهم على مدى تحقق هذه ، أو تلك في وطن العرب ، ولهذا فنحن ندرك أن قضيتنا ليست قضية محلية ، هامشية ، في إحدى زوايا هذا العالم ، بل نحن القضية المركزية فيه ، ودولة الولايات المتحدة الأمريكية الزعيم الأوحد للنظام العالمي الجديد ، تدرك أن زعامتها ، وسيطرتها ، وهيمنتها على العالم ، تتوقف على مدى وجودها ، من عدمه ، في الوطن العربي ، وهي تدرك أنها عندما ستضّطر ، لحمل مستوطنات الصهاينة ، والرحيل بها ، من ارض العرب ، ستخسر هيمنتها على هذا العالم بأسره ، وعندما يفعلها العرب مرة أخرى .. ستتغيّر قوانين القراصنة ، ورعاة البقر ، التي يسمونها ، تعسّفاً ، وكذباً ، نظام عالمي ، وقوانين دولية ، وشرعية دولية ، بهذا المعنى ، فإن انتزاع المستقبل العربي ، لصالح الأمة العربية ، يعني تغيير هذا النظام العالمي برمته ، ولهذا ، فإن الرئيس الأمريكي كان يدرك ما يقول عندما اعتبر إرسال جيوشه إلى الخليج العربي عام 1990 كان دفاعاً عن الأمن القومي الأمريكي ..
( 3 )
نحن أيها الأخوة ، والأصدقاء ، وعبر التاريخ المعروف للجماعات البشرية التي كوّنت أمتكم العربية ، ثم ، بعد أن تكوّنت ، لم يكن للعنصرية ، وجود في تاريخنا ، فالدعوات السامية للأنسنة ، والمساواة ، والتسامح بين البشر ، هي ، بلا فخر ، الدعوات التي حملها أجدادكم من الأنبياء ، والقديسين ، والأولياء ، والحواريين ، والصحابة ، والمفكرين ، والفلاسفة ، والمثقفين ، إلى الإنسانية جمعاء ، ونحن لا نقول هذا ، فوقية ، أو منة ، أو جرياً وراء امتياز على أحد ، لكن ، وبالتصميم ذاته ، نؤكد ، أننا لسنا أمة دونية ، حقوقها سائبة ، ينتهك سيادتها كل من هبّ ودبّ ، في هذا العالم ، إننا نرفض أن ينالنا نحن من الأذى ، ما نرفض أن ينال أي جماعة بشرية في هذا الكون ، منه ، نرفض مبدأ الهيمنة ، والإرهاب الدولي بالأساطيل ، وحاملات الطائرات ، والمجسّات الفضائية ، ولا نقرّ بالعدوان على أمتنا ، سواء كان من الخارج ، أو بالتواطؤ مع سلطات الأمر الواقع ، وإننا إذ لا نقر بشرعية هذا العدوان بالدول الواقعية ، غير المشروعة ، على أمتنا العربية ، فإننا نرفض أي قيد على حق الأمة العربية في بناء دولتها القومية المشروعة المتسقة الحدود مع حدود الوطن العربي ، أرضاً ، ويتسق وجودها بانتماء جميع أبناء الأمة العربية إليها ، بشراً ، حيث يختارون بإرادة حرة ، وديمقراطية سلطة مشروعة ، تمثل إرادة الناس ، وتضع الأنظمة ، والقوانين ، بما يحقق المساواة ، والعدالة ، والتكافؤ ، استناداً على ثقافة الأمة الحضارية ، لمنح الديمقراطية الأسس الإيجابية المستمدة ، من الواقع الاجتماعي ، والإنساني ، والمادي ، للأمة العربية .
( 4 )
أيها السادة ..
لقد جرب النظام الإقليمي السائد في الوطن العربي ، على مدى نصف قرن ، أن يطرح نفسه بديلاً عن دولة الأمة الواحدة ، للخداع ، والالتفاف على مشاعر الجماهير العربية ، باعتبار أنه يحمل مشاريع الاستقلال ، والتنمية ، والعدالة الاجتماعية ، وتحرير فلسطين ، وتحقيق الديمقراطية ، وبالتالي فإن الدعوة إلى دولة الوحدة العربية لا مبرر موضوعي لها ، طالما أن النظام الإقليمي قادر على تحقيق كل ما تعد فيه دولة الوحدة العربية ... الآن ، وبعد نصف قرن ماذا حقق النظام الإقليمي في الوطن العربي ...؟!
o الاستقلال الذي دفع الشهداء العرب دماء غزيرة لتحقيقه ، تحّول إلى استقلال حقيقي فقط بين الأجزاء العربية ، بين ما يسمى دول الشرق الأوسط ، بينما التبعية لقوى الهيمنة الدولية ، الاستعمارية سابقاً ، وصلت حد التوحد أحياناً ، وتجاوزت المعدلات التي كان يحققها الوجود الاستعماري المباشر ، والاستبداد الذي أعقب حقبة الاستعمار تجاوز في وحشيته على الشعب العربي ، وحشية الاستعمار المباشر ، أغلب الأحيان ..
o أما التنمية فقد ارتبطت بحاجات أسواق دول الهيمنة الاستعمارية سابقاً ، مما أدى إلى تخمة القلة ، وإفقار الأغلبية في الوطن العربي ..
o العدالة الاجتماعية ، والديمقراطية ، والمساواة ، وحقوق الإنسان العربي ، والحريات العامة .. جميع تلك المقوّمات الأساسية للتطور ، والتقدم ، والنمو تحولت إلى فولكلور يمارسه المستبدون قهراً ، وتعسفاً ، وقمعاً ...يضخوّن الفساد في المجتمع العربي ، مقابل ضخ الثروات لدول الهيمنة ، الاستعمارية سابقاً ، وإذا كان هنا ، في هذا الغرب ، انطلاقاً من المكان الذي نحن فيه الآن ، في باريس ، من يتحدث حقيقة عن الديموقراطية ، وحقوق الإنسان ، في وطننا العربي ، فإن الإنصاف يقتضي أن نصارحه ، بأن ما يجري في بلادنا ، من انتهاك للإنسانية ، وللحقوق الأساسية ، في شتى ميادينها ، هو بعض من "الفضائل" التي ذرعها النظام الاستعماري ، في وطننا ، وهذا الحصاد ، من ذاك الزرع ..
o أما تحرير فلسطين ، فإن النظام الإقليمي في الوطن العربي ، وعلى امتداد نصف قرن من الزمان ، يقف حائلاً بين الشعب العربي ، وبين تحرير فلسطين ، حتى أننا نستطيع القول ، أن دولة المستوطنات الصهيونية ، في فلسطين ، قامت ، واستمرت ، وتوسعت ، واعتدت ، وقتلت ، وتقتل ، بحماية ، ومساندة النظام الإقليمي في الوطن العربي أحياناً ، وبمشاركته ، أحياناً أخرى ، وأن كل طرف من تلك الأطراف – الإقليمي والصهيوني - ينفذ نصيبه ، من مخطط تجزئة الوطن العربي .. والدور الأساسي الموكل للنظام الإقليمي "العربي" هو ممارسة الاستبداد ، والطغيان ، والقهر ، والقمع على الشعب العربي ، كي يبقى عاجزاً عن امتلاك إرادة التحرر ، والتحرير ، والمؤسف ، أن هذا القهر ، والقمع ، والاستبداد تتم ممارسته تحت عناوين تحرير فلسطين ، وكأن فلسطين ، لا يمكن أن تتحرر ، إلا بقهر ، وقمع الشعب العربي ... وعندما فعل القمع ، والقهر ، والاستبداد ، فعله ، بات إشهار العلاقات العلنية بين النظام الإقليمي "العربي" ، والكيان الصهيوني ممكناً ، وعلى الرحب والسعة ...
( 5 )
أيها السادة ...
إذا كان هذا هو الواقع العربي المرّ ، فقد تتساءلون عن أي مستقبل عربي نتحدث ..؟ ، وهل يكفي القول ، أن الواقع العربي الراهن لا يعجبنا ، وأننا نريد مستقبلاً عربياً مختلفاً ، دون أن نمتلك أية أدوات حقيقية ، للفعل الإيجابي في هذا الواقع ، لتغييّره إلى حيث يجب ..؟
أوّد ، أولاً ، أن أشير إلى أن هناك خلط مقصود بين مستقبل الأمة العربية ، وبين حاضر الدول الفعلية القائمة في الوطن العربي ، أو ما نسميه النظام الإقليمي في الوطن العربي .. وبالتالي ، محاولة إلصاق كل ما فعله ، وما يفعله هذا النظام الإقليمي ، من جرائم ، بالأمة العربية ، فهزائمه ، وفساده ، وطغيانه ، وتبعيته ، وفشله ، هو عدوان على الأمة قبل أي شيء آخر ، والأمة بريئة منه ، وهذا يعني أن مستقبله ، نقيض مستقبلها .. فالنظام الإقليمي في الوطن العربي ، قد انهار تماماً ، ولا أقصد ، أنه ، قد انهار مادياً ، فهو الآن في ذروة إحكام سيطرته على مفاصل الحياة في الوطن العربي ، والقبض على عنق الأمة ، لكنه ، قد انهار تماماً ، من حيث تقييمه بالاستناد إلى ادعاء ذلك النظام الإقليمي ، الذي خلف الاحتلال الاستعماري المباشر للأمة العربية ، بأنه سيعمل لتحقيق الاستقلال ، والتنمية ، والحرية ، والديمقراطية ، ولأنه فشل في تحقيق أي من تلك الأهداف ، قلنا ، أنه انهار تماماً ، فقد بات واضحاً ، أن كافة الإدعاءات الإيديولوجية ، والعقائدية ، للتجزئة ، التي أدعتها السلطات ، والأحزاب ، والجماعات الإقليمية في الوطن العربي ، والتي حاولت تسويق هذا النظام الإقليمي في الوطن العربي ، كانت مجرد إدعاءات فارغة من المضامين ، الهدف منها مجرد مجابهة مشروع النهوض ، والتنوير التوحيدي العربي التقدمي ، بل أكثر من ذلك ، فقد أثبتت التجارب المرّة ، أن هذا النظام الإقليمي في الوطن العربي ، عصّي على الإصلاح ، لا من داخله ، ولا من خارجه ، ولا بأية وسيلة ، من الوسائل ، وأن على العناصر الإيجابية الحية في هذه الأمة ، أن تعتمد الوسائل ، والأدوات المناسبة ، للتغييّر ، ووضع البرامج ، والخطط التي تتناسب مع الظروف الراهنة ، للخروج من المحنة ... ، ولهذا ، قلت لكم ، أننا ، وجماهير أمتكم العربية في الوطن ، في غربة حقيقية ، وأن القوى الحية في أمتكم ، تتلمّس طريقها ، للخروج من المحنة ، وهذا بحد ذاته بالغ الدلالة على أن المعركة الدائرة حول المستقبل العربي مفتوحة على كافة الاحتمالات بين الأمة العربية من جهة ، وبين قوى التحالف المتمثلة بقوى الهيمنة الدولية ، والنظام الإقليمي الاستبدادي في الوطن العربي من جهة أخرى ، وإذا كانت الأمة العربية مكبلة بالقيود الإقليمية الطاغية للنظام الإقليمي ، فإن الطرف الآخر ، من أول أنظمة الفساد ، والاستبداد في الوطن العربي ، إلى آخر جيوش دول الهيمنة الدولية ، مدججة بالسلاح ، والإمكانيات اللامحدودة ..
( 6 )
إن هذا كله ، يحتمّ البحث عن المشكلة في إعادة تأهيل المجتمع العربي ، للنهوض ، والتنوير بعد سلسلة من الانكسارات ، والهزائم التي تسبّب بها النظام الإقليمي في الوطن العربي ، والتي طالت تهديد النسيج الاجتماعي في الوطن ، عن طريق النكوص ، عن المواطنة ، إلى علاقات التخلف ، الإثنية ، والطائفية ، والمذهبية ، والإقليمية ، وهنا ، أدعوكم ، بل أحرضّكم على أن تنفضّوا عن الفرجة على جراح أمتكم ، من خلال الشاشات ، ومحطات البث ، والانخراط ، من جديد ، في معارك تحصّين الأمة ، واستنهاضها ، واستعادة فاعلية الشارع العربي ، بانتشاله من حالات الإحباط ، واليأس ، والاستلاب ، والخوف .. ، وإذا كنت قد بدأت حديثي ، بتعريفه ، أنه حديث بين غربتين ، فإنني أعترف أمامكم ، الآن ، أنكم هنا ، في المغتربات ، قد تكونون الأقدر ، والأجدر ، على التدخل ، لإعادة التوازن ، وتوجيه دفة الصراع ، ذلك ، أن هذا التنوع الجميل الذي أراه هنا ، في اللهجات ، والأفكار ، وتوفر عوامل إعمال قانون الجدل الاجتماعي ، نفتقد تحقيقه في الوطن العربي ، ذلك أننا هناك في حظائر الإقليمية ، وانتشار أوبئة الفتنة ، والتفتيت ، والإقصاء ، والاستئصال ، والقمع ، نفتقد هذا الظرف الموضوعي الإيجابي ، الذي يتحقق بينكم الآن ، فأنتم هنا من المحيط إلى الخليج ، في قاعة واحدة ، تتاح لكم فرصة اللقاء ، بدون حدود ، ومن المعيب أن لا تستثمرون ذلك ، بما يؤدي إلى استئناف مشروع النهوض ، والتنوير في أمتكم ، لأن أي جهد إيجابي من قبلكم ، سينعكس ، إيجاباً ، على الواقع في وطنكم ، قد يقول البعض أن القضية معكوسة ، وأن النهوض في الوطن هو الذي سينعكس إيجاباً على الأوضاع في المغتربات ، وهذا في الأحوال الطبيعية ، صحيح ، لكن في الظروف الاستثنائية التي تعيشها أمتكم في الوطن من حيث التغوّل في القمع ، ومصادرة الحريات ، وحقوق الإنسان الأساسية ، يجعل من أوضاعكم في المغتربات ، أقدر على الفعل ، والتفاعل الإيجابي مع الظروف الموضوعية السائدة ... وبالتالي ، فإنني أدعوكم لمغادرة خنادق الصراعات ، والفتن الزائفة ، التي يحاول النظام الإقليمي في الوطن العربي ، بدعم لا محدود من قوى الهيمنة الدولية ، إغراقكم في وحولها ، والمباشرة حالاً بتشكيل رافعة لمشروع النهوض القومي التقدمي العربي ، أدعوكم إلى الانتقال من الفرجة على مأساة أمتكم ، إلى ساحة الصراع للخروج من المأساة ، ثم الانتقال من مرحلة الأسئلة الصعبة ، إلى البحث الجدي عن إجابات ، ثم الانتقال ، من مرحلة وضع الحلول للمشكلات ، إلى مرحلة تنفيذ الحلول في الواقع ، وامتلاك الأدوات ، للتنفيذ الجاد ...
( 7 )
أيها السادة الأعزاء ..
إننا نلتقي اليوم هنا ، في معهد العالم العربي في باريس ، على هامش الذكرى العطرة لشيخنا عصمت سيف الدولة الذي أعطى عمره كله ، لوضع الأسس ، والنواميس ، لانطلاق مشروع النهوض ، والتنوير القومي العربي ، التقدمي ، في شتى المجالات ، من أول التحرير ، إلى التنمية ، والعدالة ، والمساواة ، والحرية ، وحقوق الإنسان ...والوحدة ، ونحن ، نجد في التراث الغني الذي تركه لنا ، ما يمكن أن يضع أقدامنا على بداية الطريق الصحيح ، للخروج من المحنة ، وإنهاء حالة الاستلاب ، والشيزوفرانيا الحادة ، التي تشل حركتنا ، بين القول والفعل ، فقد حدّد لنا :
أولاً : أن وحدة الوجود القومي للأمة العربية ، تحتمّ وحدة الدولة فيها ، بمعنى أن الدولة القومية ، التي تشمل الشعب ، والوطن ، كما هما محددان تاريخياً ، هي وحدها الدولة المشروعة التي تجسد سيادة الشعب العربي على وطنه القومي ، ومشاركته التاريخية فيه ...
وحدّد لنا ، ثانياً : أن التقييّم القومي ، للدولة الإقليمية ، أنها رجعية ، وفاشلة ، وهذا يصح بالنسبة إلى جميع الدول الإقليمية ، دون استثناء ..
وحدد لنا ، ثالثاً : أن الأحزاب الإقليمية هي نماذج مثالية للفشل ، لأن أقصى نجاح لأي حزب إقليمي ، هو أن يستولي على السلطة في دولته الإقليمية ، والتي هي ذاتها مؤسسة فاشلة ، فإذا ما فشل في الاستيلاء على السلطة ، فهو أكثر فشلاً من الحاكمين أصحاب الدولة الإقليمية ...
وحدد لنا ، رابعاً : أن فلسطين ، كجزء من الوطن العربي ، إقليم مملوك ، ملكية مشتركة للشعب العربي كله ، وليست ملكاً خاصاً لشعب فلسطين ، وأن هذا الجيل من الشعب العربي كله ، ومن باب أولى شعب فلسطين وحده ، لا يملك الحق في التنازل ، أو التفريط ، أو المساومة على حرية فلسطين ، وأن مسؤولية تحرير فلسطين واقعة على الشعب العربي كله ، وليس على الشعب الفلسطيني وحده ، وأن كل الاتفاقيات ، والمعاهدات ، أو القرارات ، والدساتير ، والمواقف ، والتصريحات ، سواء كانت صادرة عن دولة أجنبية ، أو عن دول عربية ، في الماضي ، أو الآن ، أو في المستقبل ، تمس حرية فلسطين ، غير مشروعة قومياً ، فهي ليست حجة على الأمة العربية ، ولا قيداً على حقها في تحرير فلسطين ..
وحدد لنا خامساً ، وعاشراً ، الأسس ، والمنطلقات ، والغايات ، واقترح الأساليب ، والأدوات ، لكن المشكلة ، كانت ، ومازالت فينا ، في تركيبتنا البنيوية ، وقد آن الأوان ، أن نعالج تلك المشكلة ، ونعود إلى ساحة الفعل ، والحركة ..
( 8 )
إن هذا كله ، أيها العزاء ، يضعنا وجهاً لوجه أمام المهمات الصعبة ، وعلينا أن لا نهاب مواجهة تلك المهام الصعبة ...
- إنني أدعوكم ، وأدعو نفسي أولاً ، للانتقال من حالة الفردية ، التي تمثل مرحلة العجز والمحنة ، إلى بناء المؤسسات الديمقراطية حزبياً ، وسياسياً ، وثقافياً ، لأن العمل الجماعي ، الديمقراطي المنظم ، وحده ، هو الذي ينقلنا إلى مرحلة الفعل ، والتأثير في الواقع ، لتغييّره ، باتجاه مصير عربي مختلف ...
- أدعوكم لأن يختار كل عربي ، ما يرغب ، هو ، أن يقدمه لأمته ، ووطنه ضمن حدود مقدرته ، صحيح أن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها ، ... لكن ما بوسعها ، هو مطرح للتكليف ..
- أدعوكم لبناء منتدى ثقافي قومي عربي ، يلمّ شملكم ، في المغتربات ، لتفعّيل قانون الجدل الاجتماعي ، بينكم ، ونحن سنحاول ذلك في مدن الوطن ، وبلداته ، حيث كان ذلك ممكناً ، وأنني أجتهد ، وأقدّم لكم نظاماً تأسيساً لمثل هذا المنتدى ، أطرحه للحوار العام بين الراغبين في تأسيس المنتدى الثقافي العربي ، للأخذ ، به ، أو تعديله ، أو وضع نظام تأسيسي بديل ، حسب الظروف الموضوعية ، المهم ، أن تقوم المؤسسة الثقافية العربية ...
- أدعوكم لتأسيس لجنة قومية لأصدقاء عصمت سيف الدولة تعمل على نشر منهج جدل الإنسان ، ونظرية الثورة العربية ، ووضع أفكار عصمت سيف الدولة تحت يد الشباب العربي ، وإتاحة أوسع الفرص للحوار ، والجدل الاجتماعي حولها ..
- أدعوكم ، وأحرّض الشباب العربي في المغتربات ، وفي الوطن ، للمباشرة ، حالاً ، بتأسيس " الطليعة العربية " تنظيماً قومياً تقدمياً ، بما يتلاءم مع الظروف الموضوعية ، على أسس منهجية ، وعقائدية واضحة ، مستجمعاً شرائطه الشكلية ، والموضوعية ، ليكون قادراً على حمل عبء النهوض بالأمة ، وإبداع الأساليب ، والوسائل اللازمة ، والممكنة ، في ظل الأوضاع الراهنة ..
- أدعوكم ، وأدعو الشباب العربي عامة ، أن تولوّا وجوهكم شطر المستقبل ، وإلى التعامل مع الماضي ، وفق منهج النهضة ، والتنوير ، فالماضي جامد ، لا يمكن الفعل فيه ، أو تغييره ..وبالتالي ، فإنه سيبقى مجالاً للتقييم وعلينا أن نقرأه ، ونستخلص منه العبر ، والدروس ، لا أن نعيشه ، كما حرّفه صانعوا الفتن ، بينما الحاضر ، والمستقبل ترتع فيه القوى المعادية ، للأمة .. فلنترك معارك داحس ، والغبراء ، ومعارك الجمل ، وصفين ، وملاحم كربلاء ، والمدينة ، وصولاً إلى صراعات ملوك الطوائف ، والمذاهب ، والأثنيات ، للبحث العلمي ، وللمراكز المتخصصة في الجامعات ، والمعاهد ، وأن يلتفت الجميع ، وخاصة الجيل العربي الشاب إلى معارك الحاضر ، والمستقبل ، كي يكون حاضراً ، ومستقبلاً عربياً ، بامتياز ..
( 9 )
أيها السادة .. أيها الأعزاء ....
أشكر لكم إحياء الذكرى العطرة التي تركها ، لنا ، وفينا ،عصمت سيف الدولة ، فهو كان يحثنا دائماً على العمل الإيجابي في الواقع ، عندما كنا نقول له : نحن ، كان يبادر فوراً للسؤال .. "مين انتوا" ..؟ وكنا نتلعثم في الجواب .. ، وكان يحرضّنا لتحديد الجواب ، لقد آن الأوان ، كي نعرف من نحن ..؟ ، لنكون جديرين بالانتماء إلى أمة عربية عظيمة ، لا تستحق أن تعيش المحنة التي طالت أكثر مما ينبغي ، وبذلك ، فقط ، نكون جديرين بالانتماء إلى منظومة فكرية بالغة الثراء والإحكام والتماسك زرعها فينا عصمت سيف الدولة ، وقد آن لها ، أن تنبت ، وتزهر ، وتثمر .. فتحية له ، وشكراً لكم .... ))
باريس : معهد العالم العربي : 28 تشرين الثاني – نوفمبر 1997

( 10 )
أيها الشباب العربي .....
لقد كان ما تقدم ، حديثاً اقتضته الظروف بعد عام ونصف على رحيل عصمت سيف الدولة ، الآن ، نحن في الذكرى الرابعة عشرة للرحيل الحزين ...، لا أعرف إن كان ما قلته في تلك الأيام الحزينة ، يستحق القراءة في هذه الأيام الأكثر حزناً ، لكنني أضعه بين أيديكم ...من منطلق التوثيق ، لا أكثر ... ذلك أنني أستشعر أهمية أن نسلمّكم ملفاتنا كاملة ، خاصة ، وأننا على أبواب الرحيل ....
- أما اليوم ، فهو 30/آذار – مارس – يوم الأرض العربية ...
- بحجارة الأرض حفر أطفال العرب هذا اليوم على جدار الزمن ...
- في هذا اليوم 1996 احتضنت الأرض العربية أبنها البار ، المناضل ، عصمت سيف الدولة ...
- في هذا اليوم 2000 احتضنت الأرض العربية أبنها البار ، المناضل ، جمال الأتاسي ...
- "الجمهورية العربية المتحدة" مستقبل آت ، بوعيكم ، ونضالكم ، وليست تاريخاً مضى ... النداء ، لكم أيها الشباب العربي ، النداء ، ليس لمن يبكيها ، وإنما لمن سيشيد صرحها شامخاً في المستقبل العربي .... ، النداء لمن يبنيها ، لا لمن يبكيها ..........
دمشق : الثلاثاء – 30 /آذار – مارس -/2010 .
حبيب عيسى

0 التعليقات:

إرسال تعليق




الارشيف

المتواجدون الآن