من أنا

صورتي
ابو وائل
" إذا خانتك المبادئ ، تذكر قيم الرجولة " قولة عظيمة لرجل عظيم...لا يكون الا عربيا!
عرض الملف الشخصي الكامل الخاص بي

للاتصال بالمحرر:

whamed6@gmail.com

هل تعتز بانتمائك الى امة العرب ؟

اذا كنت تعتز بانتمائك الى امة العرب..نقترح عليك خدمة بسيطة ، تطوعية ونبيلة..وهي ان تعرّف بمدونة صدى الايام عبر نشر رابطها في مواقعك والمواقع الاخرى ولفت النظر الى منشوراتها الهامة والحيوية..وان تجعلها حاضنة لمقالات المهتمين بشأن امتنا - عبر بريد المحرر-واننا شاكرين لك هذا الجهد.

فسحة مفيدة في صفحات صدى الايام وعبر ارشيفها







نصيحة

لاتنسى عزيزي المتصفح ان تؤدي واجباتك الدينية..فمدى العمر لايعلمه الا الله..وخير الناس من اتقى..قبّل راس والدك ووالدتك واطلب منهما الرضى والدعاء..وان كانا قد رحلا او احدهما..فاطلب لهما او لاحدهما الرحمة والمغفرة وحسن المآل..واجعل منهجك في الحياة الصدق في القول والاخلاص في العمل ونصرة الحق انّى كان

ملاحظة

لاتتعجل عزيزي الزائر..خذ وقتا إضافيّا وعد الى الأرشيف..فثمة المفيد والمثير الذي تحتاج الاطلاع عليه..ملفات هامة في الاسلام السياسي..في العقائد الدينية الفاسدة والشاذة..في السياسة العربية الرسمية..في مواضيع فكرية وفلسفية متنوعة..وثمة ايضا..صدى ايام الثورة العربية الكبرى




إجمالي مرات مشاهدة الصفحة

لفت نظر

المقالات والابحاث والدراسات المنشورة لاتعبر بالضرورة عن وجهة نظر ادمن المدونة

سجل الزوار

 

البعث المقاوم في العراق يعلن هزيمة الامريكان/ بيان

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ





حِزْبُ البَعْثِ العَرَبي الاشْتِرَاكي أُمةٌ عرَبِيةٌ وَاحِدَة ذاتُ رِسالَةٍ خَالِدَة






قيادة قطر العراق وحدة حرية اشتراكية






مكتب الثقافة والاعلام






الإسفار الأميركي عن الهزيمة المدوية إيذان بانهيار العملاء وبزوغ صبح التحرير




يا أبناء شعبنا الصامد ، أيها المجاهدون البواسل






اليوم الحادي والثلاثين من آب عام 2010 م الحادي والعشرين من شهر رمضان المبارك الفضيل عام 1431 هجرية أتمت قوات الاحتلال الأميركي القتالية هروبها من العراق بفعل الضربات القاصمة لمجاهدو البعث وفصائل المقاومة الباسلة كلها الذين شرعوا بجهادهم الملحمي منذ اليوم الأول للاحتلال وعلى مدى ما يزيد على السبع سنوات بخمسة شهور أوقعوا فيها الخسائر الفادحة بالبشر والمعدات والأموال وبقوات الاحتلال الأميركي وحلفائهم من القوات البريطانية والاسبانية والاسترالية والايطالية والكورية الجنوبية وغيرها ، التي بلغت ما يزيد على الثلاثين جيشاً فضلاً عن القوات المرتزقة مما يسمون شركات الحماية الأمنية . وقد انهزمت قوات الاحتلال كلها تباعاً وبلغت خسائر قوات الاحتلال الأميركي وحدها ما يزيد على الثلاثة وثلاثين ألف قتيل وأكثر من 250 ألف إصابة بأرقام مراكز الأبحاث الاميريكية ذاتها ، وبذلك عادوا يجرون أذيال الخيبة والخسران والخذلان المبين من حيث أتوا سالكين ذات الطرق والقواعد التي قدموا منها غزاة بغاة وعادوا مدحورين خاسئين بفلولهم المرعوبة الحائرة المنهزمة يجللها الخزي والعار وتلاحقها لعنة التاريخ الأبدية .






يا أبناء شعبنا المجاهد المقدام ، يا أبناء امتنا العربية المجيدة






لقد كان الإعلان الأميركي السافر عن الهروب في الثلاثين من حزيران العام الماضي الى قواعدهم التي لم تكن أمنة بفعل النيران الحامية للمقاومة الباسلة وحممها الحارقة من أهم الحلقات الحاسمة لهزيمتهم المدوية التي أفضت الى الهروب التام لقواتهم القتالية في هذا اليوم المبارك من شهر رمضان الفضيل ، فلقد استلهم مجاهدو البعث والمقاومة قيم الثبات والجهاد من معاني هذا الشهر الكريم ومآثر العرب المسلمين الأوائل في عصر صدر الرسالة الإسلامية الخالدة على عهد الرسول العربي الكريم محمد ( صلى الله عليه وسلم ) وصحابته الأخيار وآل بيته الأطهار فكان نصر المقاومة العراقية الباسلة من عند الله العزيز الحكيم .






لقد نصر الله المجاهدين البعثيين المؤمنين على قوى الطاغوت الأميركي وحلفائه الفرس والصهاينة وعملائهم الاخساء وما تخريجات اوباما اللفظية في خطاب الهزيمة إلا محاولات بائسة بطمسها ، فهو يعلن عن انتهاء ما يسمونه المهمة القتالية التي أعلن المجرم بوش انتهاءها زوراً وبهتاناً في مايس عام 2003 ، وذلك كله ما هو إلا بحثاً عبثياً عن المخارج التي تكفل ما يتوهمونه حفظاً لماء وجوههم أن ظلت منه بقية ، وما دروا أن هزيمتهم المنكرة المدوية على أيدي أبطال المقاومة العراقية المجاهدة هي هزيمتهم الكبرى على صعيد العالم كله وهزيمة أيديولوجيتهم الامبريالية المتصهينة أيديولوجية الهيمنة على العالم كله والتي باتت تجلياتها الكبرى في انهيارهم المالي والاقتصادي الذي ما زال متواصلاً . كما غدا الإسفار الأميركي عن هزيمتهم المدوية إيذان بانهيار عملائهم الأذلاء وبزوغ صبح التحرير الشامل والعميق والاستقلال التام والناجز .. ولن تنطلي على شعبنا الواعي الصابر المحتسب ومقاومته الباسلة وقواه المناهضة للاحتلال التواطئآت الأميركية الإيرانية لتوريث الاحتلال الأميركي للاحتلال الإيراني عبر محاولة التمديد لولاية عميلهم المزدوج الما لكي والتحالف المشبوه الموالي لإيران بعد ستة شهور من إطالة أمد مهزلة ما يسمونه ( تشكيل الحكومة ) وإيكال الأدوار البائسة الى عملائهم وشركات حمايتهم الأمنية من كل صنف ولون .






بيد أن بأس المقاومة العراقية الباسلة وشعبنا المجاهد الأبي التي هزمت المحتلين شر الهزيمة لقادرة على إلحاق الهزيمة المنكرة بحلفائهم الصهاينة والفرس وعملائهم الاخساء وإجهاض مخططاتهم الاحتلالية الجديدة القديمة وإقامة حكم الشعب الحر التعددي الديمقراطي المستقل تتويجاً لجهاد جبهة الجهاد والتحرير والخلاص الوطني وقيادتها العليا وعلى رأسها الرفيق المجاهد عزة ابراهيم الدوري الأمين العام للحزب وقيادات وفصائل المقاومة كلها والسير قدماً على طريق البناء الوطني الديمقراطي القومي الاشتراكي والنهوض الحضاري والإنساني الشامل .






عاشت المقاومة العراقية الباسلة .






وعاش العراق العظيم وعاشت الامة العربية المجيدة .






المجد لشهدائنا الأبرار .






ولرسالة امتنا الخلود .






قـيـــادَة قــطـــر الـعــرَاق






مكتب الثقافة والاعلام






في الحادي والثلاثين من آب 2010م






بـغـدَاد الـمـنـصـوَرَة بـالـعـز بِإِذْن الْلَّه

خروج العرب من الفتنة كمقدمة لدخولهم التاريخ/حبيبي عيسى

حبيب عيسى
خروج العرب من الفتنة


كمقدمة لدخولهم التاريخ


( 1 )


" الله أعلم حيث يجعل رسالته "


الأنعام (124) صدق الله العظيم


أعترف بداية أنني ترددت طويلاً بين موقفين : المقدرة على


الصمت ، أو الشجاعة على الكلام في موضوع شائك كلما تهرّبنا من مواجهته


ينتصب أمامنا حائطاً مسدوداّ كتيماً ، بيننا ، وبين التطور من جديد .






ذلك أنه حتى الصمت في هذا الزمن يحتاج إلى مقدرة ، وشجاعة خاصة ، لأن


المطلوب الآن ليس مجرد السكوت عن هذا المنكر الذي يتم تفعّيله في مختلف


مناحي حياتنا ، وإنما المطلوب أن نشارك فيه على عكس القاعدة الشرعية التي


تفرض مقاومته .المطلوب أن ننخرط في أوحاله بالفعل ، أو باللسان ، أو


بالقلب ، وهذا أضعف الواجبات " الشرق الأوسطية " التي يلزمنا بها النظام


الإقليمي السائد في الوطن العربي ، على مستوى السلطات ، وعلى مستوى تفعيل


عوامل التخلف والشقاق والنفاق مجتمعياً في الوقت ذاته ، بعد أن تم نشر


أوبئة الفتن ، والفساد من كل نوع ، وفي سائر المجالات ، و الأنحاء بين


المحيط والخليج .






أما الشجاعة على الكلام ، أو باللغة الفقهية ، أعظم الجهاد عن طريق الجهر


بالحق في وجه جور السلاطين الذين يحكمون عالم اليوم و يعيثون فيه


فساداً ، و إفساداً ، وتلويثاً ، و تخريباً ، ونهباً ، وفي وجوه


المتاجرين برسالات السماء والأرض في قاع المجتمع العربي ، فإنني حقيقة لا


أعرف إن كنت أملك بعضاً من تلك الشجاعة ، ذلك أن الكلام الذي يستحق أن


ُيقال ، وأن ُيسمع بعد تلك السنوات من الأحلام ، والخيبات ، لا بد أن


يكون مختلفاً، محدداً، حاداً كحد السيف ، ذلك أن الخلط في المفاهيم ،


والغزارة في القصف الإعلامي الذي يستهدف عقولنا قد أوجد هذه الحالة


النادرة في التاريخ من الاستلاب الحاد ، وهي أن ُيفرض على الأمة كلها أن


تفكر بعقل أعداء الخارج ، والمستبدين القابضين على عنقها في الداخل ،


وتسعى ، وكأنها عمياء ، لتحقيق أهداف أعداء مصيرها ، وتعتبر الوصول لما


يريده هذا العدو انتصاراً ، يستحق المسيّرات ، و المهرجانات ، و ضجيج


أناشيد النصر .






- ويل لأمة تفكر بعقل عدوها .






- ويل لأمة تسعى لتحقيق أهداف أعدائها .






- ويل لأمة لا تحترم دماء شهدائها .






(2)






ونحن لا نلقي الكلام جزافاً ، وإنما نعايش أدق تفاصيل الواقع ، وحقائق


الأمور ، ومن هذه الحقائق أنه في أواخر القرن التاسع عشر وضع قراصنة


أوروبا برنامجاً للقرن العشرين للسيطرة على العالم ، ونهب ثرواته ، وكان


ما يخص الوطن العربي من هذا البرنامج تحقيق ثلاثة عناصر أساسية يجب


تحقيقها بالتوازي :






أولا ً: وضع خرائط تفصيلية ، لتقسيم الوطن العربي ، وإنشاء دول عدوانية


"فعلية" تتسلط على أرضه ، ترتهن الأرض ، والشعب معاً .






ثانياُ: استيراد مرتزقة ، غرباء عن الأرض العربية يشكلون "غيتوات" غير


مرغوب فيها ، أوروبياً ، فيتم زرعهم مستوطنات في القلب العربي فلسطين


للتخلص منهم من جهة ، وتحويلهم إلى عصابات من المرتزقة يخدمون المشاريع


الاستعمارية الأوربية في الوطن العربي من جهة أخرى .






ثالثاً : تحقيق مشاركة ، وتفاعل ، وتعاون بين مختلف الكيانات المصطنعة ،


بما في ذلك كيان المرتزقة المستوردين ، لإحكام شبكة العدوان على الأمة


العربية ، والتبشير بكيان "شرق أوسطي" فيه كل ما يحلو لهم ، من قبليات ،


وعنصريات ، و مذاهب ، وتغيب عنه الأمة العربية تماماً .






هل يجادل أحد في صحة ، أو حقيقة هذه الأهداف المعادية للأمة …. ؟ ،


خاصة ، و أن الوثائق التي تكشفت أخيراً ، والتي لا يتسع المقام لها ،


هنا ، أضحت في متناول الجميع ، وهي وثائق تقشعّر لها الأبدان ، ويشيب من


تفاصيلها الولدان …..






(3)






الآن ، وبدون الغوص في التفاصيل ، دعونا نتابع المشاريع


الاستعمارية الأوربية في الوطن العربي ، وماذا تحقق من الأهداف الثلاثة


المعلنة ؟ ، وكيف تم تنفيذها بأيد "عربية" للأسف الشديد ، غباء ، أو


استلاباً ، أو خيانة ، وما هي النتائج التي تحققت لهم في القرن العشرين


…؟. دعونا نقرأ تلك الأحداث بواقعية مفرطة حتى لا نتهم بأننا خارج


الواقع ، وربما خارج التاريخ كما يحلوا للبعض أن يوّصف حالتنا


الراهنة .....






أولاً: لقد احتاجوا إلى النصف الأول من القرن العشرين لتحقيق الهدفين


الأول والثاني ، فقام النظام الإقليمي لدول "فعلية" تجاوز عددها العشرين


سلطة تعتدي على البلاد والعباد ، وتقيم أنظمة الاستبداد ، والفساد ، وتضخ


ثروات الأمة للأعداء ، وتقيم السجون في كل مكان وتغتال ، وتفتك بالأمة ،


والأبناء حتى بات المواطن العربي لا يعرف الفرق بين حدود السجون


الرسمية ، وحدود الدول الإقليمية التي فرض عليه أن يحمل جنسيتها . وتشكلت


جامعة للتنسيق بين أعمال سلطات تلك الدول ، ثم دخلت جيوشها إلى فلسطين


لتحاصر جيش الإنقاذ العربي والفدائيين العرب الذي هبوا لنصرة عرب


فلسطين ، فتجرّد عرب فلسطين ، وعرب غير فلسطين من السلاح ثم تنسحب


لتعلن ، هي ، بالضبط هي ، قيام دولة " إسرائيل " ، "دولة" التوأم ،


للنظام الإقليمي بين المحيط والخليج .






ثانياً : ثم احتاجوا إلى النصف الثاني من القرن العشرين لتقف سلطات تلك


الدول بجامعتها ، وجيوشها ، ومخبريها ، وسجونها حائلاً بين الأمة


العربية ، وبين تحرير فلسطين، ثم تُشْهِر في النهاية شراكتها مع دولة


المرتزقة المستوردين عبر عقود كامب ديفد ، ووادي عربة ، وأوسلوا ، وما


خفي كان أعظم ، و تبشرّ بكيان شرق أوسطي تتقاسم فيه الثروات ، والمياه ،


والهواء .






















ثالثاً : يعلن الجميع الانضواء تحت مظلة الهيمنة الدولية أمريكية ، وغير


أمريكية ، التي ورثت النفوذ الأوروبي في العالم .


هذا ما جرى في الجوهر ، وكل ما عدا ذلك مجرد تفاصيل قد تكون مهمة لكن يجب


عدم الاستغراق فيها حتى لا يضيق أمام أبصارنا مجال الرؤيا الشاملة .






(4)






المهم علينا الاعتراف بأن أساليب وأدوات مواجهة هذا العدوان


على الأمة العربية لم ترتق إلى مستوى المقدرة على تحقيق النصر ، وبالتالي


فأن الأهداف التي تحققت هي أهداف أعداء الأمة ، و لهم كل الحق أن يحتفلوا


بكل هذا الذي حققوه ، وهو كثير ، والحالة الراهنة للأمة العربية تنطق


بذلك ، دون حاجة إلى استنطاق .


- لكن أن ُيفرض على الأمة العربية أن تحتفل بذلك ؟؟ ، فهذا أكثر من أن


ُيحتمل ، وهذا للسف الشديد يحصل في أكثر من مكان عربي عندما ُتحشر


الجماهير العربية في ُمسيّرات لتأليه جلاديها ... .


- لكن أن يصل الخلط في المفاهيم إلى حد حشو العقول العربية بأن ما تحقق


هو أهداف الأمة ، وأن عليها أن ترقص طرباً لذلك ، وأن تشيدّ الأصنام ،


والتماثيل للذين حققوا هذا الانتصار العظيم للأعداء على الأمة ؟؟ ، فهذا


يصل إلى حد الفظاعة ، هل علينا أن نكون ضد أنفسنا …..؟


هل رأيتم كم أنا حزين ، ومقهور ...؟ ، صدقوني ، أن الحزن ليس مما يفعله


الأعداء بنا ، و لكن مما نفعله نحن بأنفسنا ، فنحن جميعاً ، فرداً ،


فرداً مسئولون عما نحن فيه "ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم


" .






- هل رأيتم ، كم الحديث صعب بالنسبة لأمثالي …..؟






- هل رأيتم ، كم الصمت قاتل …؟






- هل اقتنعتم ، أن القلم ليس دائماً خير وسيلة للتعبير …؟






وأن القلم ... ، إذا لم يرتبط مع وسائل النضال الأخرى ، ويتفاعل معها ،


لتحقيق جملة الشروط المطلوبة للفعل الإيجابي المقاوم ، من أول من يطلق


الرصاص ، إلى آخر من يربي الأطفال ، ويزرع الأرض ، ويقتحم مجالات العلوم


… يتحول مداداً للثرثرة ، بل ربما ينقلب إلى أداة للاستكانة ، والنفاق


….؟


(5)






إذن ، دعونا نعترف بدايةً أن الخطأ الجوهري الذي وقعت فيه قوى التحرر


في الوطن العربي أنها لم تقدّر خطر النظام الإقليمي ، التقسيمي ، للوطن


العربي حق قدره ، لقد انشغلت بالخطر المتمثل بالكيان الصهيوني ، واستكانت


للنظام الإقليمي ، بل ، وتصالحت معه أحياناً ، ودخلت في دهاليز أجهزته


أحياناً أخرى ، حاولت أن تركبه فركبها هو ، و انشغلت بالتنافس ، والصراع


على السلطة ، وبين السلطات ، وهذا كله كان جهداً ضائعاً استهلك الكثير من


الشهداء ، والضحايا .






الآن ، وبعد كل هذا الذي جرى ، لابد من الإقرار أن النظام الإقليمي في


الوطن العربي بكل مكوناته هو الأخطر على الأمة العربية ، ووجودها ،


وحضارتها ، وهويتها ، وهو الذي أقام دولة الصهاينة في فلسطين ، وهو الذي


حماها من الجماهير العربية لأكثر من نصف قرن ، وهو الذي يتشارك معها الآن


جهاراً نهاراً في العدوان على الأمة العربية شعباً ، وأرضاً ، وثروات ،


وهو الذي يلغي وجود الأمة العربية ، ويفتعل الفتن بين أبنائها ، ويؤسس مع


الكيان الصهيوني مؤسسات "الشرق أوسطية" الأخطبوطية متعددة الأطراف ،


فلنخرج جميعاً من مستنقع التفاصيل عن العلاقة بين هذه الأطراف المعادية


للأمة العربية ، ولنخرج من دائرة الصراع فيما بين بعضها بعضاً ، ولنغادر


خنادقهم ، فلسنا مسئولين عن حجم الحصص التي يستحقها كل طرف من الكعكة


العربية ، فنحن ، باسم الأمة العربية ، لسنا طرفاً في كل هذا الذي جرى ،


و يجري ، وسيجري من معاهدات ، ومواثيق بين بعضهم البعض .. والأمة


العربية يجب أن تكف ، فوراً ، عن تقديم الشهداء لتزيد حصة فلان من غنائم


الحرب على الأمة ، على حساب حصة علان ، فهم جميعاً سواسية في عدوانهم على


الأمة ، إنهم جميعاً ينتظمون في نظام القرصنة متعددة الجنسيات ، يؤدون


الوظائف المطلوبة منهم ، والخطأ التاريخي الذي ارتكبته حركة التحرر


العربية في القرن العشرين ، وحتى الآن ، ودفعت الأمة العربية ثمنه


شهداء ، وثروات ، وإمكانيات تقدم ، وتطور ، وتحرر، هو التوهّم بأنه يمكن


الركون إلى النظام الإقليمي ، أو لبعض منه في معركة مقاومة الصهيونية .






الآن ، لابد من إعادة ترتيب الأولويات ، كما هي فعلاً ، لابد من


التمسك بالهوية العربية ، كما هي حقيقتها ، لابد من فرز منهج الأمة


العربية ، وفكر الأمة ، وعوامل أصالتها ، وحضارتها ، وتحصين العقل العربي


بمواجهة عمليات الاختراق ، والتشويه ، والفتن .






(6)






وبمناسبة الحديث عن الفتنة ، فإن المهم ، الآن ، الانتباه والتنبيه


والتحذير بأن الحلف بين "دول الشرق أوسطية" يدرك تماماً كم أن هذه الأمة


أصيلة ، وكم أن مكوناتها الحضارية قوية وعصّية على الموت رغم المظاهر


الاحتفالية التي تعمّ صفوف الأعداء ، وبالتالي فإنهم يدركون تماماً أنهم


لن يمروا ، إلا بتعميم الفتن بين أبناء الأمة العربية ، وبالتالي فإن ما


يسمونه "سلام عادل وشامل" ، و "سلام الشجعان" ، هو المعادل الحقيقي


للفتنة في المجتمع العربي ، ذلك أن الشعب العربي الذي سيقارع الصهيونية


وجهاً لوجه سيعرف كيف يبدع الأساليب المناسبة للمقاومة ، وبالتالي سيهدّد


مشروع تحالف الدول الشرق أوسطية ، وسيهدد وظائفها في الوطن العربي ..


وحتى يحصل ذلك ، يجب (صهيونياً ، و قوى هيمنة دولية ، وأنظمة إقليمية )


أن تفتح أشكالاً قديمة جديدة من الصراعات ، والفتن الطائفية ،


والمذهبية ، والعنصرية داخل المجتمع العربي ، وهي لذلك تنبش فتاوى


القتل ، والتقتيل بين العرب ، وبعضهم البعض ، فتطغى الفتن الداخلية على


ضرورات قتال الأعداء ، ومقاومتهم ، بينما يقوم تحالف سلطات الدول الشرق


أوسطية على تسليح بعض العرب لقتل البعض الآخر ، فيقتل العرب بعضهم


بعضاً ، و يستمر تحالف سلطات الدول الشرق أوسطية في تأدية الوظائف


المرسومة .






(7 )






وحتى لا يحصل هذا ، وحتى تتمكن القوى الحية في الوطن العربي من تحقيق


مقتلاً للقوى المعادية ، لابد من إفشال تلك الفتنة ، وهذا لن يكون إلا


بالتمسك بالهوية العربية ، بالمواطنة ، حيث المساواة والعدالة والحرية


لجميع مكونات الأمة العربية ، وبسد الذرائع لكل أشكال الفتن ، وتحديد


المهام والأهداف ، وفصل عناصر الصراع الاجتماعي الذي يحصل داخل الوجود


القومي للأمة العربية ، وبين الصراع مع القوى المعادية التي تستهدف وجود


الأمة ، وحضارتها ، وثرواتها . فالصراع الأول يدار بالحوار ،


والديمقراطية ، والجدل الاجتماعي ، بينما الصراع الثاني يدار بالمقاومة ،


والقتال المسلح إذا دعت الضرورة بمواجهة القوى المعادية الطامعة بغض


النظر عن هوية تلك القوى ..... .






لهذا ، وبكل وضوح ، وتحديد ، يجب ألا يتم السماح ، بأي حال من الأحوال ،


لأدوات الصراع الاجتماعي أن تستخدم في الصراع مع العدو . وفي الوقت ذاته


لا ُيسمح لأدوات وأسلحة الصراع مع العدو أن تستخدم في الصراع الاجتماعي ،


داخل مجتمعنا العربي ، الحوار في الداخل ، والقتال مع الغزاة . ولا


استثناء .....






(8)






إنني أدعو إلى عهد ، وعقد نتعاهد عليهما جميعاً ، لتحديد هذه


المفاهيم ، والالتزام بها ، ففي هذا تحصين للأمة العربية ، وللمجتمع


العربي ، وتمهيداً للطريق القويم إلى معركة شاملة مع قوى الهيمنة


الدولية ، والاحتلال التي تفرض ظلالها المقيتة على أمتنا العربية بين


المحيط والخليج ، ومواجهة لقوى العدوان التي تفرض نظام القرصنة الذي


يسمونه زوراً وبهتاناً : نظاماً دولياً ، وشرعيةً دوليةً . إنني أقول ،


وبكل وضوح ، واستناداً إلى ما أعرف ـــ وهو تخصصي – عن مشروعية


القوانين ، والأنظمة ، إن ما يسمونه شرعية الأمم المتحدة ، وما يسمونه


قانوناً دولياً ، وشرعية دولية ، لا أساس له في الحق ، والعدل ، و في


الشرائع ، و أن مستنده الوحيد كان ، هو القوة الغاشمة التي كان يفرضها


قراصنة القوة ومصاصي دماء الشعوب على العالم في القرون الوسطى ، و أن


النظام الإقليمي في الوطن العربي ليس إلا نتاجاً لنظام القرصنة هذا ، وإن


الدول القائمة على أرض الأمة العربية من أول دولة الصهاينة إلى آخر دولهم


بين المحيط والخليج قامت على معاهدات بين دول القرصنة الدولية ، ولا


أساس لها في مفهوم شرعة الحق ، والقانون ، والعدالة ، فالدولة المشروعة


الوحيدة في الوطن العربي قانوناً هي الدولة القومية التي تتطابق حدودها


مع حدود أرض الأمة العربية ، ويتطابق شعبها مع حدود شعب الأمة العربية .






وبالتالي فإن الوطن الوحيد الذي ننتمي إليه هو الوطن العربي ، وأن


الأمة الوحيدة التي ننتمي إليها هي الأمة العربية، وأن دويلات التجزئة من


أكبرها إلى أصغرها ، من جمهورياتها إلى ممالكها ، وسلطناتها ،


وجماهيرياتها ، هي دول غير مشروعة، لا تمتلك عناصر الدولة المشروعة


المتمثلة بالوطن والشعب و السلطة التي تمثل الوطن والشعب ، فليست أية


قطعة من الأرض وطناً ،وليست أية مجموعة من الناس شعباً . إن لهذا مقاماً


آخر لا يحتمله هذا الحديث ، لكننا نشير إليه هنا مجرد إشارة لنسّن قاعدة


قانونية تفيد " أن الثورة على الأوضاع القائمة في الوطن العربي ، ومقاومة


القوى المعادية بكل أشكالها ، وصورها وتموضعاتها ، وسلطاتها ، ودولها ،


ومنظوماتها القانونية ، وأجهزتها القمعية ، ليست عملاً مشروعاً ، وحسب ،


و إنما هي واجب شرعي أيضاً .






( 9 )






هكذا نعتقد أننا أشد ما نكون حاجة لنخط خطاً في العقل ، ولنحفر خطاً


في الواقع العربي ، لا للتعبير عن نهاية مرحلة ، وبداية أخرى ، وحسب ،


ولكن لإجراء تقييم موضوعي لتجربة بالغة الثراء بالشهداء والضحايا ،


بالانتصارات والهزائم ، إن هذا يحتاج منا إلى شجاعة على النفس أولاً ،


وعلى الغير ، وعلى المفاهيم ، ومن ثم إعداد العدة لاستنفار طاقات الأمة


العربية ، ومخزونها الحضاري ، وزجها في معركة فاصلة مكشوفة على وشك أن


تبدأ ، كما نحلم ، و أن ُيوقف على الفور أي هدر للطاقات في غير أماكنها


الصحيحة ، يكفي ما حصل حتى الآن من هدر …!!.






إن ما قدمته الأمة من ضحايا ، وشهداء في القرن الأخير يكفي لتحرير أرض


الأمة عشرات المرات ، لو أن الضحايا ، والشهداء ، والدماء قد بُزلت في


سياق نهج واضح للتحرير والنهوض والتنوير .


- لقد استغرق البعض في البحث عن النهج ، والمنهج الصحيح .


- وقدمّ البعض الآخر حياتهم ، ودماءهم ، شهداء في الفعل الميداني


المباشر .


واتهم الفريق الأول ، الفريق الثاني ، بأن الدماء التي تبذل لن تؤدي إلى


الهدف إلا إذا كانت في سياق منهج صحيح ، وأنها ستذهب هدراً .


و أجاب الفريق الثاني ، بأننا سئمنا تنظيراً ، ونظريات ، وكلاماً …


وذهبوا إلى الشهادة في طرق قد يعرفون مآلها ، وقد لا يعرفون .


الآن ، وبعد التجربة المرة ، نجد في كلا الموقعين شيئاً من الحق ، وأشياء


من الباطل ، فلا الاستغراق في التنظيّر يحرّر الأمة وينهض بها ، ولا نبل


الشهادة ، وطهارة الدماء تحصّن الفعل ، و تؤدي إلى تحقيق الأهداف ، و


المشهد أمامنا بالغ الثراء ، ( إنهم يخوضون بدماء الشهداء حتى الركب


لمصافحة القتلة ، والنكوص عن الأهداف التي استشهد في سبيلها الشهداء ،


وللأسف الشديد فإن الدماء العربية في الغالب مازالت ُتسفك في غير


ساحاتها ) .






(10)






السؤال المطروح بقوة علينا جميعاً : كيف نحصّن الشهداء ، فلا تذهب دماؤهم


هدراً ؟ كيف نحترم دماء الشهداء ، ونحصّنها دون أن يستخدمها الأعداء ،


والخونة مداداً في أقلام توقيع صفقات الخيانة ، والعدوان على الأمة


العربية …..؟






إن هذا لن يكون إلا بالكف عن المماحكات العقيمة لتحديد الخيار بين ضرورة


الغوص في الواقع ، وبين ضرورة الغوص في التنظير ، وذلك بالتعامل الإيجابي


مع عناصر التحرر والتغيير وضبطها في معادلة واحدة للفعل الإيجابي على


المسار الصحيح ، فيغتني الفكر والإبداع ، ويتصلب في أتون المعارك ، و


تطمئن أرواح الشهداء بأنهم بذلوا أرواحهم على الطريق الصحيح إلى الأهداف


التي افتدوها بأرواحهم ، وأنه لن يتم العبث فيها .






إن تحقيق الشروط الضرورية لبناء هذا المعادل الإيجابي للعمل الثوري


التحرري النهضوي ، التنويري ، يتوقف على مقدرة العرب على الخروج من نهج


الفتنة ، وبأن نضع حداً لعصر الفتنة في رؤوسنا ، فنقرّ : أن معارك داحس


والغبراء قد انتهت ، قومياً ، وأن معارك الجمل وصفين قد مضى عليها


الزمن ، إسلامياً ، وأن هذا الجيل العربي ليس مسئولاً ، لا عن هذه ، ولا


عن تلك ، و من غير المقبول ، ولا المعقول قومياً ، وإسلامياً أن يفرض


على جيلنا ، وعلى الأجيال العربية القادمة ، أن تبقى حبيسة تلك الفتن ،


بينما الوطن العربي والعقيدة الإسلامية ، كليهما ، في أشد درجات الحرج ،


والخطر ، والحصار .... .






(11)






في حدود المراجعة الصحيحة ، والتدقيق الصائب ، نقول أنه لم يوجد في


التاريخ العربي تيار قومي عربي ، وتيار آخر إسلامي ، بالمعنى الصحيح ،


فلا القوميين العرب الذين ناهضوا المكون الإسلامي للأمة العربية كانوا


قوميين ، ولا الإسلاميين العرب الذين ناهضوا القومية العربية كانوا


إسلاميين ، بل لابد من التأكيد على أنه ، وعبر التاريخ العربي المعروف ،


ومنذ الرسالة التي تلقاها جدنا العربي محمد بن عبد الله "ص" أضحت عقيدة


التوحيد القومي العربي هي عقيدة العرب المسلمين ، وغير المسلمين من


العرب ، و بهذه العقيدة التي توهجّت في صدور الجنود العرب تمّ استئصال


القبلية من العقل العربي ، بعد أن تشكلتّ " أسر الثورة " في يثرب حيث


تتكوّن كل أسرة من ثلاثة ، أو خمسة أفراد من قبائل عربية مختلفة يتعاهدون


فيما بينهم على الأخوة الكاملة في كل شيء ، والمشاركة في كل شيء إلا ما


حرمه الله ... وكان ذلك على حد علمنا أول تنظيم نضالي شعبي في التاريخ


البشري كله ، ثم اندفعت تلك الأسر المؤمنة منضبطة تحت قيادتها المركزية


فهزمت القبلية محلياً ، وواجهت في وقت واحد ، وفي معركة واحدة متعددة


الساحات ، موحدة الأهداف كل أشكال العدوان الخارجي على الأمة فأبعدت


المعتدين عن أرض الأمة شرقاً ، وغرباً ، وشمالاً ، وجنوباً . وتم


التفاعل الإيجابي بين الشعوب والقبائل التي كانت تقطن هذه الأرض العربية


الطهور بين المحيط والخليج، واكتمل الوجود القومي للأمة العربية ، ومنذ


ذلك التاريخ بات النكوص عن هوية الأمة العربية الواحدة وتكوينها


المكتمل ، رجعية، وعدوان على الأمة العربية أفراداً وجماعات مهما كان


اللبوس إثني ، أو ديني ، أو اجتماعي ، وإلى آخرهم.






(12)






فهل يستطيع عاقل ، بعد هذا كله أن يمّيز بين عنصري العروبة ، والإسلام


في تحقيق هذا الانتصار على القبلية والفتن الداخلية من جهة ، وعلى الغزاة


الخارجيين من جهة أخرى والذي أدى إلى اكتمال التكوين القومي للأمة


العربية :






- هل كان هذا النصر بفعل العروبة …؟






- هل كان هذا النصر بفعل الإسلام …؟






- أبهذا النصر انتصرت العروبة على الإسلام …؟






- أم بهذا النصر انتصر الإسلام على العروبة …؟






لقد كان نصراً بالعروبة ، و بالإسلام التوحيدي معاً ، لا بعروبة


القبائل ، ولا بإسلام المذاهب ، وكان انتصاراً للعروبة ، وللعقيدة معاً ،


هذا الانتصار الذي فتح أبواب العالم لتغيير النظام العالمي الفاسد الذي


كان سائداً في تلك الأيام ، ولم يتوقف التقدم إطلاقاً ، لأن وهناً أصاب


سواعد الرجال ، أو وهناً أصاب عقيدتهم .. و لكنها الفتنة التي ضربت


المركز فامتدت آثارها إلى الأطراف، فعاد عرب المركز يقتتلون ، قبائل ،


و أسر ، ومذاهب ، وامتد ذلك إلى المسلمين غير العرب ، فخفت التوهج هنا ،


وهناك ، وعاد طواغيت النظام العالمي الفاسد يتحكمون بالعرب الذين عادوا


نتفاً ممزقة ، بالعالم كله ، وإلى يومنا هذا . وهذا يقودنا للسؤال عن، ما


هي مرتكزات ، وعناصر النهضة والتحرر العربي …؟‍






هل هي مرتكزات التوحيد العقائدي ، والتوحد القومي ، أم هي مرتكزات الفتن


القبلية والفتن المذهبية ؟؟ .






ذلك ، أنه لا يمكن لنا أن نكون بشراً أسوياء ، كما أردانا الله سبحانه


وتعالى ، أن نحمل النقيضين معاً .






فإما أن نحمل الفتنة في رؤوسنا ، ونمضي معها إلى حيث تتجه الآن من قبلية


تتمثل بالنظام الإقليمي التابع الذي يحتل أرضنا ويتحالف مع الصهاينة


لتحقيق وظائف نظام القرصنة الدولي ، تماماً كما كانت تفعل القبائل


الجاهلية التي كانت تعمل لحساب الفرس ، أو الروم ؟ ، وإما أن نحمل الأمة


الحقة والعقيدة الحقيقية معاً في رؤوسنا ، فنمضي بهما إلى حيث التحرر


والانعتاق والتوحد القومي ، والنهضة ، والتطور ، والتنوير ، ومن ثم نمضي


مع جميع قوى التحرر والأنسنة في هذا العالم لتغيير هذا النظام الدولي


الفاسد ؟ ، إنه الخيار ، والاختيار في هذه اللحظات الحاسمة من تاريخ


أمتنا.






(13)






إن الفتنة بين القوميين العرب والإسلاميين العرب ، لم تنحصر على


الإطلاق بينهما فتفصلهما إلى تيارين ، و إنما كانت تؤدي من حيث تفاعلاتها


السلبية إلى فتنة داخل الإسلاميين العرب أنفسهم ، و إلى فتنة داخل


القوميين العرب أنفسهم ، أيضاً ، فنقع بذلك في مستنقع ثلاثة أنواع من


الفتن :






أولاً : فتنة بين القوميين ، والإسلاميين .






ثانياً : فتنة بين الإسلاميين ، والإسلاميين .






ثالثاً : فتنة بين القوميين ، والقوميين .






لهذا فإن نجاح "المؤتمر القومي – الإسلامي" في ردم الفتنة بين القوميين


العرب ، و الإسلاميين العرب يؤدي في الوقت ذاته إلى ردم الفتنة بين


القوميين والقوميين ، وإلى ردم الفتنة بين الإسلاميين والإسلاميين ،


أيضاً، ويفتح الطريق واسعاً إلى وهج من التحرر ، والتحرير لن يقتصر أثره


على الأمة العربية ، وإنما سيشمل الإنسانية بأسرها .






(14)






المهم أن نتفق على أننا تيار واحد على امتداد الساحة القومية للأمة


العربية ، وأنه ليس بيننا ، وبين بعضنا البعض منتصر ومهزوم ، فإما إن


ننتصر معاً ، وإما أن ُنهزم معاً .. فلم ينتصر العرب ، يوماً ، على حساب


هزيمة الإسلام ، ولم ينتصر الإسلام يوماً على حساب هزيمة العرب.






فعوامل الهزيمة عندما كانت تحلّ ، كانت تشمل العروبة ، والإسلام معاً ،


وعندما كانت تتوفر عوامل النصر كان يشملهما معاً ، و لهذا قلت ، أنني لا


أجد مكاناً لواو العطف بين العروبة الحق ، والإسلام الجوهر ، إنهما كيان


عضوي واحد في عنصرين متكاملين .






(15)






لا يجادل أحد في هذه الدنيا ، أن الرسالة التي حملها خاتم النبيين


جدنا العربي محمد بن عبد الله "ص" موجهة إلى الإنسانية كافة ، إلى


الإنسان أينما وجد على أرض هذا الكوكب ، و إلى أجل مستقبل من الزمان لا


يعلمه إلا الله .






لكن هذا لا يعني أنها رسالة هائمة فوق الوقائع ، والحقائق التاريخية


والاجتماعية والجغرافية والإثنية ، و إنما كانت الرسالة استجابة إلهية


لحاجات ملحة ، وفي سياق رسائل إلهية تعاقب نزولها إلى البشرية حملها


الأنبياء الذين جاء ذكر بعضهم في القرآن الكريم ، وكانت هذه الرسالة هي


الرسالة الإلهية الأخيرة للبشرية "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق" ،


بهذا المعنى فإن تلك الرسالة العظيمة قد حملت فيما حملت هذا القرار


الإلهي الذي لا راد له بأن التدخل الإلهي المباشر في حياة البشر


تقويماً ، وتصويباً عن طريق الأنبياء والرسل والرسالات الإلهية قد


انتهى ، وأن على الإنسانية ، وقوى الحق ، والعدل أن تتحّمل من الآن


فصاعداً مسؤولية إبداع الأساليب ، وتوفير الإمكانيات لمواجهة قوى الظلم


والطاغوت ، والاستبداد والاستغلال ، فالمهمة أصبحت منوطة بها استناداً


إلى قواعد رسختها الرسالات الإلهية للبشرية المتعاقبة .






(16)






ليس صدفة ( و حاشا لله أن ينسب إليه ذلك أحد ) أن الجماعة البشرية التي


خاطبتها الرسالة الختامية مباشرة ، والتي جاءت الرسالة بلسانها وبقصص


مغروسة في تاريخها هي تلك الجماعات البشرية التي تقطن وتنزاح تجوالاً في


هذه الأرض العربية الطهور ، والتي كانت مهبط الوحي للرسالات الإلهية


السابقة عليها ، والتي تتابعت تمهد الواحدة للأخرى فهي ليست رسالات من


السماء وحسب ، وإنما موضوعها هو تلك الجماعات البشرية العربية لتتجاوز


الطغيان والفساد والفرقة والتخلف .






وإذا كانت هذه الأرض العربية الطهور محط أنظار الإنسانية لتتلقى منها


الإشعاع الحضاري والرسالات الإلهية في الوقت ذاته ، فإنها كانت عبر


العصور ، وحتى هذه اللحظة من التاريخ الإنساني هدفاً للقرصنة ، والغزاة ،


والطواغيت من كل مكان في هذا العالم .






فما من قوة على هذه الأرض ، وما من طاغية أراد أن يمد طغيانه على


العالم ، أرادت ، أو أراد أن يكون لهما شأن في السيطرة على هذا العالم


إلا وأدركوا أن ذلك يتوقف أولاً وأخيراً على الاحتفاظ بموقع قدم على هذه


الأرض العربية ، و هكذا فإن صراع القبائل ، والعشائر ، والشعوب في الداخل


العربي على الأرض العربية ، اختلط بالصراع على هذه الأرض بين القوى


الغازية من الخارج ، وأضحت الصراعات المحلية في الوطن العربي تدخل في


سياق الصراع الدولي على العالم .






(17)






في هذا السياق ، فإن حاجة البشرية إلى الرسالات الإلهية تم إشباعها


ببعثات الأنبياء والرسل ، يحملون الرسالات المتعاقبة التي لم تقتصرْ في


جوهرها على الدعوة لعبادة الله الواحد الأحد ، وإنما تدعو إلى ذلك ، في


سياق دعوة البشرية للانعتاق من العبودية للظالمين ، ومن عبادة أصنامهم ،


والحث على مقاومتهم ، و تخليص البشرية من شرورهم ، وتوحشهّم ، وصولاً إلى


إحقاق الحقوق ، وترسيخ العدالة ، والمساواة بين البشر .






وإذا كانت الإرادة الإلهية ، التي لا راد لها ، قد اختارت هذه الأرض


الطهور حاضنة لرسالتها الموجهة للبشرية ، فإن ذلك تزامن ، وتواكب ،


وتفاعل مع القوى الموجودة على الأرض ، فانحازت لها قوى التحرر ،


والإنعتاق ، والعدالة ، والحق في الوطن العربي ، وقبضت عليها كالقابض على


الجمر ، وفي الوقت ذاته فقد قاومتها ، ووقفت في طريقها قوى الطاغوت


والظلم ، فحاربتها بكل ما تملك ، ولهؤلاء المؤمنين بها امتداد على ساحة


الإنسانية كلها ، ولأولئك المتضررين منها امتداد على مدى ساحة الإنسانية


كلها أيضاً .






(18)






هكذا ، وعلى هذه الأرض العربية الطهور ، بالذات ، تفاعل ما هو حاجة


بشرية ، بما هو مطلب إلهي .






وهكذا أيضاً أصبح مصير البشرية يتوقف على أن تتمكن سفينة نوح من الإبحار


من هنا ، من أرض العرب ، أو يعمّ الطوفان فتتمكن قوى الطاغوت والظلم من


محاصرة هذا الميناء العربي المقدس الذي استقبل الرسالات الإلهية حيث


انطلقت بها ، ومنها ، سفن النجاة العربية للبشرية جمعاء ، في مواجهة


أساطيل الدمار التي يطورها القراصنة لإخضاع العالم للطاغوت ، أو تدمير


البشرية تماماً والمعادلة مازالت هي ، هي .






هكذا على هذه الأرض الطهور تفاعلت شرائع حمورابي مع شرائع أخناتون ،


وملاحم جلجامش ، مع حضارة بلقيس ، وأوغاريت ، وحروب الهكسوس مع حروب


نبوخذ نصر ، وقوارب البردي مع قوارب الفينيق ، وتغريبة بني هلال مع


تشريقة الزير سالم ، وتمرد زنوبيا مع تمرد النعمان ، ومعارك ذي قار مع


حروب أبرهة ، ومقاومة الفرس مع التصدي لظلم البيزنط . ثم إعلان حلف


الفضول الذي تزامن إعلانه مع استعداد هذه الأرض الطهور لتلقي الرسالة


الإلهية الختامية للبشرية .






( 19)






لقد تفاعل ما كان يجري على الأرض العربية بما كان يهبط من السماء ،


وتم التفاعل والفرز هنا على أرض العرب ، ثم على صعيد العالم ، فتحالفت


قوى الظلم والطاغوت ، هنا ، مع قوى الظلم والطاغوت في العالم ، بينما


حملت قوى الحق رسالات العدالة والحرية إلى العالم ، فالتقت بقوى التحرر


والعدالة على الصعيد الإنساني كله .






هكذا حمل جدنا إبراهيم الخليل فأسه ، وحطم أصنام قومه ، ولننتبه ، هنا ،


فقبل إبراهيم الخليل عليه السلام كانت القبائل تحطمّ آلهة بعضها ، بعضاً


دفاعاً عن آلهتها هي . أما الآن فنحن أمام حالة نوعية ، فجدنا إبراهيم


الخليل لم يحطمّ أصنام وآلهة الأقوام الأخرى ، وإنما حطم أصنام قومه ،


هو ، وتحدى مماحكاتهم ، وطرح جدوى الصنمية ، والتصنيم ، والنمردة ، و


عندما ُبعث موسى عليه السلام تحدى ظلم الفراعنة ، ومهد لرسالة جدنا


المسيح عليه السلام الذي حمل صليبه رافضاً ظلم وطاغوت القوى الغاشمة


وعبودية الإنسان للمال ( إن دخول جمل من سنام إبرة أسهل من دخول الأغنياء


الجنة ) ، و إذا كان الطواغيت قد تمكنوّا من السيد المسيح ، فإن قلة من


حوارييه انطلقوا إلى العالم لا يملكون إلا تعاليم أستاذهم التي اخترقوا


بها مراكز الطاغوت العالمي ، في ذلك الوقت ، فمنحوا العالم نصف دينه


السماوي خلال سنوات قليلة . وبعد ذلك ُبعث جدكم محمد بن عبد الله "ص"


بالرسالة الختامية للبشرية فحملها رسل مشبعون بالعقيدة والعدالة


والمساواة بين بني البشر إلى مراكز الطاغوت مرة أخرى في هذا العالم


فمنحوا العالم نصف دينه الآلهي الآخر ، ورفعوا الظلم عن الجماعات البشرية


العربية ، فتفاعلت تلك الجماعات البشرية على أرضها بعد أن ارتفع عنها


الغزو الخارجي ، والطغيان الداخلي ، واكتملت الأمة العربية بذلك


تكويناً ، و توحيداً ، ووضعت بصمتها لبناء نظام دولي عادل ، ومتوازن ،


وللذين ينسبون للأمة العربية ظلم الجماعات البشرية التي حكمتها خارج نطاق


الوطن العربي ، نقول : أن ذلك الظلم كان مرتبطاً بالانقلاب على الخلافة


الراشدة وقيام سلطة العائلات التي استبدت وطغت في الداخل العربي أكثر بما


لا يقاس من ظلم الغير ، وبالتالي فإن الأمة العربية وجوهر الرسالة تعرض


للظلم الشديد قبل أن يتعرض له الغير .






(20)






إننا لا نقول هذا لنعطي أنفسنا امتيازاً على البشرية ، نحن لا نسعى


إليه بل نرفضه ، لكننا نقوله في مواجهة دونية تفرض علينا هذه الأيام ،


فأما أن نقبل بأن نكون دون هذا العالم الذي يسمونه " عالم أول " و إما أن


يدمروا كل شيء ، إنها المعادلة التي يفرضها اليوم هذا النظام العالمي


الفاسد الظالم ، والتي نرفضها ، فنحن لسنا مناجم بترول وغاز، نحن أمة


الحضارة ، والرسالات .


صحيح أننا نرفض استغلال الآخرين ، لكننا نرفض أن نبقى موضعاً للاستغلال


ليس دفاعاً عن الأمة فقط ، و إنما دفاعاً عن إنسانية الإنسان المهدورة في


طاحونة الطاغوت الذي يحاصرنا بأساطيله وقواعد عدوانه.


استناداً إلى هذا كله و انطلاقاً منه دعونا نتفق على مواقف ثابتة من


قضايا مصيرية تهم الأمة والوطن والعقيدة في آن .






(21)


أولاً : الوحدة العربية :






إن النظام الإقليمي السائد في الوطن العربي لا ينسجم مع المفهوم الشرعي


الإسلامي، ويتعارض مع المفهوم القومي الحضاري لأنه وفق المصطلح الشرعي


الإسلامي قبلية جاهلية واستناداً للمفهوم القومي العقائدي عدوان إقليمي


على وجود الأمة .


كما أن الهدف الإنساني بالمصطلح القومي هو أن تكون للأمة رسالة إنسانية


للمساواة والعدل وبناء نظام عالمي متوازن، وهذا ما تعجز عنه الأمة في


حالة التجزئة، بل أنها هي ذاتها معرضة لعدوان غاشم من نظام دولي فاسد


يشملها ويشمل شعوب الأرض قاطبة ، ووفق المصطلح الإسلامي فإن الرسالة توجب


مقاومة الطواغيت الذين يستغلون شعوبهم ويستبدون بالعالم ، ونشر رسالة


الإسلام لا يعني بأي حال من الأحوال نشر الدين الإسلامي ، وحسب ، وإنما


يعني رفع الظلم عن البشرية ، وتحقيق العدالة ، والمساواة بين البشر ،


مهما كانت عقائدهم ، ودياناتهم ، وأعراقهم .


والأمة العربية التي هي مركز الدعوة الإسلامية لن تتمكن من حمل الرسالة


وهي معتدى عليها بالتجزئة والفرقة والعدوان الخارجي ، بل ، إنها وهي في


حالتها هذه ، ليست عاجزة عن مد يد العون للأخوة في الدين على صعيد العالم


وحسب ، وإنما عاجزة عن الدفاع عن العقيدة في نقطة المركز أيضاً .


وبالتالي فإن الوحدة العربية ضرورة إسلامية كما هي ضرورة قومية ، وهي


قضية يجب أن تتوحد الصفوف حولها ، وليست مسألة خلافية .






( 22 )






ثانياً : فلسطين :


إن فلسطين عربية ليس من البحر إلى النهر فتلك هي الحدود


البريطانية لفلسطين أما الحدود القومية لفلسطين فهي بين المحيط والخليج .










1 - فلسطين في المنهج القومي العربي التقدمي هي جزء من أرض الأمة ،


وطناً وجزء من أمة العرب ، شعباً ، وهي ملك للأجيال العربية المتعاقبة ،


وبالتالي فإن هذا الجيل من العرب بكامله لا يملك أن يتنازل عن شبر واحد


من أي جزء من الأرض العربية .


وهذا يعني أن كل العقود والمعاهدات بين سلطات ملكية أو جمهورية ، و بين


منظمات فلسطينية وغير فلسطينية ، وبين الصهيونية ، هي عقود ومعاهدات


باطلة لأنها تجري بين أطراف لا صفة لها قانوناً في التعاقد حول قضية لا


يملكون من أمرها شيئاً . إن الممثل الشرعي والوحيد للقضية الفلسطينية هو


الشعب العربي بأجياله المتعاقبة ، وبالتالي فإن الحقوق المخولة لهذا


الجيل من الشعب العربي محصورة بالحفاظ على الأرض القومية وحمايتها من


العدوان ، وبالتالي لا يملك أحد من هذا الجيل العربي أن يتنازل عن شبر


واحد من أرض فلسطين كائناً من كان .






فإذا كانت هذه هي حدود الحقوق المخولة للشعب العربي برمته ، فإن الحقوق


الممنوحة لبعض الدول الإقليمية أولها جميعاً والحقوق الممنوحة لمنظمة


التحرير الفلسطينية أو للمنظمات الفلسطينية برمتها دون ذلك بكثير ، إنها


تتصرف بما لا تملك إطلاقاً .










2 - أما فلسطين في الشرع الإسلامي فهي أرض حررّها العرب من السيطرة


الرومانية وهي ، كما شرّع علي بن أبي طالب قاضي دولة الخليفة الراشد عمر


بن الخطاب : "إن الأرض ملك للأمة لا تملك لأشخاص ، أياً كانوا، وإنما هي


ملك لأجيال الأمة المتعاقبين ، إن الأرض موضع للانتفاع بها ، وليست


موضعاً للملكية الشخصية" ، وبالتالي ، فإن كل هذا الجيل من المسلمين


برمته لا يملك أن يتنازل عن فلسطين ، أو عن جزء منها ، وإنما تنحصر حقوقه


بالدفاع عنها ، وحمايتها والانتفاع الإيجابي بها ، وحسب .


مرة أخرى نجد أن الموقف المنهجي القومي القيمّ ، والمنهج الشرعي الإسلامي


القويم متطابقان تماماً مع قضية فلسطين ، وبالتالي فإن تحرير فلسطين


ضرورة من ناحية الشرع والفقه الإسلامي ، وهي قضية قومية ومركزية في


المنهج القومي العربي التقدمي ، وبالتالي يجب أن تتوحد الصفوف حولها ،


وليست مسألة خلافية .






( 23 )






ثالثاً : الأراضي العربية المحتلة بعدوان 67 :






إننا وفي هذا المجال لن نحاسب الدول الإقليمية التي احُتلت بعض أراضيها


بعدوان 67 وفق المنهج القومي ، أو الشرع الإسلامي ، وإنما نطلب منها فقط


أن تلتزم حدود النهج الإقليمي الذي ارتضته هي ، ذلك أن تلك الدول قد


قامت ، وارتضت الحدود التي قامت عليها بموجب المعاهدات الاستعمارية


لسايكس وبيكو ، وغيرهم ، وبالتالي فتلك الحدود ملزمة إقليمياً


للحكام ، وبالأنظمة والقوانين التي تأسست عليها .






لذلك فإن سلطات الدول الإقليمية لا تملك شبراً واحداً من الأرض خارج


حدودها الإقليمية ، ولا تملك أن تفاوض عليه ، أو تقايض به ، أو تتنازل


عنه ، أو يكون موضوع صفقة بينها ، وبين الصهاينة .






وبالتالي ، ووفق المنهج الإقليمي ذاته ، فإن سلطات الدول الإقليمية تملك


أن تستعيد أرضها بكل الطرق والوسائل المتاحة شريطة أن لا تعتدي على أرض


الغير ، وحقوق الغير ، في فلسطين ، وغير فلسطين ، بمعنى أن الاعتراف


"بدولة إسرائيل" هو عدوان صارخ على فلسطين المجاورة التي يدور فيها نزاع


غير محسوم حتى الآن : لمن الأرض ؟ للفلسطينيين العرب ؟ أم للصهاينة


الغزاة ؟ . بهذا المعنى القانوني الحقوقي فإن الاعتراف "بدولة إسرائيل"


هو عدوان على حقوق الفلسطينيين ...






إن حدود الدول الإقليمية المحتلة أراضيها وفق المنهج الإقليمي في التفاوض


تقف عند حدودها الإقليمية مع فلسطين ، ولا تتعداها ، وسلطات الدول


الإقليمية في الوطن العربي كانت تدعّي منذ 15 / 5 / 1948 وحتى 19 / 11 /


1977 أنها تقرّ بأن أرض فلسطين ، للفلسطينيين بعد ذلك التاريخ بدأ


المسلسل العلني للاعتراف "بدولة إسرائيل" من قبل النظام الإقليمي حتى


الذين لم يشهروا اعترافهم بعد التزموا ما أسموه المبادرة العربية ، وهي


لا عربية ولا يحزنون .






الآن نحن لا نطالب الدول الإقليمية المحتلة أراضيها أن تحرّر فلسطين ،


ولا حتى أن تعتبر أرض فلسطين للفلسطينيين ، نطالبها فقط أن تقف على


الحياد ، وأن لا تقر أن أرض فلسطين أو بعضها للصهاينة ، لأنها بذلك


تتجاوز حدودها الإقليمية ، وتشترك في العدوان على أرض فلسطين ، بحجة


استرجاع أراضيها الإقليمية .






( 24 )






رابعاً : الأراضي المحتلة على التخوم والثغور العربية :


إن الموقف من هذه الأراضي وفق المنهج القومي والنهج الشرعي الإسلامي


يتطابق تماماً وينطبق عليها تماماً ما قلناه عن فلسطين .






خامساً : العراق :


إن العدوان على العراق ، واشتراك دول النظام الإقليمي في الوطن العربي في


إحكام الحصار على العراق ، وتسخير الأرض العربية من قبل بعض الدول


الإقليمية كقواعد للعدوان على العراق ... ومن ثم احتلاله ، إن ذلك كله


عدوان على الأمة العربية جمعاء ، وقد فضح ذلك العدوان أن القواعد


الأمريكية ، والبريطانية في الوطن العربي هي بكل المقاييس ، واستناداً


إلى الوظائف ، والمهام هي عبارة عن "دول إسرائيلية أخرى" في الوطن


العربي ، كاملة المواصفات ، أو أشد خطراً ، وفتكاً .






( 25 )






خاتمة :






إن أمتنا العربية على وشك أن تدخل مرحلة جديدة من مراحل صراعها الطويل مع


قوى العدوان والهيمنة الدولية وامتداداتها وقواعدها ودولها على أرض


العرب ، وإن الصراع لم ينته كما يتوهم أطراف اتفاقيات النظام الشرق


أوسطي ، والراعي الأمريكي ، إن الصراع الحقيقي والجذري على وشك أن


يبدأ ، كما يجب ، بعد أن انكشف المستور .. إنها معركة طويلة ، ومتعددة


الأطراف ، ومتشعّبة ، ومفتوحة ، وفي معركة كهذه ، فإن الأمة ستعرف كيف


تعزّز قواها الحية ، وتستجمع عناصرها الإيجابية ، وطوبى لمن يتقدم


الصفوف .






وإذا كانت رياح الفتنة ، وأفكارها ، ومذاهبها ، وطوائفها ، وعصبياتها ،


ودويلاتها ، وكهنتها ، قد عصفت بالأمة والوطن ، واغتالت الحلم


الإنساني بعالم عادل متوازن، وإذا كانت قوى الطاغوت والشر قد عادت مرة


أخرى تحاصر هذه الأرض الطهور بأساطيل الغدر والعدوان ، والتهديد من كل


حدب وصوب ، وإذا كانت قوى الطاغوت المحلي تتعاون مع قوى الطاغوت الدولي


فتزرع هذه الأرض الطهور خرائط وحدوداً شائهة وقواعد للمعتدين حيث يطبق


على صدورنا هذا الليل العربي الحالك السواد ، فما أحوج هذه الأمة


العربية ، الآن ،إلى النهوض الشامل ، لتستعيد إرادتها ، وقرارها ، وإذا


كان هناك من افتعل مشكلة بين العروبة والإسلام ، بين الوطن والإسلام ،


فإننا نقول إن هذا الوطن العربي هو وطن العروبة والإسلام معاً .. هو وطن


إبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ، هو وطن حمورابي وأخناتون ، هو وطن عشتار


ونفرتيتي وزنوبيا وبلقيس ... والحديث ذو شجون نأمل أن يكون لها نهاية ،


ففي لجة هذا الليل العربي الحالك السواد بوادر بريق ينطلق من السماء


يتفاعل مع صرخة تتفجّر فيها هذه الأرض الطهور ، ويتردد صداها في كل مكان


من هذا العالم ، أن أفعلوها أيها العرب ..... افعلوها مرة أخرى ....


فالإنسانية في محنة ، وأنتم لها ‍‍‍!!






والسلام على من اتبع الهدى ... الهدى ... الهدى ...










حبيب عيسى


E-mail:habib.issa@yahoo.com






--



الارشيف

المتواجدون الآن