من أنا

صورتي
ابو وائل
" إذا خانتك المبادئ ، تذكر قيم الرجولة " قولة عظيمة لرجل عظيم...لا يكون الا عربيا!
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

للاتصال بالمحرر:

whamed6@gmail.com

هل تعتز بانتمائك الى امة العرب ؟

اذا كنت تعتز بانتمائك الى امة العرب..نقترح عليك خدمة بسيطة ، تطوعية ونبيلة..وهي ان تعرّف بمدونة صدى الايام عبر نشر رابطها في مواقعك والمواقع الاخرى ولفت النظر الى منشوراتها الهامة والحيوية..وان تجعلها حاضنة لمقالات المهتمين بشأن امتنا - عبر بريد المحرر-واننا شاكرين لك هذا الجهد.

فسحة مفيدة في صفحات صدى الايام وعبر ارشيفها







نصيحة

لاتنسى عزيزي المتصفح ان تؤدي واجباتك الدينية..فمدى العمر لايعلمه الا الله..وخير الناس من اتقى..قبّل راس والدك ووالدتك واطلب منهما الرضى والدعاء..وان كانا قد رحلا او احدهما..فاطلب لهما او لاحدهما الرحمة والمغفرة وحسن المآل..واجعل منهجك في الحياة الصدق في القول والاخلاص في العمل ونصرة الحق انّى كان

ملاحظة

لاتتعجل عزيزي الزائر..خذ وقتا إضافيّا وعد الى الأرشيف..فثمة المفيد والمثير الذي تحتاج الاطلاع عليه..ملفات هامة في الاسلام السياسي..في العقائد الدينية الفاسدة والشاذة..في السياسة العربية الرسمية..في مواضيع فكرية وفلسفية متنوعة..وثمة ايضا..صدى ايام الثورة العربية الكبرى




إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

لفت نظر

المقالات والابحاث والدراسات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن وجهة نظر ادمن المدونة

سجل الزوار

 

التيار الجهادي في تونس في الذكرى الخامسة لاحداث سليمان/احمد نظيف

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
التيار الجهادي في تونس في الذكرى الخامسة لأحداث سليمان
شبكة البصرة
احمد النظيف - باحث
من كتاب سيد قطب معالم في الطريق و ما حواه من خلاصة الفكر الجهادي و الطروحات الانقلابية الثورية كانت البداية..بداية التيار الجهادي الإسلامي المعاصر و كانت جماعة الإخوان المسلمين المحضن الطبيعي الذي يمكن أن تولد فيه هذه الأفكار و خاصة أيام مؤسسها الشيخ حسن البنا و حرب فلسطين 1948 كما شكلت الضربة الأمنية التي تلقتها الجماعة إبان الحقبة الناصرية و أجواء السجون و دهاليز التعذيب في الخمسينات و الستينات المحيط العام الذي وضع فيه سيد قطب الأسس الفكرية و المنهجية للتيار الحركي الجهادي و الذي انبثقت عنه تقريبا جميع الحركات الإسلامية المسلحة و لكن قيادة الإخوان اختارت تجنب الصدام مع السلطة و بذلك حصل فرز جديد داخل الجماعة و تشكلت مدرستين الأولى المدرسة الإصلاحية و التي قدمت تنازلات و تراجعات وفضلت طريق المهادنة معتمدتا خيار النعامة و الثانية هي المدرسة الثورية و التي خاضت مواجهات مسلحو مع الأنظمة العربية و القوى الاستعمارية في العراق و أفغانستان و البوسنة و الشيشان و كشمير و الصومال و غيرها من بؤر التوتر و الصراع على امتداد العالم الإسلامي.
*******

هل يوجد جهاديين في تونس؟ هل يوجد أناس يؤمنون بأفكار بن لادن و الظواهري و سيد قطب؟ هل يوجد جماعات جهادية في تونس؟ قبل الإجابة عن كل هذه الأسئلة يجب تعريف هذه الظاهرة الجهادية أو التيار الجهادي و إني أعترف هنا عن عجزي عن تعريفه لشدة تعقيد المبحث فهل الجهادي هو من يحمل الفكر أو من يجمل السلاح أم من يحمل الاثنين معا؟ في الحقيقة الأمر صعب التحديد و لم أجد غير تعريف منسوب للأحد كبار منظري التيار الجهادي العالمي أبو مصعب السوري و الذي حصر الجهاديين في الجماعات أو الأفراد الذين حملوا فكرة الجهاد المسلح ضد الحكومات القائمة في العالم الإسلامي أو ضد الأعداء الخارجين و حملوا فكرا محددا يقوم على مبادئ الحاكمية و قواعد الولاء و البراء و أساسيات الفكر السياسي الشرعي المعاصر كما هو مفصل و معروف في أدبياتهم.
وإجابة عن سؤل هل يوجد جهاديين في تونس؟ أقول و أنأ واثق كل الوثوق نعم يوجد تيار جهادي في تونس و يوجد أناس يؤمنون بأفكار بن لادن و الظواهري و سيد قطب و هذا الوجود الفكري و المادي ليس وليد حقبة ما بعد الثورة بل انه وجدود لم ينقطع منذ ولادة هذا التيار نهاية الستينات من القرن الماضي فصحيح أن حملة هذا الفكر في الثمانينات و السبعينات يختلفون عن حملته من شباب اليوم إلا أن الغايات واحدة و هي باختصار شديد إقامة الدولة الإسلامية و الحكم بما انزل الله و استئناف الحياة الإسلامية و ستستمر الحرب المقدسة حسبهم حتى يتحقق هذا الهدف.

الجهاديون في تونس :البدايات بين منهج الإخوان و مغامرات الأفغان العرب
كانت بداية الفكر الجهادي في تونس و كغيرها من بلدان العالم الإسلامي اخوانية الفكر قطبية المنهج (نسبة إلى سيد قطب) مطعمتا بشي من أفكار أبو الأعلى المودودي متأثرتا بزخم الثورة الإسلامية الإيرانية و أسلوبها في التغير و كانت حركة الاتجاه الإسلامي المحضن الطبيعي لهذه الأفكار رغم أنها أعلنت في بيانها التأسيسي نبذ العنف و اختارت النضال السياسي كمنهج عمل غير أنها عملت و بشكل موازي على اختراق المؤسسة العسكرية بزرع عدد من الضباط للقيام بانقلاب عسكري يطيح بالنظام البورقيبي إلا أن هذه المحاولة فشلت و كان بن علي الأسرع إلى السلطة و الذي بدوره أفرج عن المجوعة التي قادت الانقلاب المعروفة آنذاك ''بالمجموعة الأمنية'' و قبل هذه العملية و تحديدا في 8 أكتوبر 1987 اعدما محرز بودقة و دخيل بولبابة و الدين ينتميان إلى مجموعة أطلقت على نفسها ''الجهاد الإسلامي'' و التي قامت بشن هجوم على مكتب بريد و مركز شرطة و أعلنت مسؤوليتها على تفجيرات فنادق سوسة و المنستير في أوت 1987 و على خلفية هذه الأحداث اعتقل النظام قيادات ''الجهاد الإسلامي'' الملازم بالجيش التونسي كيلاني الشواشي و العضو السابق بالاتجاه الإسلامي الحبيب الضاوي و مفتي الجماعة الشيخ امحمد لزرق الذي لجأ إلى السعودية التي أعادت تسليمه إلى تونس حيث اعدم و ظهر أواخر الثمانينات تنظيم بقيادة العضو السابق في حركة النهضة الحبيب لسود أطلق على نفسه ''طلائع الفدى'' و تم القضاء عليه أثناء الضربة الأمنية بداية التسعينات.

الأفغان التونسيون
كل هذه المحاولات الجهادية ذات الطابع المحلي القطرية لم تمنع قطاعا أخر من الشباب التونسي المتحمس من التوجه إلى أفاق أرحب إلى ساحات الجهاد العالمي و بؤر التوتر و الصراع و خاصة الساحة الأفغانية المزدهرة آنذاك فقد رحل العشرات من التونسيين إلى بيشاور الباكستانية على الحدود مع أفغانستان و التي كانت تحوي مركزا لتجميع المجاهدين العرب المعروف بمكتب الخدمات و الذي أسسه و اشرف عليه الشيخ الفلسطيني عبد الله عزام حتى اغتياله في 24 نوفمبر 1989 على يد الكي جيبي –المخابرات الروسية- كانت الفئات المتجهة إلى أفغانستان من الشباب و القيادات الملاحقة داخل تونس بعضها ينتمي إلى حركة الاتجاه الإسلامي و التي تحولت بعد انقلاب 87 إلى حركة النهضة و بعضها الأخر إلى تنظيم ''الجبهة الإسلامية التونسية'' ذات التوجهات السلفية الحركية و التي رحل اغلب أعضائها و مؤسسيها إلى بيشاور لعل اشهرهم محمد على حراث و عبد الله الحاجي السجين السابق في معتقل غوانتنامو.و في أجواء الجهاد و المعارك الطاحنة ضد الجيش الروسي التي عاشها الشباب التونسي بين باكستان و أفغانستان خرج هؤلاء بفكر و منهج جديد خاصة بعد نصر تاريخي على ثاني قوة عالمية وهي الاتحاد السوفياتي ليولد بذلك جيل جديد من أجيال التيار الجهادي و هم الأفغان العرب. بعد أن وضعت الحرب الأفغانية أوزارها و انفض جمع المجاهدين العرب عن ساحات القتال وجد الشباب التونسي نفسه ضائع بين حرب أهلية أفغانية لا ناقة له فيها و لا جمل و بين العودة إلى تونس والتي كانت ضربا من المستحيل بسبب الملاحقة الأمنية و لم يجد هؤلاء غير الملاذات الأمنية فمنهم من تمتع بفرص أللجو السياسي ببعض دول ارويا الغربية و خاصة بريطانيا و منهم من قصد السودان و التي كانت لتوها قد فرغت من انقلاب عسكري قاد الاسلامين إلى السلطة بزعامة حسن الترابي و الفريق عمر حسن البشير و قسم أخر توجه نحو البوسنة و شارك في القتال إلى جانب المسلمين ضد الصرب فيما عرف بحرب الإبادة العرقية من 1993 إلى 1995. ومع بداية الحملات الأمريكية لمكافحة الإرهاب سنة 1995 و التي تزامنت مع انحراف الحرمة الإسلامية المسلحة بالجزائر و الفشل الذي لاقته المحاولات الجهادية في مصر و ليبيا بدأت موجات التضييق و الملاحقة تطال هؤلاء الشباب فقد قررت حكومة البشير في السودان طرد من عندها من الجهاديين بما فيهم التونسيون وبدأت الحكومات الأوروبية في عرقلة تحركات بعضهم خاصة بعد سلسة التفجيرات التي هزت فرنسا آنذاك مما حدي بهم إلى التفكير في البحث عن ملاذات جديدة أكثر أمن و أكثر حرية تزامن كل هذا مع سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية كابول سنة 1996 و سيطرتها على اغلب الأراضي ما عدي وادي بنشير  فبدا الجمع الجهادي التونسي في العودة إلى أفغانستان مهد الجهاد الأول و كان هدفهم هذه المرة الإعداد و التدريب و جمع الشباب التونسي بغية العودة بالجهاد إلى تونس كما نقل ذلك القيادي في تنظيم القاعدة أبو مصعب السوري في سفره الكبير حول تاريخ الحركات الجهادية في العالم الإسلامي و يضيف السوري قائلا :''و ابتداؤا محاولة جديدة لإنشاء تجمع جهادي خاص بهم و بدت بعض بوادر النجاح على تلك المحاولة رغم التعثر و التشرذم و فيروس التطرف و التكفير الذي أصاب يعض الإخوة....واستطاع بعض الناضجين منهم أن يؤسسوا لأنفسهم معسكرا مستقبل و إدارة لأبأس بمستواها''. و على الرغم من تواجدهم تحت حماية الطالبان إلا أن الأفغان التونسيين كان هدفهم العودة بالجهاد إلى تونس لذلك لم يعيروا كبير اهتمام بمعركة الطالبان ضد تحالف الشمال الذي كان يقوده احمد شاه مسعود و الذي اغتيل على يد خلية جهادية تونسية قادمة من بلجيكا تحت غطاء صحفي أياما قليلة قبل الحرب الأمريكية على أفغانستان سنة 2001 إلا أن أخدود سبتمبر و ما تبعه لم يمهل الشباب التونسي العودة بالجهاد إلى تونس بل فرض عليهم القتال على قمم طورا بورا هذه المعركة التي أتت على أكثرهم نظرا لقلة عددهم أصلا فمنهم من قضي نحبه و منهم من ينتظر خلف قضبان معتقل غوانتنامو. بعد الحادي عشر من سبتمبر أصبحت القاعدة النموذج الخلاب لتنظيمات التيار الجهادي كونها قطعت مع الشكل القطري الكلاسيكي و شكلت تنظيما جهادي أممي و غيرت من منهج قتال العدو القريب و هو الحكومات إلى قتال العدو البعيد (الصهيوصليبي) لتحقق شعبية كبيرة لدى الشعوب و صهرت داخلها مجموعة من التنظيمات ذات الطابع القطري كجماعة الجهاد المصرية بقيادة الظواهري و فصيل من الجماعة الإسلامية المصرية و الجماعة السلفية للدعوة و القتال الجزائرية و جماعة التوحيد و الجهاد العراقية بقيادة ألزرقاوي و عدد من قيادات الجماعة الليبية المقاتلة و غدت القاعدة فكرة يحملها الشباب حيث ما كان فانتشرت الخلايا النائمة والحية في ارويا والتي كان ارتباطها بالقاعدة الأم ارتباطا فكريا دون الارتباط التنظيمي فأعطها ذلك هامشا أكثر من الحركة و حماية أمنية اكبر فحققت ضربات موجعة في لندن و مدريد.

موسم الهجرة إلى القاعدة
بدا الشوط الثاني من الجهاد في تونس سنة واحد بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر وكان هذا الشوط شوط القاعدة و فكرها بامتياز فأول غيث الجهاديين في تونس كان عملية تفجير الكنيس اليهودي في جزيرة جربة الجنوبية و التي تبناها تنظيم القاعدة آنذاك.خلفت هذه الضربة 14 عشر قتيل و عدد من ألجرحي و طعنت القطاع السياحي في مقتل.بعدها مباشرة هذه الحادثة انخرط النظام التونسي بكليته في ما عرف بالمجهود العالمي لمكافحة الإرهاب الذي ابتدعته ادراة المحافظين الجدد بقيادة بوش الابن و التنسيق الأمني مع بقية الأنظمة العربية لملاحقة الشباب الجهادي التونسي المتجه نحو العراق عبر سوريا و قد سلم النظام السوري العشرات منهم إلى الأمن التونسي و رغم هذا التضييق الأمني فان أفكار القاعدة و أخواتها كانت عصية على المنع فقد ازداد رواجها بفعل السياسة الإعلامية الناجحة التي توختها حيث اعتمدت على شبكة الانترنت و أطلقت العشرات من المنديات و البوابات الالكترونية و روجت المئات من الأشرطة المصورة لقيادات الجهادي العالمي و العمليات التي كانت تقوم بها ضد قوات الاحتلال في العراق و أفغانستان و بذلك فشلت كل أشكال الرقابة في الوقوف أمام تسونامي الأفكار الجهادية و غدى بن لادن أيقونة الثورة الإسلامية و المسيح المخلص لدى قطاعات كبيرة من الشباب التونسي خاصة أمام انسداد الأفق السياسي في البلاد.

لحظة الانفجار
هوت أسطورة المؤسسة الأمنية التونسية التي لا تقهر على دوي انفجارات أحداث سليمان و الضاحية الجنوبية ووسط تعتيم إعلامي و بعد معركة دامية تواصلت بضع أيام دفنت أول تجربة تنظيمية سلفية جهادية ليشن بعدها النظام حملة شعواء على التيار الإسلامي بكل مدارسه و القطاعات المتدينة في صفوف الشباب فلم يفرق البوليس التونسي بين الجهاديين و السلفيين العلمين(أي المهادن للسلطة) و شباب جماعة التبليغ و حزب التحرير ووضع الجميع في سلة واحدة لتبدأ بعدها مهازل قضائية قادها القاضي محرز الهمامي الذي لم يرقب في شباب منهك قادم من محلات التعذيب بين دهاليز الداخلية و محتشد بوشوشة إلا ولا ذمة ليسدل الستار بذلك على تجربة سلفية جهادية فاشلة كسابقتها الاخوانية بسبب الأخطاء التي اقترفها أصحابها في أساليب العمل المسلح و خاصة الخلل و القصور في البني التنظيمية و طبيعة الهياكل في عالم ما بعد الحادي عشر من سبتمبر و استحالة بناء عمل مسلح على أسس كلاسيكية تعتمد على السرية و الهرمية و القطرية إلى جانب غياب القيادات الميدانية و مشاكل التمويل و ضعف الأمن الداخلي في هذا التنظيم التونسي الوليد الذي أطلق على نفسه ''جند أسد بن الفرات'' كل هذه الأخطاء في أسلوب العمل و المواجهة طوت مرحلة مهمة من مسيرة التيار الجهادي التونسي مرحلة مضرجة بالدماء و الألم و الشتات.

الجهاديين في تونس ما بعد الثورة
بينما كان بن علي يستعد لمغادرة البلاد نحو مزرعة أل سعود كانت قيادات و أعضاء التيار الجهادي يحزمون أمتعتهم و يهمون بالخروج من أسوار سجن المرناقيية و طيف أخر منهم كان في ساحات القتال في العراق و أفغانستان و قلة قليلة كانت نزيلة معتقل غوانتنامو بالجزيرة الكوبية.عاد الجهاديين إلى تأثيث الخارطة السياسية في البلاد كلاعب لا يحتكم لقواعد اللعبة و لا يعترف بها أصلا بل و يكفر أصحابها فهم لا يعترفون بالديمقراطية فهي عندهم ضرب من الكفر البواح وصنم هذا العصر وإفراز من افرازات المجتمع الجاهلي و لا يعترفون بالدساتير و لا بالقوانين بل فهي طاغوت لا يجوز التحاكم إليه و لا يعترفون بالفرقاء السياسيين من بقية العائلات الفكرية من يسار و قوميين و جماعات الإسلام السياسي كون هذه العائلات تعمل من داخل النظام الطاغوتي الكافر و الحاكم بغير ما انزل الله كان أول ظهور عملي لهذا التيار بعد الثورة في شهر ماي 2011 في ملتقي ''أنصار الشريعة'' الذي ضم اغلب الطيف الجهادي التونسي و الذي انتظم تحت شعار ''اسمعوا منا و لا تسمعوا عنا'' و أعقبه ندوة صحفية بجهة وادي الليل بحضور القيادات الجهادية الكريزماتية كسيف الله بن حسين(أبو عياض) تلميذ أبو قتادة الفلسطيني السجين حاليا في بريطانيا بتهمة تهديد الأمن القومي و أبو أيوب التونسي احد القيادات الشابة إلى جانب القيادة الشرعية ممثلتا في الشيخ الخطيب الإدريسي السجين السابق على خلفية أحداث الضاحية الجنوبية و قد رفض أصحاب الملتقي التقدم بطلب تأشيرة العمل القانوني معتبرين أنهم لن يطلبوا التأشيرة إلا من الله.

على سبيل الختام
يقف الجهاديين التونسيين اليوم و قد خلفوا ورائهم تجارب مريرة من الصراع مع السلطة و معارك بين خوست و قمم تورابورا و قمم الاوراس و شوارع بغداد و الموصل و خلايا العمل الجهادي في ملاذات ارويا الباردة و أمامهم واقع جديد تعيشه البلاد بعد ثورة أتت على الطغيان و أفرزت هامشا واسع من حرية الحركة و التنظيم و الاجتماع على الأقل حتى كتابة هذه السطور و بعد فوز لقوى الإسلام السياسي أي المدرسة الإصلاحية المرضى عنها من قبل القوى العالمية كما بينت ذلك أبحاث مؤسسة راند الأمريكية في تقريرها ''بناء شبكات إسلامية معتدلة-الشركاء والموارد'' فهل سيعود الجهاديين إلى منهج'' الجبل و الكلاشنكوف'' وفاءا لعقيدة الولاء و البراء أم إنهم سينخرطون في العمل السياسي الحزبي كما فعل نظراءهم المصرين في جماعة الجهاد و الجماعة الإسلامية أم سيحضون تجارب النضال السياسي السلمي دون حمل سلاح كما هو حال حزب التحرير؟؟؟؟
شبكة البصرة
السبت 20 صفر 1433 / 14 كانون الثاني 2012
يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس

مفارقات زمن الثورة/ المشهد الخامس: ثورة تونس..هل هي صناعة غربية؟


 
الهادي حامد/تونس
 
ثمة زخم كبير من الكتابات تشكك في اصالة الثورة العربية من بدئها الى منتهاها الحالي. وترتكز على التعاطي الغربي معها ومع قواها والطبقة السياسية الجديدة التي هي بصدد فرزها كطبقة مرشحة للحكم. لنتفق على امر هام : ان الغرب قد لايكون هو من خطط للحراك الذي تعيش على امله او المه الامة ، لكن يمكن ان يلحق به فيسابقه ويجاوزه  فيحدد منعرجاته واتجاهاته. هنا علينا ان ناتي بالدليل عن كل امكان قراءة نختار. وان نتفحص مجريات الاحداث ونقبض على تمفصلاتها وتحولاتها الكيفية والنوعية لاجل ان ننتهي الى تحليل يلائم الواقع وليس بالضرورة ان يلائم قناعاتنا الايديولوجية. الامر الثاني الذي نتفق عليه بلاشك : هو ان الغرب لايفرط في مصالحه الاستراتيجية ولا يغامر بها كما لايتقاعس في تأمينها. يعني اما ان يكون مخططا حقا واما ان يكون مثابرا لاجل الامساك بالمقود. والامر الثالث الذي نتفق عليه هو : للغرب الحق في ان يفعل مايشاء طالما انه لاوجود لقوة تردعه ولا لارادة تقف له بالمرصاد. وهذه مع الاسف صارت قاعدة في القانون الدولي في ظل غياب تام ودراماتيكي للعدالة الدولية.
 

مرة اخرى اطرح موقفي المتعلق بثورة شعب تونس وانا هنا لست قارئا للأحداث بل كناشط فيها وفي مدينة سيدي بوزيد التي شهدت حادثة العربة. ثورتنا شعبية واصيلة وبريئة من كل التهم ومن جميع التحليلات الوثائقية المجردة وغير المنصفة وانا هنا لاادافع عنها بصفتي ابن هذا البلد، فهذا الاعتبار عند المثقف لامحل له ، بل بصفتي اقرر مااراه حقيقيا وموضوعيا بالفعل. ثورتنا اندلعت من سيدي بوزيد وساهم في اندلاعها من الناحية الميدانية طرفان لاثالث لهما: نقابة التعليم الثانوي (اداء نهاري متنوع) وشباب الاحياء السكنية (اداء ليلي استنزف العدو). النقابيون التقطوا القدحة من جسد البوعزيزي وحولوها فوريا وميدانيا الى ملف صدامي مع السلطة واستقطابي للاهالي في الجهة والخارج. كنا في كل مناسبة محلية اووطنية او قومية  نبرمج مظاهرة في الشارع وفي كل مرة – لسنوات طويلة وخصوصا في السنوات العشر الاخيرة- نضطر الى الوقوع في تدافع مع قوات الامن عند مدخل الاتحاد الجهوي للشغل  وبعد ان يغلقوا بسياراتهم وفرقهم المتنوعة الشارع من الجهتين دون ان يساندنا احد من عموم المواطنين. في كثير من الحالات نعود الى بهو مبنى الاتحاد وننهي فعالياتنا هناك. خلال المرات التي ننجح بتمويهاتنا في الخروج الى الشارع ترى الناس تنظر الينا وكاننا مجانين او متهورين ، وترى رواد المقاهي يرتشفون كؤوسهم كانهم يشاهدون فيلما حجم الاثارة فيه متوسط وينتظرون نهايته المعتادة او المنتظرة. علما وان جهة سيدي بوزيد من اكثر الجيهات التي تجذر فيها الفقر والحرمان والتهميش والتخلف..وتجذر فيها الحزب الحاكم بقواعد لادور لها الا الوشاية والتصفيق والتآمر على ابناء جهتهم دون ان يكون للواشين او المصفقين او المتآمرين اي عائد لقاء ماطلب منهم اداؤه لاماديا ولا معنويا وهم مع اخوانهم في الذل والمهانة سواء(حزب ليلى بن علي الطرابلسي كان رؤوس مافيوزية تدير اعمال وصفقات وقواعد تصفق وتمجد وتشي). النضال النقابي بالجهة احدث حالة من التراكم في درجة الاحتقان السري، وسبقا في القيمة الاعتبارية لنقابة الاساتذة على حساب الادارة الحزبية ولم تكن ثمة في الجهة قوة مناضلة اذا استثنيناها. اما عن الدور في الايام الموالية ل17ديسمبر2010 فهو: تحركات شعبية يقوم الاساتذة بتاطيرها + تنسيق نقابي بين الجيهات +نشاط مكثف جدا على الموقع الاجتماعي الفيسبوك واتصال نقابي بالقنوات الاعلامية العربية والاجنبية حقق سبقا اعلاميا على النظام وجرد اجهزته الاعلامية من المصداقية. وهذا يعني انه لم يكن بالامكان ترسيخ الحالة الاحتجاجية ولا تصديرها الى الجيهات الاخرى ولا محاصرة النظام اعلاميا دون فعالية النقابة الجهوية للتعليم الثانوي والدربة التي اكتسبتها في ادارة المعارك جهويا مع مؤسسات النظام واعوانه في الجهة.وللامانة التاريخية اقول، وهذا لاول مرة اصرح به ، ان البعثيين في جهة سيدي بوزيد كان لهم دورا عظيما في ذلك بحكم تمرسهم بالعمل النقابي وبتكتيكات الصراعات ذات البعد السياسي. اضيف ، وللامانة ايضا ، ان دور المناضل النقابي السيد علي الزارعي(كاتب عام نقابة الثانوي) رجح الكفة على مستوى الجهة لصالح الحالة الاحتجاجية والثورة في الوقت الذي حوله بعض الافراد السياسيين الى محور نضالي بحيث صار لاهم لهم الا اقصائه عن النقابة لحسابات ايديولوجية بالية لم تعد المرحلة تقتضي استحضارها عند الحساب.وهي حسابات كانت تصب في صالح النظام شاؤا ام ابوا. ولقد لعبت نقابة الاساتذة دورا ايضا في اطلاق سراح المعتقلين وفي الرفع من معنويات عوائل الشهداء في الحين وزيارة المحاصرين والمنكوبين (منزل بوزيان). كما ان مكون آخر من مكونات العائلة القومية وهم الناصريون نشطوا خلال الثورة نشاطا خاليا من الحساب وتعقيداته ، من مساء حادثة العربة الى يوم 14جانفي . وظلوا كغيرهم من القوميين يدفعون بالحراك الشعبي نحو التخلص من رموز الجنرال في فترة الحكم الانتقالي الاولى.
 

اما عن دور شباب الاحياء السكنية فقد تمثل في الاشتباك الليلي بحيث قسموا انفسهم في كل حي الى فريقين : فريق يشتبك في النصف الاول من الليل ثم يخلد عناصره الى النوم وفريق يستانف عنهم الاشتباك في النصف الثاني من الليل بعد ان يكون عناصره قد نالوا نصيبا وافرا من الراحة. ولم تستطع مختلف الفرق الامنية تحقيق ولو نصرا واحدا رغم تسلحهم بالدراجات النارية التي يسهل سيرها في الازقة الضيقة والملتوية لان الشباب كانوا ينصبون لهم حبائل ويقعون بهم تحت زغاريد النسوة وتصفيق الصغار فضلا عن رميهم بالحجارة وبالقطع الخشبية الكبيرة من على السطوح. وتنتهي المواجهات مع انبلاج الصبح لتكشف الشوارع والازقة عن سوادها ويحمل هواء المدينة عطر الادخنة والاطارات المطاطية المحروقة. في النهار يستأنف النقابيون والناشطون السياسيون والاهالي حراكهم الاحتجاجي. بهذا تكامل اداء النقابيين وشباب الاحياء في اطالة امد الحالة الاحتجاجية وبالتالي انتقالها الى جيهات اخرى وفي ارباك النظام واجباره على ارتكاب اخطاء كانت تاتي بها خطب راسه الهش واداء اجهزته. من سيدي بوزيد المدينة الى قراها المحيطة الى القصرين وتالة الى صفاقس الى الاحياء الشعبية بالعاصمة ثم صارت مدن القطر وقراه كلها تهتف بصوت واحد ضد نظام بن علي واعوانه ومافيوزاته.
 

اريد ان اقول هنا : لاوجود لتاثير امريكي او غربي مباشر ولا غير مباشر في المسار الاحتجاجي، ولا احد كان سيقبل به ان ظهرت مؤشرات تدل عليه. بل بالعكس، ماكانت امريكا سعيدة بسقوط النظام ولا فرنسا ايضا او اية جهة غربية. قطر نفسها التي تتزعم موزتها اليوم "ثوار" المرحلة لم تصرح بموقف الا بعد رحيل بن علي وذلك بانها تتمنى للشعب التونسي الامن والسلام.واذا راجعنا اداء قناة الجزيرة نجدها قد فسحت المجال  لاعوان بن علي قدر مافسحته للنقابيين والسياسيين المعارضين او ربما اكثر. يكفي ان نتذكر انها ليلة 13جانفي 2011 اجرت اتصالا مع سمير العبيدي وزير اعلام بن علي انذاك ليقول : ان بن علي انقذ تونس سنة 1987 وهاهو ينقذها اليوم...شاهدوا الشوارع التونسية عبر التلفزة التونسية كيف تعج بالمحتفلين بخطاب السيد الرئيس..." وكان ذلك جزء من خطة صممها النظام للانقلاب على الثورة وهي قاب قوسين او ادنى من لحظة القطاف بالاشارة الى صبيانه ومرتزقته من ضعاف النفوس كي يحتفلوا في الشوارع عل الشعب يجاريهم وعل المحتجين يفقدوا الامل. هذا مادفع بالقوى الثورية (صاروا في هذه المرحلة يستحقون هذا الوصف) يسابقون الحزب الحاكم للاستحواذ على الشارع منذ الصباح الباكر لمنع الارتداد الى الوراء ، وبالفعل كان يوم 14جانفي يوما مشهودا في تاريخ هذا البلد وتاريخ الامة وربما على المستوى الكوني حسب مانرى من مؤشرات.
 

الغرب صار مهتما بالواقع الثوري التونسي اهتماما محموما منذ يوم 14جانفي وحين اذاع الاعلام نبأ طائرة الجنرال بن علي وهي تحوم في الاجواء بحثا عن ملاذ. لانعرف مستويات ومضامين التواصل مع الهيئة التي استلمت مؤسسات الدولة العليا وفيما اذا كانت الدول الغربية قد حاولت تمرير اشياء للسيد الغنوشي من باب التموقع من جديد. هذه منطقة مغلقة قد تفتح ذات يوم ليس ببعيد. ولكننا نثق في ان الاجهزة الغربية السياسية والامنية وجدت نفسها في حرج كبير : كيف يحدث ماحدث دون ان يكون المقود بيدها ..؟..ودون ان تعدل موقفها جذريا من مافيا بن علي في وقت متقدم ، وبل منذ ان وقفت على فقدانه الاساس الشعبي ولو بدوغمائيته المعهودة او التي تعرف ؟. مستوى احراجي ثان : على من نراهن اليوم في تأمين مصالحنا ؟..وهو احراج يتعلق باستشراف ادوات الهيمنة الجديدة التي ستكون بالضرورة بقوى جديدة وباسلوب جديد.
 

مالاحظناه ان حركة النهضة الاسلامية اطلقت اشارات ايجابية لامريكا وفرنسا وللوبيات القوى المعادية بلا استثناء ، بل للغرب بلااستثناء. غير ان الامانة التحليلية تقتضي منا طرح السؤال التالي : هل كانت الحركة تتصرف على اساس المبادئ ام على اساس طرف يتهيئ لاستلام الحكم ؟..وهل ان تصرفها مشروع في حالة وغير مشروع في اخرى ..؟ اولا نستبعد ، على اساس استبطان النوايا ، وبقطع النظر عن شذرات مخيفة في التاريخ السياسي للحركات الاسلامية ان تكون النهضة تؤمن فعلا بان القوى الغربية صديقة لشعبها ولامته. نستبعد ان تكون آملة فعلا في قدرة الغرب على ان يتحول الى طرف ايجابي  بعد تاريخه العدائي الطويل لامة العرب والاسلام. ولكنها تكون قد خاطرت بمستقبلها السياسي وبطموحها السياسي المشروع كقوة سياسية شعبية مناضلة لو انها اطلقت اشارات سلبية تنبئ بان الغرب عدو وانه مطالب بالتكفير عن ذنوبه وجرائمه قبل ان يعامل معاملة الشريك. اذ قد يعرضها هذا الخيار الى التآمر في وقت لايزال يتسع للمؤامرات فينسد امامها الطريق وعندها لن تكون وحدها الخاسرة بل شعبها ايضا وعلى وجه الخصوص من وجهة نظرها. ان حركة النهضة الاسلامية وهي تستضيف الوزيرة كلنتون وتقدم لها الورود في وقت تصب فيه نار جهنم على العاصمة طرابلس كان خيارا سياسيا قاسيا ولكنه كان شاهدا- كما ارى- على انها تعلمت ممارسة السياسة وفق خلفية امنية سياسية وليس وفق الخلفية الايديولوجية. قد يقول قائل بانها تساند الغرب في حربه على ليبيا لاعتبار ايديولوجي. اقول صحيح . صحيح ان القرابة الايديولوجية لادوات ساركوزي في ليبيا موجودة. ولكني اظل استبعد انه كان من شانه ان يجعل علاقتها بامريكا وفرنسا مطعمة بشيئ من الود. كان هذا الود والابتسامة الصفراء ضمانة مقابلها ان لايعمل الغرب على قطع الطريق امام الصندوق الانتخابي اوان لاتصدر عنه حركة انقلابية تمنعها من الشرعية الانتخابية.
ونشير الى ان الغرب كان يتحسس افكار الاسلاميين وخياراتهم السياسية وفي الآن نفسه كان يعد بدائل وان باحساس بالخيبة واليأس. لقد راهن على الحزب الديمقراطي التقدمي وعلى حركة التجديد وعلى احزاب متولدة عن حزب بن علي ومجموعات ليبيرالية  فرنكفونية توفر لها قناة نسمة الرعاية الاعلامية والمعنوية. الغرب كان يميل الى محاصرة حجم وفعالية القوى القومية التي تعرضت الى المحاصرة الاعلامية الشديدة وتكفلت قناة نسمة بتشويه هوية شعب تونس واطلاق تنظيرات سخيفة ومضحكة ومقززة تستبعد العروبة والاسلام وتقلل من دورهما التاريخي في تشكيلها. والمحصلة ان القوى الغربية كانت ترتب في رهاناتها المستقبلية الاحزاب والقوى على النحو التالي: الليبيراليين(قوى تجمعية) 2/ الديمقراطي التقدمي 3/التجديد 4/ التكتل (طرف في التريكا)5/النهضة 6/المؤتمر من اجل الجمهورية(طرف في التريكا) 7/ حزب العمال الشيوعي التونسي 8/ القوى القومية. غير ان القوى التي كانت تفضل فوزها خسرت الانتخابات مثلها مثل القوى التي تعتبرها راديكالية. فوجدت نفسها امام تحالف ثلاثي يتخذ من حركة النهضة الاسلامية كعنوان. لكن هل يمكن القول ان هذه الحركة تمثل ضمانة لمصالح الغرب في تونس اليوم ؟ الاجابة عن هذا السؤال تقتضي منا طرح سؤال آخر منهجي : هل عمل الغرب على نجاحها في التحدي الانتخابي ؟
 

ثلاثة عوامل رئيسية ساهمت في فوز حركة النهضة : اولا، تاريخها النضالي وعمقها الشعبي وحرفيتها التنظيمية. فهي قارعت نظام بورقيبة في آخر ايامه ونظام بن علي طول ايامه اذا ما صرفنا النظر عن فتور نضالي مبرر في بعض الفترات. قدت شهداء وضحايا وسجناء ومطاردون وممنوعون من الحياة. وكانت تمثل المسن الذي يمضي عليه الجنرال سيفه بحيث تجاوزها القمع ليطال مناضلي الصف الثاني من القوى الاخرى. واشارة امينة ان عناصرها كانوا حذرين ايام الثورة ولم ينزلوا الى الشارع بشكل واضح- وبقرار حزبي كما يبدو- الا في اليوم الاخير. ثانيا ،ضعف القوى القومية وتشتتها ، فجسدها تنخره المماحكات الايديولوجية والفرديات المنتفخة واساليب العمل التي اكل عليها الزمن وغص بها وكادت ان تعجل القيامة. فضلا عن الانحراف السياسي للكثير من عناصرها ودخولهم الى حزب الجنرال في سنوات الجمر ليس اتقاءا للبطش كما كان يفعل اعضاء حركة النهضة بل كان طمعا في الفتات ، وهذا ينطبق ايضا علىكثير من عناصر القوى اليسارية الماركسية. لم تكن العائلة القومية متوافقة على رمزية الشهيد صدام ولا على شرعية الحرب على ليبيا ولا ايضا على الخطر الفارسي على الامة وكثير من القضايا والملفات السياسية كانت تتباين فيها المواقف بحسب تعدد الفرديات المرجعية. هذا الواقع ترك موضوعيا مساحة واسعة للنهضة كي تستقطب كل من يتعاطف مع خطاب الهوية. ثالثا، آداء خصومها من الليبراليين  الفرنكفونيين والقوى التي تسمي نفسها ويسميها الاعلام المعادي للهوية العربية الاسلامية :" قوى ديمقراطية تقدمية "، خلال الفترة التي سبقت الانتخابات وخلالها وبالتحديد منذ 15جانفي 2011. حيث اعتمدت استراتيجية الهجوم على حركة النهضة الهجوم على كل ماهو عربي اسلامي باسلوب فيه الكذب والتضليل والسخرية والتشويه وتسويق الخوف من احتمالات فوزها على الحرية والديمقراطية والمرأة وعلى نمط عيش مختلف الشرائح الاجتماعية. ويكفي ان نذكر هنا بث قناة نسمة الفيلم الايراني المدبلج المسيئ للذات الالهية تحت عنوان حرية الثقافة والفكر والابداع. كما نذكر اقتحام مجموعة من الليبراليات اجتماعا للحركة خلال شهر رمضان الكريم وهن يدخن السجائر ويرتدين لباسا لايحترم اساسيات ديننا ولا قيمنا القومية وما الى ذلك من الجهالات التي استفزت عموم الشعب واحدثت استجابة عكسية بحيث صوت اغلب الناس الى النهضة بدافع الدفاع عن هويتهم ودينهم وتأمين مناخ قيمي ونمط ثقافي يرتضونه لابنائهم يكون منسجما مع عمقهم الحضاري.
 

اما عن المال القطري او الدعم اللوجستي الامريكي فهي  مواقف تحتاج الى ادلة اثبات وان كنت ارجح كونها قذائف انتخابية هوائية ودعاية لااعتقد ان اصحابها سيتجنبونها لوصحت فيما اذا كانوا يتمتعون بثقل حركة النهضة وحقيقة تاثيرها في الواقع السياسي التونسي. وان كل مايقال عن الاموال الطائلة التي تمتلكها هي في الواقع معاليم قصاصات الانتماء و تبرعات المنتمين والتي تعادل مبلغ ثلاثون دينارا على الاقل. فباعتبارها الحركة الاوسع شعبية فانه من الطبيعي ان تكون الاكثر اموالا وهذه شهادة بنضاليتها وليس تشكيكا في وطنيتها. وفي المحصلة فان النهضة استغلت معطيات موضوعية ذاتية واخرى تتعلق بالواقع السياسي القطري لتنجز صعودها الى ادارة المرحلة الانتقالية الثانية والاشراف على المهمات التاسيسية للواقع القطري الجديد. وان كل مايتعلق بمواقفها من الدول الاخرى انما املاه طموحها وليس مبادئها ولا اعتقد ان هذا غباءا او خيانة رغم اني قد لااتفق معها في هذا انطلاقا من عقيدتي القومية على اساس ان المبادئ لاترسم الاهداف القصوى فقط بل تقود ايضا اداء المرحلة. وان السلوك السياسي يجب ان يوضع تحت ضغط المبدأ والهدف كليهما حتى لايحدث خللا في الاداء.
 

الامكانية الاخرى لاستحواذ الغرب على ثورة الكرامة – طالما اننا استبعدنا الفعل في فعالياتها  و دعم القوى الفائزة في التحدي الانتخابي – هو ان يحتويها ويدفع نحو مسار يبعد القوى الحاكمة في الفترة التاسيسية عن اهدافها. فهل نراه يفعل هذا بالفعل ؟
 

لقد قدمت حركة النهضة والتريكا الحاكمة تشكيلة حكومية تجمع بين المصداقية الثورية والنضالية والكفاءة. حتى ان وزير التعليم العالي لما وضعت الوزارة تحت تصرفه ثلاثة سيارات مرسيدس قام بارجاعها لها مصحوبة بدفتر وصولات البنزين المجاني واصر على استعمال الشاحنة التي كان يتعاطى بها تجارة بيع الخضار والخرفان في سنوات الجمر علما انه كفاءة عالمية في الرياضيات وقد منعه نظام الجنرال من العمل الجامعي والعلمي في الجامعة التونسية وفي الجامعات الاجنبية. ويروى انه كان يمد امن الجنرال المراقب لبيته بالماء البارد خلال الصيف. وقد رفض جميع وزراء حركة النهضة الكثير من امتيازات الحقائب الوزارية ومنها قيمة الجراية الشهرية. اما رئيس الجمهورية وهو من حزب المؤتمر من اجل الجمهورية فقد تبرع بثلاثين الف دينار لصندوق دعم التشغيل من جرايته الرئاسية الشهرية وابقى على الفي دينار فقط كما اصر على السكن بفيلا داخل القصر وقرر بيع القصور الرئاسية الاخرى للغرض ذاته...هذا يولد انطباعا منصفا وعادلا وامينا بان المشرفين على مسار البناء الثوري أمناء عليه وانهم خير من يستحق الاشراف على البناء.  ان البناء يحتاج الى تخطيط والى تعويل على امكانيات البلد الذاتية واعتماد منهج يسمح باستقلالية القرار والمسار، كما يحتاج الى وقت وصبر ووعي ووفاء والى قناعة بالقيم الديمقراطية التي تبيح للفائز حق تنفيذ برنامجه الانتخابي اذ لاجله انتخب ووفقه يحاسبه ناخبوه. وبان من لايرضيه اسلوب الفائز في ممارسة رؤيته في البناء عليه ان يقنع الشعب ببديله ويعد للتحدي الانتخابي القادم على مبدأ ان يقنع الناخبين ببرنامجه اذ عبر اقناع الناخب وباسلوب التحكيم الانتخابي وحده يكون التداول على السلطة. غير اننا مانعيشه اليوم انه بدل ان تركز المعارضة على تحشيد الطاقات والهمم للخروج من مرحلة الاضطراب الامني والريبية السياسية نحو واقع طبيعي يسمح بممارسة الشعب لحياته بشكل طبيعي وفي اطاره تفجر الطاقات وتصحح المسارات نراها تضلل الشارع وتزج به في متاهات العصيان المدني والامني وتجميد نشاط الاقتصاد الوطني واثارة النعرات الجهوية والمناطقية والتحفيز على المطالبات العبثية والفاضحة بحيث يضعون التريكا الحاكمة امام امرين : اما عرض البلد للبيع او الاستقالة والعودة الى نقطة الصفر. يعني صار هدف افشال النهضة مقدما على هدف نجاح الثورة وتقدمها نحو اهدافها. هدف افشال النهضة مقدما على هدف عودة اعتبارية الدولة وهيبة القانون وامن المجتمع. هدف افشال النهضة مقدما على مطلب الكرامة الذي لاجله قامت الثورة. اقول هنا : يمكن ان تكون معاديا للاسلاميين في المطلق ، ولحركة النهضة بشكل خاص، لكن يقتضي حال الوطن ومصلحة الشعب ان تعلق ممارسة العداء الى حين. او تقضي القيم الديمقراطية ان تعمل تحت ادارة الفائز وان كنت تمقته وتخونه. لكن توفر لك هذه القيم سبل الاحتراب واطره. ولو تاملنا محاور نشاط المعارضة فاننا نجدها مشبوهة : رفض اللباس الديني في المؤسسات الخدمية العامة ، اتهام النهضة بمعادات السامية ، الاحتجاج على وزراء النهضة حتى قبل ان يباشروا مسؤولياتهم ورفض اي اجراء يعتمدونه في ايامهم او ساعاتهم الاولى، وقد راينا انه في يوم تسلم الوزراء لمهامهم كانت امام كل الوزارات تجمعات احتجاجية تطالب الوزير الجديد بالرحيل لدعاوى لاقيمة لها وضالمة بل وتافهة . علما ان القوى الخاسرة صرحت بنزاهة العملية الانتخابية وسلامتها. وصل الامر الى حد التنديد بزيارة المجاهد اسماعيل هنية لتونس . تلك الزيارة التي تجاهلها اعلام منبت وتائه في الوقت الذي احتفل فيه انصار النهضة في المطار بكاميرات هواتفهم. اعلامنا الذي تجاهل اسماعيل هنية والحشود التي هبت لاستقباله بشعار : الشعب يريد تحرير فلسطين بينما احاط بالوزير جوبي لانه وزير فرنسا راعية الانبتات  والفرنكفونية وضرب الهوية . حرضوا جرحى الثورة وجيشوهم ودفعوهم الى تجريد انفسهم من القيمة الرمزية لمنجزهم من لحمهم ودمهم بحيث تحول الامر الى بيع لتلك الرمزية في المزاد العلني، رغم استجابة الحكومة للكثير من طلباتهم التي لوكانوا يفقهون لما طلبوا اكثر من العلاج  والاعتراف الرسمي وتأمين رمزيتهم ضد النسيان. وحتى لااعمم ، اسوق حالة مختلفة ، في معهدنا عامل بسيط اصيب بثلاثة كسور خلال الثورة في ساقه ، وحين اتصل به البعض ليطلب اموالا رفض ان يدرج اسمه ضمن المطالبين وفضل حسب تصريحه ان يبقى الامر ذاكرة له ولمن بعده من نسله وللاشارة لم يشأ ان يطلب شيئا من احد لاماديا ولا معنويا وهذا عن طيب خاطر ووعي منه. لماذا لم تتحرك احزاب المعارضة كلما اغلقت مؤسسة انتاج او كلما احرقت ادارة او مصلحة حكومية او كلما اشتعلت الحرب بين احياء او عشائر (عروش)..؟؟..لماذا لم تتحرك ميئات الجمعيات وعشرات الاحزاب التي حصلت على التاشيرة بعد الثورة لتخفيف العبء على موظفي الادارة التونسية الذين يتعرضون الى الاهانة والضرب والتهديد في كل آن..؟؟..اليس هذا عمل وطني في هذه الظروف الصعبة..؟؟..ماهي الظروف التي يحتاجك فيها الوطن ايها السياسي او الناشط المجتمعي ..؟؟..كل هؤلاء ينتظرون فشل النهضة واستقالتها لانهم يحقدون على الصندوق الانتخابي الذي افرزها كقوة فائزة اكثر من حقدهم على نظام  الجنرال بن علي بل وصل الامر ببعضهم الى القول بانها اسوأ من التجمع على الرغم من كونها اكثر من تلقى قمعه ونالها بطشه ، وكونها لم تستولي على الحكم وانما فازت في التحدي الانتخابي ، ورغم كون الحكم انتقالي ومحدود بسنة.
 

تلك المعارضة هي الفاشلة في الانتخابات . اغلبها يتمتع برعاية فرنسا وامريكا واسرائيل. ويتمتع بدعم اعلام لايدرك من الثورة غير رحيل بن علي. المثير في بعضها ان برنامجها السياسي هوافشال النهضة ، من اجل حرية الافطار في شهر رمضان. حرية التعري في شهر رمضان . حرية العهر بمعانيه كلها وفي الوقت كله. وعلى راسه العهر السياسي الذي يقعون فيه دون ان يدركوه.
تلك هي المؤامرة
ووراءها ضعف في التكيف مع معطيات المرحلة...و السفارات
ولسوف تفشل..ويفشل معها الفاشلون مرة اخرى.
Whamed6@gmail.com




الارشيف

المتواجدون الآن