من أنا

صورتي
ابو وائل
" إذا خانتك المبادئ ، تذكر قيم الرجولة " قولة عظيمة لرجل عظيم...لا يكون الا عربيا!
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

للاتصال بالمحرر:

whamed6@gmail.com

هل تعتز بانتمائك الى امة العرب ؟

اذا كنت تعتز بانتمائك الى امة العرب..نقترح عليك خدمة بسيطة ، تطوعية ونبيلة..وهي ان تعرّف بمدونة صدى الايام عبر نشر رابطها في مواقعك والمواقع الاخرى ولفت النظر الى منشوراتها الهامة والحيوية..وان تجعلها حاضنة لمقالات المهتمين بشأن امتنا - عبر بريد المحرر-واننا شاكرين لك هذا الجهد.

فسحة مفيدة في صفحات صدى الايام وعبر ارشيفها







نصيحة

لاتنسى عزيزي المتصفح ان تؤدي واجباتك الدينية..فمدى العمر لايعلمه الا الله..وخير الناس من اتقى..قبّل راس والدك ووالدتك واطلب منهما الرضى والدعاء..وان كانا قد رحلا او احدهما..فاطلب لهما او لاحدهما الرحمة والمغفرة وحسن المآل..واجعل منهجك في الحياة الصدق في القول والاخلاص في العمل ونصرة الحق انّى كان

ملاحظة

لاتتعجل عزيزي الزائر..خذ وقتا إضافيّا وعد الى الأرشيف..فثمة المفيد والمثير الذي تحتاج الاطلاع عليه..ملفات هامة في الاسلام السياسي..في العقائد الدينية الفاسدة والشاذة..في السياسة العربية الرسمية..في مواضيع فكرية وفلسفية متنوعة..وثمة ايضا..صدى ايام الثورة العربية الكبرى




إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

لفت نظر

المقالات والابحاث والدراسات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن وجهة نظر ادمن المدونة

سجل الزوار

 

ثورة التاريخ و هزيمة دولة الوكالة/ عبد السلام بوعايشة - تونس

حصاد الثورة
في المشروع الوطني (1)
ثورة التاريخ و هزيمة دولة الوكالة
عبد السلام بوعايشة/تونس
  الوضع الذي تعيشه البلاد منذ تراجعت موجة الثورة الشعبية القادمة من بقايا مشروع وطني مقاوم يتميز باحتقان سياسي شديد تصاعد مع الأيام حتى يكاد يقسم الساحة السياسية إلى فريقين متقاتلين يبتعدان يوما بعد يوم عن الشعب و اهتماماته و أهداف ثورته المغبونة . هذا الوضع الحاصل بعد انتفاضة ثورية يفترض بها إن تكون طالع خير على البلاد لا يمكن فهمه و معالجة تداعياته الكارثية على المستقبل بدون سبر عميق في تاريخ النظام السياسي للبلاد منذ 1956 لان هذه الثورة و لأول مرة منذ ذلك التاريخ البعيد وضعت كل مطالبها على الطاولة و فضحت حقيقة طالما خفيت عن الأنظار و هي أن تونس لم تكن دولة بل كانت مزرعة و حقلا يستنبت فيه تاريخ غير تاريخها و يحتفل فيه بزعماء ليسوا بزعمائها و تنفذ فيها خطط و برامج لم تستطع الصمود أمام ثورة أعماق البلاد و تاريخها المقاوم .
لقد فضحت الثورة اليتيمة حقيقة أن تونس تشكو منذ عقود مرضا مزمنا عطل كل دواليب حراكها التاريخي... إنه سرطان التبعية و التغريب المجتمعي الشامل الذي تسرب مع دولة الاستقلال المزعوم و تراكمت أعراضه السياسية و الاقتصادية و الثقافية و اللغوية و التربوية و الاجتماعية و انتشرت خلاياه المدمرة عبر كل شرايين الحياة في البلد و عطل كل شيء... و لولا أصالة و صلابة النوع الحضاري الذي ينتمي له الشعب لكنا اليوم نموذجا آخر لما صنعه الاستعمار الفرنسي و وكلاؤه المحليين من خراب في كل الدول الإفريقية جنوب الصحراء.. هناك حيث فرض على شعوب بأكملها مغادرة أصولها و تقاليدها و ثقافاتها و لغاتها فغادرت نهائيا إيقاع تطورها الطبيعي لتصبح محكومة بالتبعية و ضحية للمسخ الحضاري "المستدام" .
سرطان التبعية الذي تفجرت ثورة 17 ديسمبر 2010 ردا على عقود مظالمه و طلبا لمعالجته نرى عوارضه المادية الظاهرة في برامج التعليم و لغته و في برامج الأسرة و في نظم الحكم و الإدارة و العمارة و الإعلام و في خارطة الاستثمار و التجارة الخارجية و في بروتوكول السياسة و الدبلوماسية ..و نراها في الموقع المهيب الذي تحتله السفارة الفرنسية في الشارع الرمز شارع الحبيب بورقيبة...و نراها أخيرا في"نسمات" مشروع الحداثة الذي يبشر به كهنة المعبد الفرنكوفوني و صبيان اليسار المتعب و أحزاب الوكالة الرأسمالية..
منذ الانقلاب البورقيبي الفرنسي على حركة المقاومة الوطنية سنة 1956 و البلاد تخضع لعملية تفكيك و عبث بجينات هويتها و شخصيتها التي صنعها تاريخ العروبة و الإسلام على امتداد 14 قرنا ..لم تسلم مدينة أو قرية أو أسرة أو مؤسسة من أفاعيله التدميرية . لقد تم توظيف كل أجهزة الدولة و الحزب الدستوري لإعادة تشكيل الذاكرة الوطنية على غير ما شهده الواقع عبر تشويه الحقائق و تصفية الرموز و تغيير البنى الثقافية و التعليمية و السياسية و الاقتصادية ...تم الانقلاب على الثوار و نعتهم بالفلاقة و تم الاستبداد بالمجلس التأسيسي لفرض "جملوكية" فردية على قياس بورقيبة و ملاحقة رموز الكفاح الأحياء منهم و الأموات قتلا و تصفية و تغييبا في المنافي و السجون و غياهب النسيان و تم إقصاء جامع الزيتونة عن القيام بدوره العلمي و التربوي و الثقافي في تأصيل العروبة و الإسلام و إصلاح ما تعطل و بالمقابل تم التمكين لمنظومة التعليم الموروثة عن الاستعمار و تسييد اللغة الفرنسية و استجلاب ألاف المدرسين الفرنسيين و ربط نظم التعليم و الإدارة و الثقافة بنظيرها في فرنسا ...لقد حوربت العروبة في معاقلها و عذب أنصارها و عوقبت مدن و مناطق كاملة في البلاد بسبب انحيازها لمشروعها و تحت راية العلم الوطني انهك جسد البلاد و شوهت معالمه و قبرت أحلام المناضلين في المنافي و في طبقات الغبن المدفون في القرى و الأرياف و مناطق الهامش الجغرافي و في حشود المهجرين قسرا و فقرا نحو المركز الاستعماري..
على امتداد عقود ستة و بالسنوات 62 سنة عملت أجهزة الدولة على غير إرادة الشعب و التاريخ و الحضارة الوطنية و تعاقبت الحكومات على تنفيذ برامج و مخططات لاستنساخ نموذج الغالب في بلد المغلوبين و تثبيت ثقافة السيد في عقول المستعبدين و إجبار الشعب قهرا و ظلما و عدوانا حتى يدير ظهره لرموزه و تاريخه و نظم حياته بل و هندامه و لسان نطقه و لون جلدته و هندسة مسكنه.. لقد غدت باريس اقرب إلى الشعب ماديا و وجدانيا من أي مدينة عربية و صارت العروبة صفة سلبية تلحق بكل ما هو بال و قديم و تحول الوافد الاستعماري و الأوروبي رمزا لكل مستحدث جميل و عصري و صار كل شيء يقاس بالمعايير الفرنسية و الغربية ... تركت الحكومات المتعاقبة اقتصاد الفلاحة و الزراعة و التنمية المستدامة التي أسس لها الأجداد و قبلت بلعب دور الوكيل و العميل التابع لسلطة المصالح الاقتصادية و الاحتكارية الفرنسية ...
إن مرض البلاد و أزمتها في العهدين البورقيبي و النوفمبري اعمق مما تردده غالبية أوساط النخب السياسية و الفكرية من انه نتاج نظام الاستبداد و الدكتاتورية و غياب الحريات لان الاستبداد وحده لم يمنع دولا مثل الصين أو إيران أو كوبا أو روسيا من تحقيق نهضة حقيقية فهذه الدول لم تقبل أبدا بالمشروع الديمقراطي اللبرالي و لم تعطي لشعوبها أكثر مما أعطاه الاستبداد في تونس من حريات إلا أنها بنت و حققت نهوضا كبيرا لشعوبها و حافظت على سيادتها و كرامتها و لم تتسول الحلول من الخارج... مرض البلاد المزمن و أزمتها الطاحنة تكمن في كونها لم تستكمل مشروع سيادتها و كرامتها و تحررها الوطني في خمسينات القرن الماضي و فرض عليها أن "تتعايش" مع سرطان التبعية الاستعمارية و التخريب الحضاري الممنهج بأيادي "وطنية" حيث انتهكت النخب الحاكمة أجهزة مناعة البلاد و حكمت على مقومات التطور فيها بالشلل التدريجي حتى غدت الوطنية مجرد شكل بلا مضمون و تحولت الهجرة بديلا عن الوطن و لم يعد للسيادة من معنى سوى إخراج التبعية و الوكالة عن الغير في لباس وطني أصيل...
ستون سنة من سرطان التبعية الاقتصادية و الثقافية و التربوية و السياسية في ظل حكم طابعه الاستبداد و محاولات تصفية ثوابت المشروع الوطني التحرري أوصلت البلاد إلى ما تشهده اليوم من استقطاب مرضي خطير يتقاتل طرفاه للسيطرة على حطام دولة و جسد شعب أنهكه التغريب و التغييب القسري عن المشاركة في النهوض ببلاده.
عندما تفجرت ثورة 17 من ديسمبر 2010 قلت إن هذه الثورة هي ثورة اليتم التاريخي للمشروع الوطني المقاوم ولدت ردا على مشروع دولة فاشلة منذ تأسيسها مستندا في ذلك التوصيف إلى طبيعة القوى التي فجرتها و هي قوى شبابية مهمشة و إلى المناطق التي احتضنتها وهي مناطق الهامش التنموي التي كانت على مر التاريخ بؤرة الثورات منذ عهد البايات وكذلك إلى ما صاحب اعتصام القصبة الأول و الثاني من استحضار لرموز كل الثورات الوطنية عبر التاريخ و لعل الوقائع السياسية التي تعيشها البلاد منذ تفجر الثورة تثبت أن تلك القوى و المناطق لم تجد بعد الحاضنة السياسية التي تستكمل أهدافها و تعطي لثورتها أبعادها التاريخية الحقيقية . نحن نتابع و نتيقن يوما بعد يوم أن البلاد و بالرغم من كل الضجيج السياسي و الإعلامي الذي صاحب الحكومة الاولى و الثانية الانتقاليتين(حكومة السيد محمد الغنوشي و حكومة السيد الباجي قايد السبسي) و صاحب الانتخابات النيابية و إفرازاتها السياسية من مجلس وطني قالوا عنه انه تأسيسي و حكومة منتخبة(حكومة السيد حمادي الجبالي) لم تغادر دائرة المأزق التاريخي الذي لازمها منذ صفقة الاستقلال المزعوم و الانقلاب على المشروع الوطني التحرري بل يتعمق مأزقها بما تشهده من صراع و تنازع بين قطبين سياسيين يختلفان في المقاربة و لكن يلتقيان في تجسيد حالة الاغتراب و الغربة عن جوهر الثورة و استحقاقاتها التاريخية . القطب الأول و هو وريث دولة بورقيبة يعتقد انه مركز المشروع المجتمعي الحداثي و الحامي لمكاسب الاستقلال و يتجمع حوله رجالات الحكم الدستوري البورقيبي و أحزاب و منظمات الفرونكوفونية الثقافية و السياسية و أطياف اليسار اللبرالي المرتد عن القوانين العمالية يتقدمهم شيخ خارج لتوه من متحف البورقيبية و إن بلباس ديمقراطي و يعمل هؤلاء جميعا الآن على منع الحكم الحالي من السيطرة على إدارة الدولة و أجهزتها استعداد للانتخابات التشريعية و الرئاسية القادمة و يخوض صراعا مستميتا للحفاظ على مراكز نفوذه و سلطته التاريخية موظفا في ذلك آلته الإعلامية العريقة و كوكبة من نخب السياسة و الإعلام و الثقافة الذين لو عرف ثوار سيدي بوزيد و القصرين و سليانة أنهم سيحضون بكل هذا الحضور الإعلامي لارتدوا عن ثورتهم . القطب الثاني الجالس على سدة الحكم تمثله حركة النهضة ذات المرجعية الإخوانية و يلتف حولها و من ورائها تيار سلفي عريض يمثل في أحسن حالاته إفرازا لعقود التغريب و الاستعمار و امتدادا لفكر وهابي ما يزال يحمي أقوى مملكة نفطية يحكمها الاستعمار وعملت دول و أجهزة كثيرة على تغذيته و احتضانه كمعطل لتقدم المجتمع. لقد توهمت حركة النهضة إن الشعب- الذي لم يمارس الانتخاب منذ قرون والمعطل فقرا و بطالة و غبنا تاريخيا- قد اختارها بصفة ديمقراطية لتحكم البلاد كما تريد و تضرب بعصا واحدة كل خصومها و ترسي باسم الديمقراطية و الانتخابات سلطة للاستبداد جديدة تعيد معها البلاد إلى ما قبل الثورة و تفتح بطريقة غير مباشرة الباب من جديد لقوى التغريب و الاستبداد البورقيبي القديم الجديد العائد على أكثر من صهوة.
البلاد محكومة اليوم باستبداد صاعد يريد فرض مشروع جوهره تكفيري لا وطني يزرع الفتنة و استبداد منهزم و لكن عائد بلبوس الحداثة و التمدن و حقوق الإنسان التي طالما كان نصيب الشعب و البلاد منها مزيد التبعية و التمكين للاستعمار القديم و الجديد...كلى الاستبداد الاخواني الملتحف بالإسلام و الاستبداد اللبرالي الملتحف بالحداثة ركبا على ثورة اليتم التاريخي للشعب و على الحرية السياسية التي تنفستها البلاد لأول مرة منذ قرون و سجنا البلاد أسيرة لمشروعين يتقاطعان مع المشروع الوطني التحريري الذي قاوم فرنسا على امتداد 75 سنة و وضع البلاد ضمن حركة النهوض العربي المقاوم من المغرب غربا إلى العراق شرقا و حملت رايته أجيال من القادة و الرموز و الزعماء في كافة الأقطار كما ضحى من اجله مئات الآلاف من الشهداء و الجرحى و المنفيين .
يخطئ من يعتقد إن الثورة المباركة التي انطلقت في 17 ديسمبر 2010 هي مجرد مشروع ديمقراطي لبرالي يضع البلاد في المزاد العلني و في أيدي الأكثر شطارة و مهارة و نفوذا و عمالة أيضا أو هي بوابة لاستنبات المشروع العالمي للإخوان المسلمين و حلفائهم من التكفيريين و أصحاب المصالح الخارجية..لذلك يخطئ بالنتيجة من يعتقد إن الشعب التونسي العربي المسلم سيوقع وثيقة جديدة لاستعباده و الاستبداد به على غير ما نصت عليه وثيقة تأسيسه الحضاري التاريخي من زمن قرطاج الفينيقية إلى زمن القيروان العربية المسلمة عندما كانت تونس فاعلة و ليس مفعولا بها رائدة و بانية للحضارة حولها من شنقيط إلى جنوبي فرنسا و ليس تابعة لمراكز ما وراء البحار.
أخيرا يخطئ من يعتقد إن ثورة 17 ديسمبر 2010 قد توقف مسارها عند انتخابات المجلس الوطني التأسيسي الذي يريد له الشيخ راشد الغنوشي إن يتصالح مع دستور بورقيبة و يتقاسم التأسيس و التشريع فيه قطب الحداثة اللبرالية و حرياته الوهمية مع قطب الكهانة و شريعته السلفية لان هذه الثورة على غير كل الثورات لم تكن تمردا على استبداد و فساد سياسيي و اقتصادي و قضائي فحسب بل هي إعلان من التاريخ الاجتماعي الوطني للشعب عن فشل مشروع دولة قامت على الانقلاب و التبعية و الوكالة الاستعمارية لن ينفع معها الإصلاح و الترقيع و غدا أو بعد غد سنكتشف إن ما يسمى اعتصامات و مواجهات في مناطق الفقر و التهميش ما هو إلا مقدمات لفقدان الدولة زمام المبادرة التاريخية و انقلاب المجتمع عليها كما سنكتشف إن إعادة تأسيس المشروع الوطني لن يكون من اخل المجلس الوطني التأسيسي بل من داخل الحراك الثوري في المجتمع و في الساحة السياسية الشبابية التي بدأت تعيد تواصلها مع تاريخ غيبت عنه قسرا و ما تزال تكتشف يوما بعد يوم أن الاستقلال كان كذبة و أن السيادة كانت غائبة و أن تونس لم تكن في تاريخها عضوا في المنظمة الفرنكوفونية العالمية إلا بقرار من وكلاء فرنسا في تونس و أنها لم تعرف في تاريخها دولة الكهنوت الديني و السلفية التكفيرية .
5

0 التعليقات:

إرسال تعليق




الارشيف

المتواجدون الآن